تشهد مصر تحت حكم السيسي زعيم الانقلاب تحولاً جذرياً في مكانتها الإقليمية والدولية، حيث أصبحت تعتمد بشكل كبير على الديون الخارجية والقروض من مؤسسات مالية دولية ودول خليجية، ما أدى إلى تراجع ملحوظ في استقلالية قرارها السياسي.
وباتت القاهرة اليوم محكومة بمتطلبات الدول الدائنة والشروط القاسية التي تفرضها المؤسسات الدولية.
هذا التحول من دولة كانت تحظى باحترام دولي وقرار سيادي إلى شبه دولة تابعة يعيد للأذهان موقف الرئيس الشهيد محمد مرسي خلال حرب غزة عام 2012، حين أكد بقوة دعمه للفلسطينيين قائلاً: "لن نترك غزة وحدها".
إرث الدكتور مرسي ودعم غزة
في عام 2012، عندما اندلعت الحرب على غزة، أظهر الرئيس الشهيد محمد مرسي دعماً صريحاً للشعب الفلسطيني وأرسل رسالة قوية إلى العالم تعبر عن التزام مصر بدورها العربي والإقليمي.
قالها الرئيس مرسي بوضوح، "لن نترك غزة وحدها"، مؤكداً على التضامن الكامل مع الفلسطينيين في مواجهة العدوان الصهيوني.
لم يتردد الرئيس مرسي في انتقاد ممارسات الاحتلال واعتبر موقفه من غزة تأكيداً على أن مصر قوة إقليمية تدافع عن الحق العربي والإسلامي، رافضاً أي ضغوط للتخلي عن هذا الموقف.
هذا الموقف لم يقتصر على التصريحات فقط، بل تمثّل في استجابة سريعة من الحكومة المصرية لاحتياجات غزة، حيث فُتح معبر رفح لدخول المساعدات، ونُقل الجرحى إلى المستشفيات المصرية.
لم تكن مصر في تلك الفترة مكبلة بقيود ديون أو رهينة لضغوط خارجية، كانت قادرة على اتخاذ موقف مستقل يضمن لها مكانة محترمة في المنطقة ويدعم حلفاءها العرب، مما جعل صوتها يُسمع بوضوح على الساحة الدولية.
عبء الديون وافتقاد القرار المستقل
اليوم، وعلى العكس من ذلك، نجد أن مصر تئن تحت وطأة الديون الخارجية المتزايدة بشكل غير مسبوق.
منذ استيلاء السيسي على الحكم، ارتفعت نسبة الدين العام بشكل ملحوظ وأصبحت مصر تعتمد على القروض بشكل أكبر لتسيير شؤونها، ما أثقل كاهل الدولة وقلّص من هامش القرار السياسي.
هذا التوجه نحو الاستدانة ليس فقط أثّر على سيادة مصر بل جعلها مضطرة لمراعاة مصالح الدول الدائنة، لا سيما دول الخليج وصندوق النقد الدولي، وهو ما دفع البعض إلى وصف مصر بأنها "دولة تابعة" لم تعد تمتلك قرارها الحر.
الاعتماد الكبير على القروض جعل حكومة السيسي مضطرة للامتثال لشروط قاسية فرضتها المؤسسات المالية الدولية، مثل خفض الدعم على السلع الأساسية، وتطبيق سياسات تقشفية زادت من أعباء المواطنين، ما خلق حالة من الاستياء الشعبي.
ولم تعد مصر قادرة على اتخاذ مواقف حازمة أو مستقلة، بل صارت مجبرة على اتباع سياسات تتماشى مع رغبات الأطراف الخارجية.
المصريون في الخارج: من التكريم إلى الذل
هذا التراجع في المكانة السياسية لمصر على الساحة الدولية انعكس على أوضاع المصريين في الخارج، حيث يعاني المصريون من تدهور صورتهم والتعرض لمعاملة أقل احتراماً من ذي قبل.
فقد شهدت الإمارات واقعة مثيرة للجدل تتعلق باللاعبين المصريين، حيث تم الحكم عليهم بالسجن، وهو ما أثار استياءً واسعاً بين المصريين.
ورغم مناشدات الشعب المصري وتدخلات حكومة السيسي، لم يتم حل القضية بشكل مرضٍ، ما كشف عن مدى ضعف تأثير القاهرة في حماية مواطنيها في الخارج.
هذا الموقف المحرج يعكس التراجع الكبير في مكانة مصر، إذ لم تعد قادرة على الوقوف بحزم إلى جانب أبنائها المغتربين وحمايتهم من الممارسات المسيئة.
وقد أصبح من الواضح أن هذه الوضعية تعود بشكل مباشر إلى اعتماد البلاد على القروض الخارجية وافتقادها للسيادة على قراراتها.
الخاتمة
في الوقت الذي كانت مصر فيه تتمتع بنفوذ إقليمي ودور قيادي في دعم القضايا العربية، كما كان الحال خلال فترة رئاسة الدكتور محمد مرسي، أضحت الآن دولة مكبّلة بشروط الديون والتبعية لدول ومؤسسات خارجية تحت حكم السيسي العسكري.
ويستذكر المصريون اليوم موقف الرئيس مرسي من غزة، حين كانت مصر تقف إلى جانب الحق، وتساند أشقاءها دون خوف أو تبعية.