تتجه الحكومة المصرية نحو خطوة مثيرة للجدل تثير الكثير من التساؤلات والقلق بشأن مستقبل السيادة الوطنية. فقد أعلنت عن خطط لبيع حصص من مطارات البلاد، بما في ذلك مطار القاهرة الدولي، إلى مستثمرين أجانب. تأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة من القرارات المشبوهة التي تتضمن بيع أصول استراتيجية، في وقت تواصل فيه السلطات اتخاذ إجراءات تهدف إلى تحصيل عملة صعبة من أجل تعزيز احتياطات النقد الأجنبي المتآكلة وسد العجز المتزايد في الميزانية العامة. إن مثل هذه القرارات تُعتبر قنبلة موقوتة في يد النظام، حيث يراها الكثيرون تهديدًا مباشرًا للسيادة الوطنية والأمن القومي، ووسيلة لتكبيل البلاد تحت وطأة تبعية اقتصادية متزايدة. يتساءل الكثيرون: هل أصبحت مرافق مصر الحيوية مجرد سلعة تُباع لأعلى مزايد في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من ضغوط اقتصادية وسياسية خانقة؟ لماذا البيع؟ أزمة الاقتصاد المصري في الواجهة تأتي هذه الخطوة بينما يمر الاقتصاد المصري بأزمة خانقة، تفاقمت بسبب تراجع عائدات السياحة والاستثمارات الأجنبية، وانخفاض تحويلات المصريين العاملين في الخارج، وزيادة الديون الخارجية. في هذا السياق، تبدو الحكومة عاجزة عن إيجاد حلول فعالة، مما دفعها نحو اتخاذ تدابير جذرية من بينها بيع بعض الأصول الحكومية الاستراتيجية. على الرغم من زعم النظام أن بيع حصص من المطارات أو تأجيرها سيسهم في تعزيز الإيرادات وتقليل العجز المالي، فإن هذه السياسة تطرح تساؤلات جدية حول مدى استدامتها وفائدتها على المدى الطويل. فبينما قد تعالج هذه الخطوات مشاكل مالية مؤقتة، إلا أنها تُعرّض البلاد لمزيد من الأزمات مستقبلاً عندما تجد نفسها بلا موارد تكفي لتوليد إيرادات مستقرة. مطار القاهرة الدولي .. بوابة مصر الأساسية في المزاد بين المطارات المطروحة للبيع، يبرز مطار القاهرة الدولي، الذي يُعتبر الأهم والأكثر ازدحامًا في البلاد. يشكل هذا المطار بوابة مصر الرئيسية أمام العالم، مما يجعله أحد أصول الدولة الأكثر قيمة من الناحيتين الاقتصادية والأمنية. وبالتالي، فإن طرحه للبيع يعد خطوة غير مسبوقة ومثيرة للقلق، حيث يضع مستقبل السيادة الوطنية في خطر. يؤكد المحللون أن الاستثمار الأجنبي في مثل هذه الأصول الحيوية قد يُضعف قدرة مصر على التحكم في هذا المرفق الاستراتيجي، مما يجعلها عرضة لضغوط خارجية قد تُجبر الحكومة على التخلي عن مزيد من السيطرة لصالح المستثمرين. التداعيات الأمنية والسيادية إن بيع المطارات، وخاصة مطار القاهرة الدولي، ينطوي على مخاطر أمنية جسيمة. فالمطارات تمثل نقاطًا استراتيجية حساسة للتحكم في دخول وخروج الأفراد والبضائع من البلاد. وفي حال انتقلت ملكية أو إدارة هذه المطارات إلى جهات أجنبية، فإن ذلك سيُعرّض سيطرة السلطات المصرية على هذه المرافق الأساسية للخطر، مما يزيد من المخاطر الأمنية ويهدد السيادة الوطنية. يرى معارضو هذه الخطوة أن التفريط في أصول حيوية مثل المطارات والموانئ يشكل سابقة خطيرة قد تؤدي إلى تقليص دور الدولة في حماية مواطنيها من أي تهديدات خارجية. يجب على مصر أن تتعلم من الدول المتقدمة التي تضع قيودًا صارمة على بيع أو تأجير أصولها الحيوية، حفاظًا على الأمن القومي. التأثير على السيادة الاقتصادية إلى جانب المخاطر الأمنية، يُعد بيع الأصول الوطنية تهديدًا للسيادة الاقتصادية، حيث يصبح البلد عرضة لضغوط مستمرة من المستثمرين الأجانب الذين قد يفرضون شروطًا تُقيد قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات مستقلة. هذا يمكن أن يؤدي إلى تآكل النفوذ الوطني وزيادة الاعتماد على الخارج في ظل المنافسة المحتدمة على الاستثمارات. بدائل اقتصادية تغني عن البيع بدلاً من اتخاذ خطوات كارثية كبيع الأصول، ينبغي أن تبحث الحكومة عن سياسات اقتصادية أكثر استدامة. يمكن تعزيز الاستثمار في القطاعات المحلية مثل الصناعة، والسياحة، والزراعة، والتكنولوجيا لتوفير فرص عمل جديدة وزيادة الصادرات. يجب التركيز على تحسين إدارة المؤسسات الحكومية وتعزيز الرقابة للحد من الفساد، والذي يُعد أحد الأسباب الرئيسية للهدر المالي. تحسين الكفاءة في استخدام الموارد يمكن أن يُسهم بشكل كبير في تحسين الوضع الاقتصادي، دون الحاجة إلى بيع الأصول الاستراتيجية. في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، تظل التساؤلات مشروعة حول جدوى سياسات بيع الأصول الحيوية ومدى تأثيرها على استقلالية مصر وسيادتها. إن بيع مطار القاهرة الدولي ومطارات أخرى يُعد انعكاسًا لتوجه خطير يثير المخاوف حول تفريط الدولة في ممتلكاتها الرئيسية. يجب أن تسعى الحكومة إلى حلول أكثر استدامة تعتمد على إصلاحات اقتصادية جادة تُعزز من قدرات الدولة على تحقيق نمو داخلي حقيقي، بعيدًا عن بيع الأصول، الذي يُعتبر مجرد حل مؤقت للأزمة المالية الراهنة. الحفاظ على السيادة الوطنية يبدأ من الحفاظ على الأصول الاستراتيجية التي تمثل شريان الحياة للاقتصاد الوطني وأمن المواطنين.

