كشفت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية في تقرير حديث أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل تعزيز وجوده العسكري في محور فيلادلفيا، المنطقة المحاذية للحدود المصرية مع قطاع غزة. وتضمنت هذه التحركات بناء مواقع عسكرية وتكنولوجية، مما يثير تساؤلات حول استمرار الوجود الإسرائيلي في تلك المنطقة وتأثيره على العلاقات الإقليمية، خاصة فيما يتعلق باتفاقية السلام مع مصر وصفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، وسط صمت لافت ومثير للجدل من السلطات المصرية. لكن السؤال الأكبر هنا: هل هذا الصمت يعكس مجرد تردد أم هو خيانة وتأييد ضمني لحصار غزة؟

تعزيز الاحتلال وتطوير البنية التحتية
وفقًا لـ"معاريف"، يواصل الجيش الإسرائيلي بناء وتطوير بنية تحتية جديدة في محور فيلادلفيا، تشمل إنشاء طرق مرصوفة من شاطئ البحر في رفح إلى معبر كرم أبو سالم، بالإضافة إلى إنشاء نقاط عسكرية وخطوط إنارة واتصالات متطورة. تعكس هذه التحركات نية واضحة لتعزيز الوجود الأمني الإسرائيلي في المنطقة الحساسة، وهو ما يعتبره البعض استمرارًا للاحتلال الإسرائيلي في منطقة يفترض أنها خالية من التدخل العسكري بعد اتفاقيات السلام مع مصر.

إلى جانب ذلك، تقوم إسرائيل بتطوير وسائل تكنولوجية متقدمة في المنطقة، ما يشير إلى رغبة في ترسيخ وجود دائم على طول الحدود مع غزة ومصر. ورغم هذه التحركات الواضحة، يظل الصمت المصري مقلقًا ومثيرًا للتساؤلات حول مدى التزام القاهرة بحماية سيادتها والحدود المشتركة مع قطاع غزة.

صمت السلطات المصرية.. تردد أم خيانة؟
التحركات الإسرائيلية في محور فيلادلفيا تأتي وسط صمت غريب من السلطات المصرية. هذا الصمت أثار تكهنات وتساؤلات كبيرة في الأوساط السياسية والشعبية: هل هذا مجرد تردد في اتخاذ موقف حاسم بسبب الضغوط الدولية، أم أن هناك موافقة ضمنية أو حتى خيانة للموقف الفلسطيني بتأييد غير مباشر لحصار قطاع غزة؟

قد يعتبر البعض أن الصمت المصري يعكس تواطؤًا مع إسرائيل لتشديد الخناق على غزة، خاصة في ظل محاولات مصر السيطرة على المعابر وإحكام قبضتها على الحدود مع القطاع. هذه السيطرة قد تفيد بعض الأطراف الإقليمية التي تسعى إلى الحد من قدرات المقاومة الفلسطينية، وتمنع تهريب الأسلحة والمواد عبر الأنفاق التي كانت تشكل شريان حياة لغزة.

من ناحية أخرى، هناك من يرى أن الصمت المصري هو نتيجة لضغوط دولية وإقليمية، حيث تسعى مصر لتجنب التصعيد مع إسرائيل والولايات المتحدة في الوقت الذي تواجه فيه تحديات أمنية داخلية في سيناء. كما قد تكون مصر حريصة على الحفاظ على التوازن في علاقاتها مع إسرائيل وضمان عدم تعريض اتفاقية السلام للخطر.

التأثير على اتفاقية السلام وحصار غزة
الوجود الإسرائيلي المتزايد في محور فيلادلفيا يضع اتفاقية السلام مع مصر على المحك. فقد كانت الاتفاقية التاريخية التي وُقعت في عام 1979 ترتكز على احترام الحدود والسيادة المشتركة، إلا أن التحركات العسكرية الإسرائيلية تنذر بخرق هذا التفاهم وقد تؤدي إلى توترات مستقبلية بين القاهرة وتل أبيب.

إلى جانب ذلك، فإن تزايد الوجود العسكري الإسرائيلي في هذه المنطقة الحدودية يُعد جزءًا من استراتيجية إسرائيلية أوسع لتشديد الحصار على قطاع غزة، الذي يعتمد بشكل أساسي على المساعدات والمواد التي تمر عبر معبري رفح وكرم أبو سالم. وبالتالي، فإن الصمت المصري قد يُفهم على أنه دعم ضمني لهذا الحصار، مما يزيد من معاناة سكان القطاع.

الموقف المصري بين التحديات الأمنية والعواقب الأخلاقية
بينما تسعى مصر للعب دور الوسيط الإقليمي، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، يظل موقفها الحالي إزاء التحركات الإسرائيلية مثيرًا للتساؤلات. ففي حين أن القاهرة تحاول الضغط على إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية، خصوصًا من خلال الولايات المتحدة، يبقى غياب أي رد عملي على الأرض يثير الشكوك حول مدى التزام مصر بحقوق الشعب الفلسطيني والسيادة الوطنية.

في النهاية، يبقى السؤال المفتوح: هل الصمت المصري هو نتيجة ضغوط دولية ومصالح اقتصادية وأمنية، أم أنه يعكس تأييدًا ضمنيًا لحصار غزة ومساعدة إسرائيل في إحكام قبضتها على القطاع؟ قد تكون الإجابة مزيجًا معقدًا من كلا التفسيرين، إلا أن النتيجة المؤكدة هي أن هذا الصمت يهدد بتفاقم الوضع الإنساني في غزة ويزيد من حدة التوترات في المنطقة.