مع استمرار حكومة الانقلاب في هدم وتشويه التراث المصري القديم، تصاعدت في الآونة الأخيرة حملات الهدم التي تستهدف المناطق الأثرية في القاهرة التاريخية. فقد بدأت السلطات بمحافظة القاهرة حملة جديدة لإزالة المباني التاريخية والمعالم الأثرية في منطقة الإمام الشافعي، حيث تم هدم عدد من القباب التاريخية، على رأسها قبة مستولدة محمد علي باشا، والتي تعد جزءًا من التراث المعماري والثقافي لمصر.

تعتبر قبة مستولدة محمد علي باشا واحدة من المعالم البارزة في مقابر العائلة الملكية العلوية التي حكمت مصر على مدار عقود. هذه المدافن الملكية تضم رفات شخصيات هامة من تاريخ مصر، وتحمل قيمة معمارية وأثرية كبيرة، حيث تمثل جزءاً من الهوية الثقافية لمصر. ومع ذلك، تواجه هذه المدافن خطر الهدم المستمر رغم وضع العديد منها على قوائم التراث المحمي.

لا يعد هذا الحادث الأول من نوعه، ففي أغسطس الماضي، شهدت القاهرة موجة هدم مماثلة في منطقة باب النصر، حيث تم إزالة عدد من المقابر التاريخية بعد إعلان نائب محافظ القاهرة عن إخلاء 1171 مقبرة بهدف بناء جراج متعدد الطوابق. هذه الإجراءات أثارت موجة من الغضب بين المهتمين بالتراث والمؤرخين الذين يرون في هذه العمليات محواً لتاريخ مصر الحضاري.

وفي يونيو 2023، أصدر عبد الفتاح السيسي قرارًا بتشكيل لجنة لتقييم وضع المقابر الأثرية في منطقتي السيدة نفيسة والإمام الشافعي. وقد أتى هذا القرار ضمن خطة لتأسيس "مقبرة الخالدين"، وهو مشروع يهدف إلى إنشاء مزار يضم رفات الشخصيات المصرية البارزة، إلا أن القرار رافقه إصدار تعليمات لهدم بعض المدافن بحجة تطوير المنطقة وإنشاء ممرات مرورية جديدة.

رغم تسجيل أكثر من 40 مقبرة في قائمة التراث العالمي، إلا أن الحكومة تستمر في جهودها لهدم هذه المعالم الأثرية بحجة المشاريع القومية. وتعود جذور أزمة هدم المقابر التاريخية إلى عام 2021، حينما أعلنت السلطات عن خطط لتطوير محور صلاح سالم، مما تطلب إزالة مدافن قديمة مجاورة لهذا المحور. وتستهدف هذه المشاريع القومية إنشاء شبكات مرورية تربط بين شرق وجنوب القاهرة، دون مراعاة كافية للحفاظ على المواقع الأثرية التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من تراث مصر.

الحملة المستمرة على المقابر التاريخية لاقت انتقادات واسعة من قبل المختصين في التراث والتاريخ الذين يرون أن ما يحدث هو تدمير مُمَنهج لتاريخ مصر القديم لصالح مشاريع بنية تحتية قد تؤدي إلى محو جزء كبير من هوية القاهرة القديمة. ويعتبر المدافعون عن التراث أن هذه السياسات تفتقر إلى تخطيط واضح يوازن بين التنمية والحفاظ على المواقع الأثرية.

تأتي هذه التطورات في ظل موجة من الانتقادات للحكومة بسبب تعاملها مع التراث المصري، وسط مطالبات بتعليق عمليات الهدم فوراً، وفتح نقاش مجتمعي واسع حول كيفية تطوير المدن المصرية دون التفريط في تراثها الأثري الذي يمثل جزءًا من ذاكرة مصر وحضارتها الممتدة عبر آلاف السنين.

شاهد الفيديو:
https://www.facebook.com/watch/?v=1045140940490350