في تطور جديد لأزمة غزة، طرحت مصر مقترحًا لإبرام صفقة "صغيرة" لوقف إطلاق النار، تشمل إطلاق سراح عدد من الرهائن المحتجزين لدى حركة "حماس" مقابل هدنة مؤقتة لبضعة أيام. هذا التحرك المصري أثار تساؤلات حول الأطراف المستفيدة من هذه الصفقة، والتوقيت الذي ظهرت فيه، خاصة بعد مقتل يحيى السنوار، قائد المكتب السياسي لحماس في غزة.

السياق والتوقيت: لماذا ظهرت الصفقة بعد وفاة السنوار؟
يأتي هذا الاقتراح المصري في ظل تعقيدات كبيرة على الساحة الإقليمية والدولية. مقتل يحيى السنوار، الذي كان شخصية محورية في قيادة المقاومة الفلسطينية وإدارة الملفات المعقدة مثل تبادل الأسرى والمفاوضات، أدى إلى حالة من الفراغ السياسي داخل حماس. هذا الفراغ يمكن أن يكون قد دفع مصر إلى تقديم مبادرة لملء هذا الفراغ واستغلال الفرصة لتحقيق تهدئة مؤقتة.

يرى المسؤولون الإسرائيليون أن غياب السنوار قد يسهل إعادة فتح باب المفاوضات، حيث كان يُنظر إليه كعقبة أمام أي تقدم في هذا الملف بسبب مواقفه المتشددة. ومن هذا المنطلق، تعتبر مصر أن مقتل السنوار يخلق "فرصة ذهبية" لتمرير اتفاق محدود يُمهد لاتفاق أوسع في المستقبل.

الأطراف المستفيدة من الصفقة

إسرائيل: تعتبر إسرائيل المستفيد الأول من هذه الصفقة، حيث تهدف إلى إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس. بالنسبة لإسرائيل، الإفراج عن الرهائن يعتبر مكسبًا كبيرًا على الصعيد السياسي والعسكري، خاصة بعد الضغط الداخلي المتزايد للإفراج عنهم. كما أن الهدنة المؤقتة ستمنح إسرائيل وقتًا لإعادة تقييم وضعها العسكري في غزة.

مصر: تلعب مصر دورًا رئيسيًا في الوساطة بين الأطراف، وهي تسعى إلى تعزيز دورها الإقليمي عبر تقديم نفسها كقوة دبلوماسية قادرة على تحقيق التهدئة في النزاع المستمر. هذا الدور يمكن أن يعزز من مكانة مصر في المشهد الإقليمي ويمنحها تأثيرًا أكبر في قضايا الأمن والاستقرار في المنطقة. كما أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قد يستفيد من هذه الصفقة لتقوية شرعيته الداخلية والدولية، حيث يتم تقديمه كشريك موثوق في الجهود الإقليمية والدولية.

السيسي: قائد الانقلاب المصري يواجه ضغوطًا داخلية بسبب الأزمات الاقتصادية المتصاعدة في مصر، ويبدو أنه يرى في هذه الصفقة فرصة لإظهار قدرته على تحقيق إنجازات دبلوماسية على الصعيد الدولي. في ظل غياب قادة بارزين من حماس مثل السنوار، قد يجد السيسي فرصة لتحقيق تقدم في الملف الفلسطيني يعزز موقفه السياسي داخليًا وخارجيًا.

لماذا تعتبر الصفقة في صالح إسرائيل؟
تبدو الصفقة المصغرة أكثر فائدة لإسرائيل، لأنها تحقق هدفًا استراتيجيًا رئيسيًا يتمثل في الإفراج عن الرهائن مقابل هدنة مؤقتة. في الوقت الذي يعاني فيه قطاع غزة من دمار واسع وضغط عسكري، فإن حماس قد لا تكون في موقف تفاوضي قوي، مما قد يجعل إسرائيل في وضع يمكنها من فرض شروطها.
بالإضافة إلى ذلك، تعتبر الصفقة وسيلة لتخفيف الضغط الدولي على إسرائيل، حيث أن وقف إطلاق النار المؤقت قد يُنظر إليه كتوجه نحو السلام والتهدئة، مما قد يقلل من الانتقادات الدولية الموجهة إليها بشأن القصف المستمر لغزة.

المعارضة الإسرائيلية الداخلية للصفقة
رغم أن الصفقة تحظى بدعم بعض المسؤولين الإسرائيليين مثل وزير الدفاع يوآف غالانت، إلا أن هناك معارضة داخل الحكومة الإسرائيلية، خاصة من الوزراء المتطرفين مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. هؤلاء الوزراء يعارضون أي تفاوض مع حماس ويعتبرون أن مثل هذه الصفقات تعطي "مكافأة" للإرهاب على حد وصفهم. هذه المعارضة الداخلية قد تجعل من الصعب على الحكومة الإسرائيلية تمرير الصفقة بسهولة، ولكنها لا تلغي إمكانية حدوثها إذا ما نجحت الضغوط الدولية والمصرية في دفع الطرفين إلى التفاوض.

صفقة في مصلحة من؟
في نهاية المطاف، تبدو الصفقة المقترحة من مصر كمحاولة لتقديم حل مؤقت يُمهد لاتفاق أوسع، ولكنها تصب في صالح إسرائيل بشكل أكبر. ستستفيد إسرائيل من إطلاق سراح الرهائن وتخفيف الضغط العسكري، في حين تسعى مصر لتعزيز دورها كوسيط إقليمي قوي. ولتحسن الصورة الذهنية بعد احتلال اسرائيل لمحور فيلاديلفيا وانتهاك الاراضى المصرية ‘ اما على الجانب الفلسطينى وحركة حماس نرى انه هذه الصفقة لا تخدم مصالح الشعب الفلسطينى ولا تنفذ مطالب المقاومة التى وضعتها لتبادل الاسرى.