أعلن محمد شمروخ، رئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، أن هناك نقاشات جارية حول رفع تكلفة خدمات الاتصالات في مصر خلال الفترة المقبلة. وأوضح شمروخ أن هذه الزيادة "أصبحت واجبة" نتيجة لارتفاع تكاليف التشغيل على الشركات. يأتي ذلك في ظل الضغط الاقتصادي الذي تشهده البلاد وتأثير تراجع سعر الصرف وزيادة تكاليف التشغيل على شركات الاتصالات.

التحول نحو الجيل الخامس والرسوم المفروضة
تزامنت تصريحات شمروخ مع حصول ثلاث من أصل أربع شركات تقدم خدمات الهاتف المحمول في مصر على موافقة لتقديم خدمات الجيل الخامس، بعد شهور من منح الموافقة لشركة "المصرية للاتصالات". وبلغت الرسوم التي دفعتها الشركات الأربع للحكومة 675 مليون دولار، وهو ما يمثل عبئًا ماليًا إضافيًا على الشركات في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

إذا تم تنفيذ الزيادة المتوقعة هذا العام، ستكون هذه الزيادة الثانية في 2024، بعد أن وافق الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في ديسمبر الماضي على رفع أسعار خدمات الهاتف المحمول بنسبة تتراوح بين 10% و17%. تم تطبيق هذه الزيادة اعتبارًا من فبراير الماضي.

التحديات الاقتصادية وتأثيراتها على شركات الاتصالات
أوضح رؤساء الشركات الأربع أن تراجع سعر الصرف كان له تأثير سلبي كبير على الأرباح، حيث تسببت هذه الأزمة في ارتفاع تكاليف استيراد المعدات الضرورية لتشغيل الشبكات. بالإضافة إلى ذلك، أثرت الزيادات المستمرة في أسعار الوقود، الذي يعتمد عليه أبراج التشغيل، على تكاليف التشغيل بشكل عام.

أحمد يحيى، الرئيس التنفيذي للقطاع التجاري في شركة "إيه أند مصر"، أكد أن ربحية شركات الاتصالات تراجعت بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، مشيرًا إلى أن الأرباح انخفضت إلى 8% بعد أن كانت تسجل أكثر من 20%. وأضاف أن هذا التراجع جعل الربحية أقل من فائدة البنوك، وهو ما يضع الشركات في موقف صعب.

تآكل الأرباح ومطالب الشركات
من جانبه، أوضح هشام العلايلي، الرئيس الأسبق للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، أن مطلب الشركات برفع الأسعار يأتي في ظل تراجع قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، وهو ما أثر على ربحية الشركات. وأكد أن الشركات تهدف إلى الحفاظ على نفس نسبة الأرباح أو زيادتها، وليس تقليلها، مشيرًا إلى أن موافقة الجهاز على زيادات جديدة ستكون نوعية، أي ستتعلق ببعض الخدمات دون تعميمها على كل خدمات الاتصالات.

تأثير الزيادة المحتملة على التضخم
في سياق متصل، يرى الدكتور كريم العمدة، الخبير الاقتصادي، أن زيادة الأسعار في خدمات الاتصالات تبدو منطقية نظرًا للارتفاع المستمر في تكاليف التشغيل. وأضاف العمدة أن تأثير هذه الزيادة على معدلات التضخم سيكون محدودًا للغاية، حيث إن خدمات الاتصالات لا تعتبر من الأمور الأساسية التي تساهم بشكل كبير في تضخم الأسعار. كما أشار إلى أن الزيادة قد تدفع بعض المستخدمين لترشيد استهلاكهم للخدمات، ما قد يحد من تأثيرها على المستهلكين.

تضخم مستمر وآثار اقتصادية
وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، شهدت معدلات التضخم في مصر أول زيادة لها منذ خمسة أشهر في أغسطس الماضي، حيث ارتفع التضخم الشهري إلى 26.2%، بينما سجل معدل التضخم السنوي 25.6%. ويأتي هذا الارتفاع في ظل الضغوط الاقتصادية التي تعيشها البلاد، والتي تؤثر على جميع القطاعات بما في ذلك قطاع الاتصالات.

خاتما ؛ في ضوء الضغوط الاقتصادية المتزايدة، يبدو أن زيادة أسعار خدمات الاتصالات أمر لا مفر منه، خاصة مع تراجع أرباح الشركات نتيجة التضخم وتراجع قيمة العملة المحلية. وبينما تسعى الشركات للحفاظ على استدامتها، يبقى السؤال حول مدى تأثير هذه الزيادة على المستخدمين ومدى تقبلهم لها في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن المصري.