وثّقت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان في مصر ما وصفته بـ"استمرار مأساة التهجير القسري لأهالي شمال سيناء شرقي مصر، بعد مرور عشر سنوات من الإهمال الحكومي ومعاناة المهجرين". وكشفت المؤسسة الحقوقية (غير حكومية) في تقرير جديد بعنوان "العدالة المفقودة"، رفض السلطات المصرية تقديم أي تعويضات مالية عن قيمة الأرض التي يملكها السكان في سيناء منذ مئات السنين وتوارثوها عبر الأجيال. 

وقالت المؤسسة في تقريرها اليوم: "لا تعتد السلطات بملكية سكان سيناء لأراضيهم وأصدرت في هذا الإطار عددًا من القرارات الوزارية والرئاسية التي تؤصل لمسألة النظر للسكان المحليين باعتبارهم واضعي يد وتضع شروطًا وقواعد شبه تعجيزية للتملك، من ضمنها الحصول على موافقات من وزارة الدفاع وجهاز المخابرات العامة والجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء، إضافة إلى شرط حصول سكان سيناء على شهادة إثبات الجنسية المصرية، وهي عملية معقدة لا يغني عنها امتلاك الشخص جواز سفر مصري".

تضمن التقرير، توثيقًا وتحليلًا قانونيًا لوقائع حصول آلاف من السكان المهجرين شمال سيناء على بعض التعويضات من خلال عملية بطيئة وغير شفافة، بينما لم يحصل الآلاف الآخرون على أي شيء وليس لديهم معلومات حول ما إذا كانوا سيحصلون على تعويضات أو عن قيمة المبلغ الذي قد يحصلون عليه.

سكان شمال سيناء: الحكومة لم تقدم مساعدات
وقالت المؤسسة، إن التقرير اعتمد على عدد من المقابلات التي أجرتها مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان في الفترة بين (أكتوبر/تشرين الأول 2022 وسبتمبر/أيلول 2024) مع 45 من السكان المحليين من قرى وتجمعات مدينتي الشيخ زويد ورفح شرقي سيناء. وأن الغالبية العظمى من السكان الذين أجرت المؤسسة معهم مقابلات قالوا "إن الحكومة لم تقدم لهم أي مساعدة أو إن التعويض غير كاف"، وهو ما ورد في تقرير صدر عام 2019 للمقررة الخاصة الأممية المعنية بالحق في السكن، حسب المؤسسة التي أكدت كذلك "أن السكان لا يملكون فرصة الاستئناف ضد عمليات الإخلاء أو الحصول على التعويض أمام هيئة قضائية أو إدارية مستقلة".

وأظهرت إفادات الشهود والبيانات الرسمية، التي تضمنها التقرير، أن "السلطات لم تجرِ حصرًا لممتلكات السكان في بعض المناطق في رفح، والشيخ زويد، والعريش قبل تدميرها، وذلك لتقدير قيمة التعويض بإنصاف. وتعزو الحكومة أسباب عدم إرسالها للجان حكومية لحصر الممتلكات إلى الظروف الأمنية المعقدة خلال سنوات الحرب على الإرهاب". 

وأشارت المؤسسة إلى "هزالة التعويضات أو غيابها شبه الكامل عن الكثير من السكان المتضررين من التهجير القسري، حتى بعد سنوات من التهجير وانحسار العمليات العسكرية، كان محل شكايات رسمية متعددة". 

وعلى سبيل المثال، ذكر التقرير تدوينة وصورًا نشرها فايز أبو حرب، النائب في مجلس الشيوخ في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، على "فيسبوك" أثناء زيارته منازل آيلة للسقوط نتيجة العمليات العسكرية تم تقدير تعويضاتها بمبالغ زهيدة للغاية، اتهم اللجنة الحكومية التي شكلها المحافظ ويترأسها السكرتير المساعد للمحافظ بـ"الظلم". كما قدم فايز أبو حرب، طلبًا لرئيس مجلس الشيوخ في ديسمبر/كانون الأول 2021 وصف فيه التعويضات بـ"المجحفة وغير العادلة" وطالب لجنة الدفاع والأمن القومي بالمجلس بالقيام بزيارة ميدانية لشمال سيناء لتصحيح الأوضاع.

وخلص التقرير، إلى عدد من التوصيات التي تستهدف التزام الدولة بالضمانات الدستورية والقانونية لحقوق سكان تلك المناطق. وعلى رأسها ضرورة الالتزام بالشفافية والحق في حصول أهالي شمال سيناء على المعلومات اللازمة عن واقع المناطق المهجرين منها وخطط الحكومة بشأن تطويرها، وضمان حصول السكان المهجرين على التعويضات المادية العادلة. كما طالبت المؤسسة بتشكيل لجنة مستقلة بصلاحيات كاملة، تشمل قضاة ونشطاء مستقلين وممثلين عن أهالي شمال سيناء لبحث ملف التعويضات بالكامل، ودعوة أهالي سيناء المهجرين لتقديم اعتراضات ومن ثم التدقيق في تلك الاعتراضات والتأكد من أن كافة المهجرين حصلوا على تعويضات كافية ومجزية تؤهلهم لحياة كريمة.

وطالبت كذلك، أن تشمل تلك التعويضات المنازل، والمزارع والمصالح التجارية جميعاً. وكذلك ضمان العودة الفورية لمن يرغب في ذلك من السكان أو الإعلان بوضوح عن أسباب قهرية تبرر استمرار حالة الضرورة التي أدت إلى تهجيرهم.