دار تحليل زمني من الباحث والصحفي من غزة تامر قده أن الرد الباهت من حزب الله مع أول عملية إغتيال في الضاحية الجنوبية ببيروت باغتيال الشيخ صالح العاروري أعطى الكيان الجرأة على التمادي في الاغتيالات وصولا لقمة الهرم في الحزب وأمينه العام حسن نصر الله، وتتوالى الإغتيالات حتى يومنا ولم يجد الكيان من رادع من محور المقاومة وهذا يدل على أن الراعي للمحور له حسابات مع الكيان وأمريكا.
وقال تامر @tamerqdh: "في هذه اللحظة بالتحديد، كانت بداية الغموض وبداية الأحداث.. اللحظة التي اختلف عليها الكثيرون، ولكن مع مرور الوقت والشهور، أصبحت أكثر وضوحاً، وبدأت الألغاز تنكشف شيئاً فشيئاً. وربط الكثيرون هذه اللحظة بالأحداث الجارية دون وجود إثباتات رسمية أو حتى تحقيقات خاصة.".
وأضاف "من مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وصولاً إلى اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ومروراً باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية. راصدا تسلسل الاغتيالات في الأونة الأخيرة:
1 - مساء يوم الثلاثاء، 2 يناير 2024، نفذ الاحتلال غارة على مكتب حركة حماس في الضاحية الجنوبية لبيروت، عملية اغتيال عضو المكتب السياسي لحركة حماس وقائدها في الضفة الغربية، صالح العاروري، واستشهد برفقته أثنين آخرين من قادة القسام وهي اول عملية اغتيال خلال الحرب خارج قطاع غزة .
2 - عصر يوم الاثنين، 1 أبريل 2024، نفذ سلاح الجو الصهيوني غارة مباشرة على ملحق تابع للسفارة الإيرانية، ما أسفر عن اغتيال نائب قائد عمليات الحرس الثوري الإيراني، محمد رضا زاهدي.
وعلق أنه لم يعترف الاحتلال بشكل رسمي بعملية الاغتيال، وبعد وقت قصير، ردت إيران بإطلاق عدد من الصواريخ والطائرات المسيرة بشكل مباشر على الاحتلال الإسرائيلي ردًا على قصف السفارة. مضيفا أنه في أعقاب هذا التصعيد، تشكل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة لاعتراض الهجوم الإيراني.
3 - عصر يوم الأحد، 19 مايو 2024، وأثناء عودة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وبرفقته وزير الخارجية حسين عبد اللهيان من زيارة لأذربيجان الشرقية إلى طهران، انقطع الاتصال بمروحية الرئيس ومرافقيه.
وأشار إلى أنه أعلن لاحقاً عن سقوط المروحية بعد اصطدامها بقمة جبل نتيجة سوء الأحوال الجوية.
وأضاف أنه "انتهت القضية سريعاً، ولم يُعرف حتى الآن كيف يمكن لمروحية الرئيس الإيراني، التي تخضع لأكبر عملية رقابة وحماية وصيانة واهتمام، ويقودها طاقم ذو كفاءة عالية، وتتبع إجراءات سلامة دقيقة، أن تسقط بسهولة بسبب سوء الأحوال الجوية، خاصة في وقت تشهد فيه طهران اضطرابات سياسية مع الاحتلال الصهيوني".
وأشار إلى أنه لم يعلق الاحتلال على الحادثة، وبعدها ازدادت عمليات الاغتيال كثافة. ويبدو أن ما حدث سابقاً كان مجرد اختبار لردود الفعل.
4 - يوم الثلاثاء، 30 يوليو 2024، نفذ الاحتلال غارة على مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت، واستهدفت الرجل الثاني في حزب الله، فؤاد شكر، المسؤول عن الهجمات والعمليات على طول الحدود الشمالية مع فلسطين المحتلة والمطلوب للولايات المتحدة الأميركية". مضيفا أنه نجحت عملية الاغتيال، وأسفرت أيضًا عن استشهاد عدد من الأطفال والنساء الأبرياء من المدنيين.
5 - يوم الثلاثاء، 30 يوليو 2024، كان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في زيارة سريعة لتقديم التهاني للرئيس الإيراني الجديد على توليه منصبه.
وأوضح أنه كانت الزيارة قد استعد لها الموساد جيداً. بعد ذهابه للنوم في أحد المباني المحصنة التابعة للحرس الثوري في طهران، وعند فجر يوم الغد الأربعاء 31 يوليو، أطلقت مجموعة تابعة للموساد صاروخًا موجهًا نحو غرفته، مما أدى إلى اغتياله برفقة مرافقه الشخصي، وسيم أبو شعبان، رغم وجود آخرين في غرف مجاورة وطوابق أخرى، ولكن لم يصابوا بأذى ، تلك هي الرواية الإيرانية للحدث.
وأشار إلى أن بعض التحقيقات الصحفية، ذكرت أنه قُتل بواسطة عبوة ناسفة أدخلها الموساد إلى غرفته، مما يشير إلى أن الزيارة تم التحضير لها بعناية ليتم الوصول إلى الهدف في المكان والزمان المحدد.
ما بعد هنية وشكر
ورصد الرصد أنه بعد عملية اغتيال شكر وهنية، مرت المنطقة بحالة من الاضطرابات والضغوطات والخوف من حرب إقليمية، ولكن سرعان ما انتهى هذا الخوف ، عصر يوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 ، نفذ الاحتلال الإسرائيلي واحدة من أكبر الاختراقات الأمنية، حيث قام بعملية اغتيال جماعية لآلاف من أعضاء حزب الله وطال المدنيين اللبنانيين أيضًا، وذلك بتفجير أجهزة الاتصالات "البيجر"، وفي اليوم التالي "إيكوم".
كانت النتيجة كارثية، إذ أُصيب الآلاف، والكثير منهم فقدوا بصرهم نتيجة هذا الاستهداف. تحدثت عن تفاصيل هذه الحادثة في ثريد آخر.
6 - بعدها بثلاثة أيام، يوم الجمعة 20 سبتمبر 2024، نفذ الاحتلال غارة على مبنى استهدفت القيادي الرفيع إبراهيم عقيل، رئيس شعبة العمليات والمطلوب لدى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى 10 من القادة، من بينهم قائد العمليات العسكرية لقوة "الرضوان" (النخبة)، أحمد وهبي، وكذلك التدريبات المركزية، وذلك بعد اغتيال وسام الطويل في بداية عام 2024.
7 - ظهر يوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2024، قصف الاحتلال مبنى في الضاحية الجنوبية، وكان الهدف هذه المرة إبراهيم الكبيسي، قائد عدد من التشكيلات الصاروخية في حزب الله وقائد وحدة بدر سابقاً.
وأبان أنه في السادسة بتوقيت بيروت الجمعة 27 سبتمبر، نفذ الاحتلال واحدة من أكبر عمليات الاغتيال، حيث أسقط 80 قنبلة ثقيلة على ستة مبانٍ في الضاحية الجنوبية لبيروت. الهدف كان اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، إلى جانب قائد الجبهة الجنوبية، علي كركي. العملية أدت إلى استشهاد المئات من الأطفال والمدنيين.
وأضاف أن الخبر وقع كالصاعقة على لبنان، حيث لم يصدق أحد ما حدث خلال الفترة الأخيرة، لم يكن أحد يتوقع أن تصل الجرأة الإسرائيلية إلى هذا الحد.
8 - يوم السبت، 28 سبتمبر، اغتال الاحتلال نبيل قاووق، قائد وحدة الأمن الوقائي في حزب الله، في غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت.
9 - ليلة أمس الأحد، 29 سبتمبر، اغتال الاحتلال قائد حركة حماس في لبنان، شريف أبو الأمين، الذي كان برفقة عائلته في قصف على منزل في مخيم البص.
كما زفّت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اثنين من قادتها في جناحها العسكري في لبنان، الذين استشهدوا برفقة ثالث في قصف على شقة في بيروت.
تجربة الفلسطينيين
وعن تجربة المنظمات الفلسطينية مع الاغتيالات أشار إلى أنهم مروا بسلسلة من عمليات الاغتيال. موضحا أن حركة حماس، اغتيل أحمد ياسين، ونُصّب عبد العزيز الرنتيسي مكانه، لكنه اغتيل أيضًا.
وأضاف أن خالد مشعل، تعرض لعملية اغتيال ونجا في اللحظات الحرجة الأخيرة، ثم نُصّب إسماعيل هنية قائدًا بعده، ولكن أيضًا تم اغتياله.
وأردف أنه وفي فترة قريبة جدًا، تعرضت قيادة الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي لحملة اغتيالات واسعة وعميقة.وجزم أنه لم تتراجع المنظمات الفلسطينية عن القتال، ولم تنكسر يومًا، ولم تشعر بالضعف. كانت تلك لحظات حرجة وتجاوزتها وتعلمت منها كثيراً.
والنتيجة الوحيدة لتلك الاغتيالات هي لحظات من النشوة يعيشها المجتمع الإسرائيلي، ولكنها سرعان ما تكون لحظية وتنتهي، ليعود الجميع إلى الواقع، الواقع الذي كان سببًا في السابع من أكتوبر والصمود الأسطوري للمقاومة في غزة بعد عام كامل من القتال دون راحة أو توقف.
ومستعيدا القول: "اذا غاب سيد قام سيد …."