رفعت الحكومة المصرية، يوم الأربعاء، أسعار أسطوانات البوتاجاز بنسبة 50%، ليصل سعر الأسطوانة المنزلية إلى 150 جنيهًا (3.09 دولار)، في خطوة تزامنت مع موجة ارتفاع في أسعار العديد من السلع الأساسية، بما في ذلك البيض الذي وصل سعر كرتونته إلى 163 جنيهًا (3.36 دولار) تسليم المزرعة. هذه الزيادات تأتي قبل أيام قليلة من بدء العام الدراسي الجديد، الذي يشهد عادةً ارتفاعًا موسميًا في الأسعار بسبب الإقبال المتزايد على شراء مستلزمات المدارس.
زيادة أسعار البوتاجاز: الأسباب والتداعيات
جاءت الزيادة في أسعار أسطوانات البوتاجاز بقيمة 50 جنيهًا (1.03 دولار) لتصل إلى 150 جنيهًا للأسطوانة المنزلية، بينما زادت أسعار الأسطوانات التجارية بنفس القيمة لتصل إلى 200 جنيه (4.12 دولار). وارتفعت أسعار طن الغاز السائل غير شامل نولون النقل إلى 12 ألف جنيه (247.27 دولار)، وذلك بحسب قرار رئيس الوزراء مصطفى مدبولي المنشور في الجريدة الرسمية.
أوضح مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، أن زيادة سعر البوتاجاز جاءت نتيجة لارتفاع الدعم المقدم للأسطوانة في الموازنة العامة للدولة بسبب انخفاض سعر الصرف، مما جعل من الضروري تعديل الأسعار لخفض فاتورة الدعم. وأضاف أن "البوتاجاز يستحوذ على الحصة الأكبر من دعم المواد البترولية في الموازنة العامة بسبب انخفاض سعر البيع مقارنة بتكلفة الإنتاج".
في إطار هذا القرار، رفعت الحكومة مخصصات دعم المواد البترولية في الموازنة العامة من 119 مليار جنيه (2.4 مليار دولار) خلال السنة المالية الماضية 2023/2024 إلى 154.5 مليار جنيه (3.2 مليار دولار) للسنة المالية الحالية 2024/2025، بزيادة نسبتها 29.4%.
موجة ارتفاع جديدة في أسعار البيض
بالتوازي مع ارتفاع أسعار البوتاجاز، شهدت أسعار البيض زيادات متتالية، حيث وصل سعر كرتونة البيض في المزرعة إلى 163 جنيهًا (3.36 دولار)، وتباع للمستهلك بما يتراوح بين 175 و180 جنيهًا (3.61-3.71 دولار). وعلى الرغم من انخفاض أسعار الأعلاف وتوافرها في السوق المحلي، إلا أن تكاليف الإنتاج تتراوح بين 95 و100 جنيهًا (1.96-2.06 دولار) للكرتونة، مما يكشف عن تفاوت كبير بين تكلفة الإنتاج وسعر البيع النهائي.
عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية بالجيزة، أشار إلى أن هذه الأسعار "مبالغ فيها" رغم تحسن الأوضاع في قطاع الإنتاج الداجني بعد أزمة نقص الأعلاف التي أدت إلى توقف نحو 40% من المربين عن الإنتاج خلال عام 2022. ومع تحسن الأوضاع، يرى السيد أن السعر العادل لكرتونة البيض يجب أن يكون في حدود 120 جنيهًا (2.47 دولار)، معتبرًا أن سبب الزيادة الكبيرة يعود إلى احتكار بعض التجار والمضاربة على الأسعار.
انعكاسات الزيادة على المواطنين والأسواق
تسببت هذه الزيادات في حالة من الاستياء بين المواطنين، خاصة مع اقتراب بداية العام الدراسي الجديد الذي يفرض على الأسر نفقات إضافية لشراء المستلزمات الدراسية. وأعرب الكثيرون عن مخاوفهم من تأثير هذه الزيادات على أسعار السلع الأساسية الأخرى، بما في ذلك الأطعمة الشعبية مثل الفول والطعمية والبطاطس، التي تعتمد بشكل كبير على استخدام البوتاجاز في إعدادها.
وفي هذا السياق، تقدم عضو مجلس النواب محمود قاسم بسؤال للحكومة حول أسباب هذه الزيادات المرتفعة في أسعار البوتاجاز، معبرًا عن قلقه من احتمالية لجوء بعض الأسر الفقيرة إلى استخدام بدائل غير صحية أو آمنة مثل الحطب ونشارة الخشب، في محاولة لتجنب الزيادة الجديدة في الأسعار.
تدخل حكومي لاحتواء الأزمة
حاولت الحكومة تخفيف حدة الأزمة عبر طرح كرتونة البيض بسعر 150 جنيهًا (3.09 دولار) في المجمعات الاستهلاكية التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية والمنافذ الثابتة والمتحركة التابعة لوزارة الزراعة. هذا الإجراء جاء عقب اجتماع بين وزير التموين ووزير الزراعة مع منتجي الدواجن، في محاولة لضبط الأسعار وتخفيف العبء عن كاهل المستهلكين.
ختاما ؛ نحو أزمة اقتصادية أعمق؟
تعكس هذه الزيادات الأخيرة في أسعار البوتاجاز والبيض مدى تعمق الأزمة الاقتصادية في مصر، حيث تواجه الحكومة ضغوطًا متزايدة لتقليص فاتورة الدعم في ظل انخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع تكاليف الاستيراد. ورغم محاولات الحكومة لتوفير بعض السلع بأسعار مدعومة، إلا أن تأثير هذه الزيادات على الطبقات المتوسطة والفقيرة قد يكون كارثيًا، مما يزيد من حالة الاحتقان الشعبي ويعزز المخاوف من تأثير هذه السياسات على الاستقرار الاجتماعي.
مع استمرار ارتفاع الأسعار والضغوط الاقتصادية، يبقى السؤال هو: هل تستطيع الحكومة المصرية إيجاد حلول مستدامة لتخفيف العبء عن كاهل المواطنين، أم أن البلاد على موعد مع مزيد من الأزمات التي قد تزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي والاجتماعي؟