منذ بداية معركة الطوفان والتي قاربت العام منذ اندلاعها في السابع من أكتوبر الماضي ، وهاجس اتساع دائرة الحرب على أكثر من جبهة يطارد الاحتلال الصهيوني بعد أن وجد نفسه أمام معركة طويلة استمرت لمدة عام كامل ، وامتدت لتفتح عليه جبهات مواجهة جديدة في مقدمتها جبهة الشمال في لبنان والتي كانت محل جريمة جديدة ارتكبها الاحتلال عرفت بحادثة البايجر والتي راح ضحيتها الكثيرين.
"نافذة مصر" التقت الدكتور بسام حمود مسؤول المكتب السياسي للجماعة الإسلامية في لبنان لنقف معه على تفاصيل جريمة البايجر وتداعياتها ومجمل استعدادات المقاومة في لبنان لخوض معركة شاملة مع الاحتلال الصهيوني فكان هذا الحوار :
- شهد لبنان مؤخراً مجموعة من التفجيرات لأجهزة الاتصالات اللاسلكية "بايجر" في صفوف عناصر المقاومة وعدد من المدنيين .. ما هو حجم وأبعاد هذه الجريمة في رؤيتكم ؟
- ما حصل في لبنان في الأيام الماضية يؤكد على الطبيعة الأجرامية الغادرة للكيان الصهيوني، فبسبب عجزه عن المواجهة بالميدان يلجأ لمثل هذه العماليات الإرهابية الخبيثة مستغلاً الدعم الاستخباراتي والتكنولوجي من الإدارة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين في محاولة لتحقيق إنجازات عجز عنها في الميدان، وهذا ما تجلى في هذه العملية الأمنية الاستخباراتية حيث تم تفخيخ كمية من البايجر وأجهزة الاتصال اللاسلكي التي استوردها حزب الله في الأشهر الماضية، وللأسف نجح العدو في هذا العمل الأمني والذي أدى إلى خسائر كبيرة ليس فقط في عناصر الحزب بل ايضاً بالمدنيين حيث وصل عدد الشهداء إلى ٢٨ شهيداً بينهم طفلين ومسعفين ومدنيين وأكثر من ٣٠٠٠ جريح توزعوا على عدد من المحافظات اللبنانية.
- ما هي أكثر الأماكن تضررا ؟ وما علاقة الأجهزة باشتعال المنازل والسيارات؟ وهل هناك احصائية لحجم الدمار للانفجارات في عموم المناطق؟
- التحقيقات لم تنته حتى الآن للوقوف على الحقيقة كاملة، ولكن ما بات معروفاً ان شحنة من البايجرات واجهزة اللاسلكي التي استوردها الحزب تعرضت لعملية قرصنة وتفخيخ، فبعد تفجير البايجرات في اليوم الأول تم تفجير الأجهزة اللاسلكية في اليوم الثاني، ولكن الأضرار كانت أقل بسبب حصرية من يحمل هذه الأجهزة، وكانت الأضرار مادية أكثر منها بشرية لان المعنيين تخلصوا من تلك الاجهزة أو تركوها في المكاتب والمنازل مما تسبب ببعض الحرائق نتيجة لانفجارها في أماكن تركها، ولكنها أضرار محدودة جداً.
- كيف ترى تأثير مثل هذه الأعمال العدائية الصهيونية على المقاومة؟ وهل يمكن أن تتكرر مثل هذه الأحداث مع أعضاء الجماعة الإسلامية في لبنان وخاصة قوات "فجر"؟
- هذه جولة من جولات المعركة والحرب سجال، ولا يعني نجاح العدو في هذه العملية الغادرة أنه حقق الانتصار في الحرب، فنحن نعلم وندرك بأنه يمتلك قدرات تكنولوجية متقدمة لا تملكها المقاومة، ولكن العدو يدرك أيضاً أن لدى المقاومة إمكانيات وقدرات تستطيع من خلالها توجيه ضربات مؤلمة له ولكيانه وتعيد الأمور إلى نصابها وتحقق مبدأ توازن الرعب الذي يقض مضجع العدو.
أما بالنسبة للجماعة الإسلامية وجناحها المقاوم ( قوات الفجر ) فهي تتبع أسلوباً مختلفاً في التواصل ولا تستعمل مثل هذه الأجهزة أو أي أجهزة إلكترونية أخرى لأننا ندرك قدرات العدو في خرقها.
- صرح وزير الخارجية الأيرلندي: أن الهجمات على لبنان تعد شكلا جديدا من الحروب ويتعين علينا جميعا الشعور بالقلق.. هل تتفق مع ما قاله أن ما حدث يعد نوعا جديدا يمكن أن يثير تخوفات دول عديدة في العالم ؟ وهل هناك إجراءات احترازية لعدم وقوع أحداث مماثلة؟
- دون أدنى شك هذا نوع جديد من الحروب التي تستخدم فيه القدرات التكنولوجية المتطورة والتي يتفوق فيه جيش العدو المدعوم أمريكياً وأوروبياً، ولكن المقاومة كانت دائماً تبتكر الآليات والحلول لمواجهة مثل هذا التفوق في مجالات متعددة، ومن الطبيعي أن تعكف المقاومة بكل فصائلها على دراسة ما حدث والتحقيق المعمق فيه لاستخلاص العبر وتحديد آليات محددة لمنع تكراره، واتخاذ كل الخطوات الاحترازية والتشدد في التعامل مع الأمور التكنولوجية.
- هل ترى أن المقاومة في لبنان سترد على هذه الحادثة في القريب العاجل؟ وما هو توقعك في الرد؟
- من الطبيعي، بل من المطلوب وبشدة أن ترد المقاومة على هذا العمل الغادر الجبان الذي خرق كل قواعد الاشتباك المعمول بها والمتعارف عليها منذ بداية العدوان، لأن أي تهاون في معاقبة العدو على جريمته التي تصل لحد جريمة حرب، سيشجع العدو على التمادي في عدوانه، وبما ينعكس سلباً على سياسة الردع التي كرستها المقاومة في الفترات السابقة، تلك السياسة التي يحسب لها العدو ألف حساب قبل تفكيره بتوسيع العدوان على لبنان ، أما التوقعات بالكيفية فنتركها للميدان وأهله.
- هناك أنباء عن نشر الاحتلال قوات إضافية على الحدود مع لبنان.. برأيكم هل ستشهد الأيام المقبلةوفق هذه التطورات اتساعا لدائرة الحرب تدخل معه لبنان في طور جديد لمواجهة الاحتلال في الوقت الذي يصر فيه نتنياهو على استمرار الحرب وعدم وقف إطلاق النار؟
- العدو الصهيوني أعجز في وضعه الحالي من أن يدخل في حربٍ مفتوحة مع لبنان، ولو أنه كان يستطيع ذلك لكانت اللحظات الأولى لجريمته يوم الثلاثاء الماضي هي أنسب الأوقات والظروف.
ولكن جيش العدو فشل في تحقيق أي انجاز عسكري وفشل في تحقيق أي من الأهداف التي تكلم عنها نتنياهو مع بداية الحرب على غزة، ولم ينجح سوى في ارتكاب المجازر بحق المدنيين، وأعتقد أن هذا العدو بهذه الطريقة هو أضعف من أن يجرؤ على توسيع حربه مع المقاومة في لبنان لتصبح حرباً مفتوحة يتخللها اجتياح بري، لانه يدرك أن ذلك لن يكون مجرد نزهة، والأثمان التي سيدفعها ستكون باهظة وأكثر مما يتصور.
لذلك قد يلجأ العدو إلى توسيع ضرباته الجوية كماً ونوعاً في رسائل تطمين للمجتمع الصهيوني المنقسم على نفسه والذي يعيش ظروف لم يشهدها منذ نشأته بفضل الضربة الاستراتيجية التي تحققت في ٧ أكتوبر من العام الماضي وما لحقها حتى الان.
ويبقى احتمال المغامرة غير المحسوبة والتي تلخص تخبط نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة أمرا واردا وغير مستبعد ، لأن نتنياهو يدرك أن انتهاء المعارك في غزة ولبنان دون تحقيق أي انجاز عسكري حقيقي هو خسارة وهزيمة مدوية للكيان، فضلاً عن حساباته الشخصية بعد انتهاء الحرب.
- دور المقاومة اللبنانية المساند والداعم لطوفان الأقصى غاية في الأهمية.. ففي حالة اتساع الحرب على لبنان، ما مدى جاهزية المقاومة في التصدي لهذا العدوان؟
- طوفان الأقصى حدث تاريخي غير معادلات كثيرة وكسر حواجز صنعها العدو وهشّم سردية صهيونية بناها مع نشأة هذا الكيان ومفادها أن الجيش الصهيوني جيش لا يقهر، إلا أنه قهر وتمت هزيمته في ٧ أكتوبر وبانت عورته وظهر هذا الجيش على حقيقته، ولولا الحشد والدعم الدولي الذي قادته الأدارة الأمريكية لما صمد هذا الكيان الهش المصطنع أمام إرادة وعزيمة وصمود وبسالة المقاومة وحاضنتها الشعبية، ومن هنا كان إسناد المقاومة في لبنان لأهلنا في قطاع غزة بعد هذا الحشد الدولي الداعم للكيان الصهيوني.
أما في لبنان فقد أعدت المقاومة نفسها منذ سنين وطورت من قدراتها وإمكانياتها استعداداً للمواجهة مع هذا العدو الذي لا زال يحتل جزءً من أراضينا في لبنان، ولأننا ندرك من ناحية ثانية أنه عدو غادر مجرم توسعي لن يتورع عن الإعتداء على لبنان عندما تسنح له الفرصة دون أي اعتبار لقرارات دولية أو احترام لقوانين أُمامية.

