حصلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية على معلومات صادمة تكشف عن استغلال إسرائيل لطالبي اللجوء الأفارقة في الصراع المستمر في غزة. وفقًا للتقارير، عرضت مؤسسات تابعة للجيش الإسرائيلي على هؤلاء الأفراد فرصة المساهمة في المجهود الحربي في غزة مقابل وعد بمساعدتهم في الحصول على إقامة دائمة في إسرائيل. ويكشف التقرير أن هذا العرض يتطلب من طالبي اللجوء المخاطرة بحياتهم كوسيلة لتسوية وضعهم القانوني في الدولة التي يعانون فيها من التهميش والإهمال. الواقع المؤلم.. استغلال للضعفاء رغم الوعود التي قُدمت لطالبي اللجوء، فإن التقارير تشير إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لم تمنح أيًا منهم وضعًا رسميًا بعد مشاركتهم في الجهود الحربية. وفقًا لهآرتس، من بين حوالي 30 ألف طالب لجوء أفريقي وصلوا إلى إسرائيل خلال العقد الماضي، لم يُمنح سوى عدد قليل جدًا منهم حق اللجوء. وبدلاً من تقديم الحماية والمساعدة، تستغل إسرائيل هؤلاء الأفراد كأدوات في تنفيذ سياسات الحرب، مما يعكس انتهاكًا صارخًا لمبادئ حقوق الإنسان والأخلاق. الواقع الميداني: أعداد وأجور تقدر جمعية مساعدة المهاجرين العبرية أن عدد طالبي اللجوء الأفارقة في إسرائيل يتجاوز 45 ألفًا، وهو رقم أعلى بكثير من التقديرات الواردة في تقرير هآرتس. هذا التباين يشير إلى أن الوضع أسوأ مما كان يُعتقد في البداية. يعيش هؤلاء الأفراد في ظروف قاسية، حيث يعملون في وظائف ذات أجور منخفضة، غالبًا في مجالات مثل البناء والتنظيف، وهي وظائف يرفض الإسرائيليون العمل بها. وقد أقرّت الدولة مؤخرًا قوانين تضع عقبات جديدة أمام طالبي اللجوء، مما يزيد من استغلالهم ويجعلهم أكثر عرضة للاستغلال في المجهود الحربي. تجنيد طالبي اللجوء.. مشروع ممنهج التقرير الصادر عن هآرتس يكشف أن التجنيد ليس مجرد حالات فردية، بل هو مشروع ممنهج يتم تحت إشراف وتوجيه مستشاري وزارة الدفاع. يستهدف المشروع حوالي 30 ألف طالب لجوء أفريقي في إسرائيل، معظمهم من الشباب، وعدد كبير منهم حصل على وضع مؤقت بسبب تأخر الحكومة في معالجة طلباتهم. في الوقت الذي تقرّ فيه الدول المتقدمة بمعدلات قبول عالية لطالبي اللجوء من إريتريا والسودان، فإن إسرائيل تستمر في التعامل مع هؤلاء الأفراد كدخول غير قانوني، مما يجعلهم عرضة للاستغلال. إجراءات واحتجاجات دولية تثير هذه الممارسات انتقادات واسعة على الصعيد الدولي. فقد أعربت حكومة جنوب أفريقيا عن قلقها البالغ بشأن تجنيد بعض مواطنيها في القوات الإسرائيلية، محذرة من أن هذا قد يعرضهم للملاحقة القضائية في وطنهم. في تركيا، تمت الموافقة على مشروع قانون من قبل حزب “هدى بار” يهدف إلى إسقاط جنسية المواطنين الأتراك مزدوجي الجنسية الذين يشاركون في الحرب ضد غزة. في فرنسا، هناك دعوات لمحاكمة المواطنين الفرنسيين الذين يقاتلون إلى جانب الجيش الإسرائيلي. هذه الإجراءات تأتي في ظل تصاعد المخاوف من استخدام طالبي اللجوء كمرتزقة في صراعات دولية، مما يعكس حجم الأزمة الأخلاقية والإنسانية المرتبطة بهذه القضية. النقص في الموارد البشرية.. الضغط على الجيش الإسرائيلي تأتي فضيحة تجنيد طالبي اللجوء في وقت يعاني فيه الجيش الإسرائيلي من نقص حاد في الموارد البشرية. حذّر تقرير صادر عن هيئة الأركان العامة في مارس/آذار من نقص حاد في الجنود، مما دفع الجيش إلى البحث عن بدائل مثل تجنيد المرتزقة وطالبي اللجوء. الانتقادات الموجهة إلى الجيش الإسرائيلي تشير إلى أن تقليص حجم الجيش على مدى السنوات الماضية أثر بشكل كبير على قدرته القتالية، مما زاد من الاعتماد على طرق غير تقليدية لتوفير الموارد البشرية اللازمة. الاستغلال والتلاعب: انتهاك للقانون الدولي إن استغلال طالبي اللجوء الأفارقة في الصراع في غزة يمثل انتهاكًا خطيرًا لقوانين حقوق الإنسان. تمنع اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951 إعادة اللاجئين قسرًا وتلزم الدول بمعالجة طلبات اللجوء بشكل سريع. إلا أن إسرائيل قد تأخرت عمدًا في معالجة طلبات اللجوء، وحاولت وصف طالبي اللجوء بأنهم دخلوا البلاد بشكل غير قانوني للبحث عن فرص اقتصادية، مما يضعف من موقفهم القانوني ويزيد من تعرضهم للاستغلال. خلاصة: ضرورة التدخل الدولي تشكل هذه القضية سابقة خطيرة في استغلال طالبي اللجوء في النزاعات المسلحة. إن استخدام هؤلاء الأفراد كأدوات في صراعات دولية، خاصةً في سياق الحرب على غزة، يعكس تجاهلاً صارخًا للسمعة الأخلاقية والصورة الدولية لإسرائيل. يتطلب الأمر استجابة فعالة من المجتمع الدولي لوضع حد لهذه الممارسات وضمان حماية حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء، وتعزيز التدابير القانونية لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان.