في السنوات الأخيرة، أبرمت الحكومة المصرية سلسلة من صفقات السلاح الضخمة مع دول متعددة، والتي أثارت جدلاً واسعاً حول فعاليتها وجدواها. وفي الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن "تحديث القدرات العسكرية" لمواجهة التحديات الأمنية الإقليمية، يرى المعارضون أن هذه الصفقات تأتي في إطار سوء إدارة الموارد وتعكس ضعفًا حقيقيًا في حماية الحدود المصرية. صفقات السلاح وأزمة الحدود منذ عام 2014، شهدت مصر تزايدًا في الحوادث الأمنية على حدودها، خاصة في سيناء، حيث تكافح القوات المسلحة لمواجهة الجماعات المسلحة. ورغم زيادة الإنفاق العسكري وشراء أحدث المعدات، يرى الكثيرون أن هذه الصفقات لم تحقق تحسنًا ملموسًا في قدرة البلاد على تأمين حدودها. أهم صفقات السلاح خلال السنوات الأخيرة صفقات مع فرنسا: مصر أبرمت صفقات سلاح ضخمة مع فرنسا، كان أبرزها شراء مقاتلات "رافال" الفرنسية الحديثة، حيث تعتبر مصر واحدة من الدول القليلة التي حصلت على هذه الطائرات. في 2015، تسلمت مصر أول دفعة من الطائرات، وجاءت هذه الصفقة ضمن اتفاق أكبر شمل شراء فرقاطات من نوع "فريم" وسفن حربية أخرى. تعد هذه الأسلحة ضرورية لتعزيز القدرات البحرية المصرية، خاصة في البحر الأحمر والمتوسط، حيث تعمل مصر على حماية مصالحها الاقتصادية ومواجهة التهديدات الإرهابية والبحرية. صفقة شراء حاملتي طائرات مروحية من طراز "ميسترال" من فرنسا كانت خطوة كبيرة في تحديث الأسطول البحري المصري. هذه السفن، التي كانت معدة أصلاً لروسيا قبل أن تلغي فرنسا الصفقة مع موسكو، أصبحت جزءًا مهمًا من القدرة المصرية على التدخل السريع والنقل البحري، مما يمنح مصر مرونة كبيرة في مواجهة الأزمات الإقليمية. التعاون العسكري مع روسيا أبرمت مصر صفقات لشراء طائرات "ميج-29" الروسية المقاتلة، بالإضافة إلى مروحيات هجومية من طراز "كا-52" (المعروفة باسم التمساح). هذا التعاون العسكري مع روسيا يعكس التوجه المصري لتنويع مصادر تسليحها وعدم الاعتماد على مورد واحد. صفقات مع الصين والهند في إطار استراتيجية مصر للتوجه شرقًا، قامت بتوقيع صفقات لشراء مقاتلات صينية وطائرات بدون طيار. هذه الصفقات تعزز قدرات الاستطلاع والمراقبة لدى الجيش المصري، وتمنحه القدرة على تنفيذ مهام متعددة في مناطق بعيدة عن الحدود. التعاون العسكري مع الهند شهد أيضًا طفرة، حيث تنظر مصر إلى الهند كحليف تقني مهم لتطوير قدرات الجيش. صفقات الدفاع الجوي: مصر سعت أيضًا لتعزيز دفاعاتها الجوية بشكل كبير. حصلت على أنظمة صواريخ "S-300" الروسية و"تور-إم2" لتعزيز قدراتها في التصدي لأي هجوم جوي محتمل. هذه الأنظمة تعتبر من بين الأحدث في العالم، مما يمنح مصر غطاءً دفاعيًا واسعًا في ظل التهديدات الجوية المحتملة من جيرانها أو من مناطق النزاع القريبة.
ضعف استراتيجي في حماية الحدود تستمر العمليات العسكرية في سيناء منذ سنوات، مع تصاعد في النشاط الإرهابي. المعارضون يشيرون إلى أن هذه العمليات، ورغم التوسع في شراء الأسلحة الحديثة، لم تتمكن من احتواء التهديدات بشكل حاسم. ويعكس ذلك، في نظرهم، ضعفًا استراتيجيًا في إدارة الأزمة الأمنية، حيث لا يمكن حلّ الأزمات الداخلية بالاعتماد فقط على القوة العسكرية. صفقات السلاح في ظل أزمة اقتصادية خانقة من بين أبرز صفقات السلاح التي أبرمتها مصر كانت مع فرنسا، والتي شملت شراء مقاتلات "رافال" وحاملتي الطائرات المروحية "ميسترال". وعلى الرغم من أن هذه الأسلحة تعزز من قدرات الجيش، إلا أن الانتقادات تتركز على التكلفة الباهظة لهذه الصفقات، حيث يرى المعارضون أن شراء هذا النوع من الأسلحة لا يساهم بشكل فعّال في حماية الحدود بقدر ما يُثقل كاهل الاقتصاد المتأزم. عبء اقتصادي إضافي الديون الخارجية المتزايدة لمصر، والتي تجاوزت 150 مليار دولار، تعتبر من أبرز المخاوف التي تثيرها المعارضة. في وقت يعاني فيه الاقتصاد من تضخم غير مسبوق وارتفاع حاد في الأسعار، ترى المعارضة أن الأولويات الوطنية يجب أن تتركز على تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين بدلاً من الإنفاق على أسلحة لا تُظهر فعالية ملموسة في حماية الحدود أو تعزيز الأمن الداخلي. انعدام الشفافية وزيادة الفساد من القضايا الأساسية التي يطرحها النقاد هي انعدام الشفافية في صفقات السلاح. تتم العديد من هذه الصفقات دون الإعلان عن تفاصيلها، مما يزيد من احتمالات الفساد والتربح الشخصي. وفي ظل ضعف الإشراف البرلماني والمؤسسات الرقابية، يُثير هذا الغموض تساؤلات حول كيفية اتخاذ القرارات المتعلقة بالدفاع الوطني ومدى استجابة هذه القرارات لاحتياجات البلاد الفعلية. السيطرة المتزايدة للجيش على الاقتصاد صفقات السلاح، من وجهة نظر المعارضة، تأتي في إطار تعزيز هيمنة الجيش على الاقتصاد والسياسة. وبالإضافة إلى مشاريع الجيش التجارية والمدنية، تؤدي هذه الصفقات إلى زيادة تركيز الموارد في يد المؤسسة العسكرية. هذه الهيمنة تأتي على حساب القطاع الخاص والتنمية الاقتصادية، مما يزيد من التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري المتعثر. التعاون الدولي والتحالفات المثيرة للجدل التعاون العسكري مع روسيا، مثل صفقة شراء طائرات "ميج-29"، والتحالفات مع دول مثل الإمارات وفرنسا، تثير مخاوف حول تأثير هذه الصفقات على العلاقات الدولية لمصر. يرى المعارضون أن تعزيز العلاقات مع دول مثل روسيا قد يضع مصر في مواجهة مع حلفائها التقليديين مثل الولايات المتحدة، مما يعقد الوضع الجيوسياسي للبلاد. إهمال التهديدات الداخلية الحقيقية رغم الحديث عن مواجهة التهديدات الخارجية والإقليمية، يشير المعارضون إلى أن التهديدات الحقيقية التي تواجه مصر تكمن في الأزمات الداخلية. الفقر، البطالة، والتهميش هي القضايا التي تحتاج إلى معالجة فورية، وليس الإنفاق العسكري الذي يزيد من الأعباء المالية للدولة دون تحسين فعلي للوضع الأمني. الخاتمة: إعادة تقييم الأولويات الوطنية في ظل هذه الانتقادات، يدعو المعارضون إلى إعادة تقييم الأولويات الوطنية. يرون أن التركيز على صفقات السلاح باهظة التكاليف ليس هو الحل للأزمات المتعددة التي تواجه مصر، بل قد يكون جزءًا من المشكلة. بدلاً من ذلك، يدعو النقاد إلى استثمار الموارد في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحسين حياة المواطنين، مع ضرورة تعزيز الشفافية والرقابة على الصفقات العسكرية لضمان أنها تخدم المصالح الوطنية الحقيقية.