كشف تقرير حديث لمجلة "نيولاينز" الأمريكية، بتاريخ 11 سبتمبر الجاري، عن توغل كبير لدول الخليج، وبالأخص الإمارات والسعودية، في منطقة القرن الأفريقي. التقرير تساءل عن الدور المتزايد لتلك الدول في دعم إثيوبيا وبناء مناطق نفوذ جديدة، وما يترتب على ذلك من تأثيرات سلبية على مصالح حليفتهم التقليدية، مصر. التقرير، الذي جاء تحت عنوان "كيف تمارس دول الخليج نفوذها في أفريقيا"، أشار إلى أن التوتر المتصاعد بين مصر وإثيوبيا أدى إلى إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية. فقد وجدت مصر نفسها في جانب تركيا وقطر، بينما تحالفت الإمارات والسعودية مع إثيوبيا. هذا التحالف الخليجي مع إثيوبيا أدى إلى مزيد من التعقيد في الجغرافيا السياسية للمنطقة. من بين القضايا التي أبرزها التقرير، دعم الإمارات لإثيوبيا من خلال مشاريع كبيرة مثل بناء خطوط أنابيب نفطية تربط ميناء عصب الأريتري بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا. كما لفت التقرير إلى أن الإمارات باتت تمتلك نفوذًا كبيرًا في القرن الأفريقي، في حين كانت مصر والسودان تتمتعان بهذا النفوذ في السابق. السعودية، بدورها، تدعم إثيوبيا في نزاعها مع مصر حول سد النهضة، وتعمل على تعزيز العلاقات الثنائية من خلال اتفاقات جديدة في مجالات الصناعة والزراعة والطاقة. هذا التعاون السعودي-الإثيوبي يتجاوز النطاق الاقتصادي ليشمل الدعم السياسي، مما يزيد من تعقيد العلاقات مع مصر. إسرائيل، التي تتقارب علاقاتها مع دول الخليج بعد تطبيع العلاقات في عام 2020، تلعب أيضًا دورًا كبيرًا في أفريقيا. التقرير يشير إلى أن إسرائيل توفر الأمن والتدريب العسكري وإدارة الموانئ في جميع أنحاء القارة، مما يعزز الشراكة بين الإمارات وإسرائيل في القرن الأفريقي. التحليل يشير إلى أن دعم الإمارات والسعودية لإثيوبيا لا يتعارض فقط مع مصالح مصر، بل يتسبب في تغييرات كبيرة في ميزان القوى بالمنطقة. الإمارات تسعى إلى توسيع نفوذها في إفريقيا من خلال مشاريع تنموية واستثمارية، بينما السعودية تستغل الفرص لتعزيز مكانتها الإقليمية. في تعليق على هذه الديناميات، قال السياسي والإعلامي المصري، الدكتور حمزة زوبع، إن "الدور المصري اختفى بفعل فاعل". زوبع أضاف أن الدعم الخليجي لإثيوبيا قد يكون جزءًا من خطة أوسع لتقليص نفوذ مصر في القارة، حيث أصبحت مصر غير قادرة على مواجهة التحديات الإقليمية بنفس القوة السابقة. التقرير أيضًا تناول تدخلات الإمارات في السودان، حيث تسعى أبوظبي إلى تحقيق مكاسب من خلال دعم قوات الدعم السريع السودانية، والتي تستفيد من السيطرة على مناجم الذهب وإرسال المرتزقة إلى اليمن. هذه التدخلات تعكس تناقضًا واضحًا بين مصالح الإمارات ومصالح مصر في المنطقة. أما بالنسبة للتحليل الاستراتيجي، فقد أشار الكاتب الصحفي قطب العربي إلى أن الإمارات والسعودية تبحثان عن مصالحهما الاستراتيجية والأمنية دون اعتبار لردود الفعل المصرية. وهذا يعكس تحولا في التركيز الخليجي بعيدًا عن الرابطة القومية والعربية التقليدية، نحو تحقيق مصالح خاصة في سياق الصراعات الإقليمية. في ختام التقرير، يمكن القول إن تدخلات الإمارات والسعودية في القرن الأفريقي، وتعميق علاقاتهما مع إثيوبيا، يشكل تحديًا كبيرًا لمصالح مصر. هذه الديناميات تعكس تحولًا كبيرًا في ميزان القوى في المنطقة، حيث تتسارع الخطوات نحو بناء تحالفات جديدة قد يكون لها تأثيرات عميقة على الاستقرار الإقليمي.

