في خطوة مفاجئة وصادمة، اتجهت المملكة العربية السعودية في عهد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان نحو التطبيع العلني مع دولة الاحتلال الإسرائيلي في ظل استمرار الحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي تدخل شهرها الحادي عشر. التحركات السعودية تأتي في وقت يشتد فيه الصراع وتتصاعد فيه الهجمات على الفلسطينيين، ما أثار موجة من الاستنكار والقلق إقليميًا ودوليًا، خاصة أن المملكة قررت الانحياز الواضح للاحتلال الإسرائيلي. بلاد الحرمين تحت حكم بن سلمان منعت استخدام النفط كسلاح لردع الاحتلال الإسرائيلي وإنهاء الحصار والعدوان المستمر على قطاع غزة علاوة عن كونها مشاركة في خيانة الجسر البري. والآن قررت المملكة المضي قدما في تطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي عبر مشاركة مسؤولين بارزين بمؤتمر أمريكي ما يدل على دعم حكومة بن سلمان للاحتلال بشكل غير معلن. شاركت الأميرة ريما بنت بندر آل سعود، سفيرة السعودية في واشنطن، في مؤتمر “MEAD الأول” الذي عقد في العاصمة الأمريكية. المؤتمر شهد حضور عدد كبير من كبار المسؤولين الإسرائيليين برئاسة سفراء أمريكيين سابقين لدى دولة الاحتلال، بالإضافة إلى مشاركة سفيري المغرب والبحرين. الأميرة ريما حضرت أيضًا حلقة نقاش استمع خلالها إلى خطاب من عضو الكنيست وزير الجيش الإسرائيلي السابق، بيني غانتس. تصريحات المسؤولين الإسرائيليين عقب المؤتمر تشير إلى أن هذا الاجتماع يشكل “نافذة فرصة” للتوصل إلى اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل بعد الانتخابات الأمريكية المقررة في نهاية العام الجاري. كما كشف الصحفي الإسرائيلي الشهير عميت سيجال عن وجود تصريحات هامة أدلت بها السفيرة السعودية، لكن تفاصيلها لم تُكشف. في المقابل، أكدت مصادر سعودية معارضة أن السفيرة السعودية أعلنت دعم المملكة لإسرائيل في مساعيها للقضاء على المقاومة الفلسطينية. دعم الاحتلال بشكل غير معلن لم يكن مفاجئًا ما أعلنه وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، بشأن المحادثات السرية مع السعودية لبيع الغاز الإسرائيلي. الوزير أشار إلى أن شركة “نيو مد إنرجي”، المملوكة لرجل الأعمال إسحاق تشوفا، أبدت اهتمامًا كبيرًا بشراء الغاز الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن السعودية تعتبر الغاز الإسرائيلي مصدرًا “نظيفًا وصديقًا للبيئة”. في الوقت نفسه، سلطت الأنظار على الدور الذي تلعبه السعودية في الهجوم الإعلامي ضد غزة ومقاومتها. فقد استخدمت المملكة أدواتها الإعلامية، بما في ذلك قناة “العربية” وحسابات الذباب الإلكتروني، لتشويه صورة المقاومة الفلسطينية والهجوم عليها بشكل منهجي. وقد أكد معارضون سعوديون أن الحكومة تدعم استمرار الحرب الإسرائيلية ضد غزة، على الرغم من البيانات الرسمية التي تصدرها وزارة الخارجية. من جهة أخرى، أكد تقرير حديث أن السعودية كانت قد نفت أي إمكانية لاستخدام النفط كورقة ضغط لوقف القتال في غزة، لكنها في الواقع قامت بتزويد إسرائيل بالنفط عبر خط أنابيب “سوميد” من مصر، وذلك منذ بداية الحرب. وكانت هذه الشحنات تُستخدم كوقود للطائرات والدبابات التي تقصف غزة، مما يُعَدّ مساهمة مباشرة في دعم آلة الحرب الإسرائيلية. تعزيز التعاون العربي الصهيوني على صعيد آخر، كشفت وسائل الإعلام الأمريكية عن مشاركة السعودية في اجتماع أمني رفيع المستوى مع إسرائيل في البحرين خلال يونيو الماضي. الاجتماع، الذي حضره رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هيرتسي هاليفي، جمع كبار المسؤولين العسكريين من السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين والأردن ومصر، وناقش التعاون الأمني الإقليمي. الاجتماع كان بمثابة إشارة إلى استمرار الحوار العسكري بين إسرائيل والدول العربية تحت قيادة أمريكية، رغم الانتقادات الدولية الموجهة لعمليات إسرائيل في غزة. المسؤولون الأمريكيون أكدوا أن التعاون الأمني يشمل جمع المعلومات الاستخبارية ومواجهة أي هجمات محتملة ضد إسرائيل. هذا التعاون، بحسب المسؤولين، يشمل أيضًا جهودًا مشتركة لاعتراض الصواريخ والطائرات بدون طيار الموجهة من إيران والعراق واليمن نحو إسرائيل. الخلاصة يبدو أن المملكة العربية السعودية تسير نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل بشكل علني، إلا أن الموعد المحدد لتنفيذ هذه الخطوة لا يزال غير واضح، حيث يتم النقاش حول ما إذا كان سيتم الإعلان عن التطبيع في الأسابيع القادمة أو بعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.