أفادت تقارير متداولة بأن المفاوضات حول نشر قوات عربية على الحدود بين مصر وقطاع غزة، المعروفة باسم ممر فيلادلفيا، تشهد تقدماً ملحوظاً كجزء من الترتيبات التي يتم بحثها لما بعد انتهاء الحرب في القطاع. تأتي هذه التطورات في سياق جهود إقليمية ودولية لإنهاء الصراع المستمر في غزة وتأمين ترتيبات أمنية طويلة الأمد تضمن الاستقرار في المنطقة.
وفقاً لصحيفة العربي الجديد التي تتخذ من لندن مقراً لها، تلقّت مصر اقتراحاً يتضمن نشر قوات عربية على الحدود مع غزة، وهو اقتراح يُسهّل من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة ويشمل مشاورات مع عدة دول عربية منها المغرب، موريتانيا، وجيبوتي. وتمت مناقشة هذا المقترح مع دول عربية عدة، حيث يمكن أن تشكل هذه القوات جزءاً من القوة الدولية التي قد تتولى مهام مراقبة الحدود وتأمين المنطقة بعد انسحاب القوات الإسرائيلية.

دور الكتيبة العربية المقترحة
المفاوضات الحالية تتحدث عن إمكانية تمركز الكتيبة العربية المقترحة عند معبر نتساريم، وهو ممر أنشأته القوات الإسرائيلية خلال الحرب المستمرة في غزة. وتهدف هذه القوة إلى إنشاء منطقة عازلة بين شمال وجنوب غزة، تتماشى مع السيناريوهات المحتملة لسحب القوات الإسرائيلية من مناطق معينة في القطاع. ويُعتقد أن هذه الكتيبة ستلعب دوراً محورياً في ضمان الأمن والاستقرار على الحدود المصرية الفلسطينية، والتأكد من عدم عودة الفوضى الأمنية إلى المنطقة.
تشير مصادر إسرائيلية إلى أن المسؤولين الإسرائيليين يعملون حالياً على خطط طوارئ تشمل انسحاباً محتملاً من منطقة نتساريم. يأتي ذلك في ظل الجهود الإسرائيلية لحماية مصالح الأمن القومي، لا سيما فيما يتعلق بمخاوف إسرائيل حول احتمال تسلل الأسلحة إلى قطاع غزة عبر الحدود المصرية.

الموقف المصري
تعكس مصر موقفاً متوازناً في هذه المفاوضات، حيث تشير التقارير إلى أن القاهرة تُفضل نشر مراقبين دوليين لمتابعة أنشطة قوات الأمن الفلسطينية على الأرض بدلاً من نشر قوات عسكرية مصرية أو عربية بشكل مباشر. يهدف هذا الموقف إلى تجنب التدخل العسكري المباشر في الشؤون الداخلية لغزة، مع الحفاظ على دور مصر التقليدي كوسيط رئيسي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وضمان الاستقرار على حدودها مع القطاع.
يرى المحللون أن مصر تسعى إلى إيجاد توازن دقيق بين الحفاظ على الاستقرار الإقليمي وتجنب التورط في المزيد من التوترات العسكرية والسياسية في غزة. القاهرة تعتبر ممر فيلادلفيا، الذي يمتد على طول الحدود المصرية مع غزة، نقطة استراتيجية بالغة الأهمية لأمنها القومي. لذا، تُفضّل مصر أن تلعب دوراً مراقباً ومسهلاً في جهود إعادة الإعمار والترتيبات الأمنية في غزة، عوضاً عن التدخل المباشر.

ممر فيلادلفيا وأهميته الاستراتيجية
ممر فيلادلفيا، الذي يعتبر خطاً فاصلاً بين مصر وقطاع غزة، يشكل نقطة خلاف رئيسية في المفاوضات الجارية بين الأطراف المختلفة. يحظى هذا الممر بأهمية استراتيجية بالغة كونه المعبر الذي يمكن من خلاله تهريب الأسلحة إلى غزة. على مدار السنوات الماضية، بذلت إسرائيل جهوداً كبيرة لضمان سيطرتها على هذا الممر، خاصة في ظل تزايد التوترات مع الفصائل المسلحة في القطاع.
وفي هذا السياق، شدد رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو على أهمية الاحتفاظ بالسيطرة الإسرائيلية على ممر فيلادلفيا كجزء من أي ترتيبات أمنية مستقبلية. يرى نتنياهو أن السيطرة على هذا الممر تُمثل عاملاً رئيسياً في منع تهريب الأسلحة والمعدات العسكرية إلى غزة، وبالتالي تقليل المخاطر الأمنية على إسرائيل.

التحديات والآفاق المستقبلية
رغم تقدم المفاوضات حول نشر قوات عربية على الحدود بين مصر وغزة، إلا أن هذا الاقتراح يواجه عدة تحديات.
أولاً، هناك تساؤلات حول مدى قبول الأطراف الفلسطينية المختلفة، وخاصة حركة حماس، لهذه الترتيبات.
ثانياً، لا تزال المخاوف الأمنية تسيطر على الأجواء، حيث تعتبر إسرائيل أن أي انسحاب من منطقة نتساريم يجب أن يرافقه ضمانات صارمة تتعلق بأمن الحدود ومنع تسرب الأسلحة.
في الوقت ذاته، تلعب الإمارات العربية المتحدة دوراً رئيسياً في تسهيل هذه المحادثات، وهو ما يعكس التزامها بدعم الاستقرار في المنطقة والمساهمة في إيجاد حل للصراع الدائر.
لكن يبقى السؤال الأهم حول مدى قدرة هذه الجهود على تجاوز العقبات السياسية والأمنية التي تواجهها.

ختاما ؛ يبقى مصير ممر فيلادلفيا والمفاوضات حول نشر قوات عربية على الحدود بين مصر وغزة موضوعاً مفتوحاً على احتمالات متعددة. وبينما تواصل الأطراف الإقليمية والدولية العمل على إيجاد حلول تُحقق التوازن بين الاستقرار والأمن في المنطقة، تظل التحديات كبيرة أمام التوصل إلى اتفاق نهائي يرضي جميع الأطراف.