في ظل التوتر المتصاعد بين القاهرة وتل أبيب على خلفية التطورات الدراماتيكية في قطاع غزة، تداولت وسائل إعلام إسرائيلية أنباء عن إصابة عدد من الجنود الإسرائيليين في حادث إطلاق نار ودهس على الحدود مع مصر. إلا أن مصدراً مصرياً رفيع المستوى سارع إلى نفي هذه الأنباء، مؤكدًا أن ما وقع على الحدود هو تبادل إطلاق نار بين القوات الإسرائيلية ومجموعة من المهربين في صحراء النقب، وأنه لا صحة لتلك الأنباء التي تحدثت عن دهس أو إصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي. إطلاق نار ودهس.. تضارب الروايات الحادث الذي شغل وسائل الإعلام الإسرائيلية بدأ بمحاولة تهريب مخدرات عبر الحدود المصرية الإسرائيلية. وفقًا للمصادر الإسرائيلية، حاولت مجموعة من المهربين اختراق الحدود بسيارة مسرعة، ما أدى إلى تصاعد الأوضاع بعد أن قامت القوات الإسرائيلية بإطلاق النار نحو المهربين. في هذا السياق، ادعت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الجنود الإسرائيليين تعرضوا لمحاولة دهس وإطلاق نار، مما أسفر عن إصابات. في المقابل، نفت القاهرة هذه الادعاءات بشكل قاطع، موضحة أن ما حدث هو مجرد تبادل نار بين القوات الإسرائيلية والمهربين، دون وقوع أي حادث دهس أو إصابات خطيرة. وأكد المصدر المصري أن الجهات المعنية تتابع الموقف عن كثب لضمان عدم تفاقم الأوضاع على الحدود. تزايد التوتر بين القاهرة وتل أبيب يأتي هذا الحادث في وقت يشهد فيه العلاقات بين مصر وإسرائيل توترًا متزايدًا بسبب التطورات في قطاع غزة. تلعب مصر دورًا محوريًا في الوساطة بين إسرائيل وحركة حماس في الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. غير أن هذه الجهود اصطدمت بتعنّت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يرفض التخلي عن السيطرة العسكرية على معبر رفح الحدودي مع غزة، وكذلك ممرات أخرى هامة مثل ممر فيلادلفيا (محور صلاح الدين) وممر نتساريم، وهو ما يزيد من تعقيد المفاوضات المستمرة منذ أشهر. مصر، التي أبدت تذمرًا واضحًا من موقف نتنياهو، ترى أن تمسك إسرائيل بهذه المطالب يعرقل التوصل إلى تسوية سلمية. وفي أكثر من مناسبة، اتهمت القاهرة تل أبيب بعرقلة جهود الوساطة، الأمر الذي يزيد من تعقيد الأوضاع ويشعل التوتر على الصعيدين السياسي والأمني. الغضب المصري من سياسة نتنياهو الغضب المصري تجاه السياسات الإسرائيلية لا يقتصر فقط على تعنت نتنياهو في ملف غزة، بل يمتد أيضًا إلى السياسات الأمنية والعسكرية على الحدود المصرية الإسرائيلية. حيث رفضت إسرائيل مرارًا وتكرارًا مقترحات مصرية وأمريكية تهدف إلى تخفيف التوترات العسكرية على الحدود، بما في ذلك خطة انتقالية قدمتها واشنطن في مايو الماضي. في هذا السياق، يجد نتنياهو نفسه تحت ضغوط متزايدة ليس فقط من المجتمع الدولي، بل أيضًا من الداخل الإسرائيلي، حيث يعاني من حالة انقسام سياسي وانتقادات واسعة لسياسته المتشددة التي تتسبب في تأخير التوصل إلى حلول وسط. هذا الحادث ليس الأول من نوعه في المنطقة الحدودية بين مصر وإسرائيل. ففي بداية العام الجاري، شهدت الحدود اشتباكًا مسلحًا بين جنود إسرائيليين ومجموعة من المهربين المصريين، أدى إلى إصابة جندي إسرائيلي. وفي مناسبات أخرى، أعلن الجيش المصري إحباط محاولات تهريب متكررة، وهو ما يعكس الطبيعة الحساسة لهذه المنطقة الحدودية التي تشهد بين الحين والآخر مواجهات أمنية مرتبطة بتهريب المخدرات والأسلحة. كما أن حادثة أخرى جرت في يونيو 2023 أثارت الاهتمام الإعلامي بشكل كبير، حيث قُتل ثلاثة جنود إسرائيليين برصاص شرطي مصري على الحدود. هذه الحادثة أدت إلى توتر ملحوظ في العلاقات بين البلدين، لكنها لم تتطور إلى أزمة دبلوماسية. حادث طابا.. توتر إضافي في سياق منفصل، شهدت مدينة طابا المصرية حادثة شجار بين مصريين وسياح إسرائيليين في أحد الفنادق، أسفرت عن إصابة عدد من الأشخاص من الطرفين. ورغم أن الحادث لم يأخذ بعدًا سياسيًا، إلا أنه يعكس حالة التوتر الشعبي بين المواطنين المصريين والإسرائيليين في ظل الأوضاع الحالية في غزة. الحادثة التي نُفيت فيها الأنباء عن وقوع عمليات طعن، أظهرت مدى حساسية الموقف على المستوى الشعبي، خاصة مع تصاعد الحملة الشعبية في مصر ضد التعاملات الاقتصادية والسياحية مع إسرائيل، نتيجة الغضب الشعبي المتزايد تجاه السياسات الإسرائيلية في فلسطين. ختاما ؛ إن حادثة إطلاق النار الأخيرة على الحدود المصرية الإسرائيلية، وإن كانت نتيجة عملية تهريب مخدرات حسب التصريحات الرسمية، إلا أنها تعكس توترًا أكبر في العلاقات بين البلدين. التوتر الذي يتصاعد نتيجة السياسات الإسرائيلية تجاه غزة، والذي قد يؤدي إلى تصعيد أكبر إذا لم يتم التوصل إلى حلول سياسية مناسبة ترضي جميع الأطراف، خاصة فيما يتعلق بملف الحدود ومعبر رفح.