نافذة مصر- أسامة غريب
أكد الدكتور محمد عفان، الباحث في الشؤون السياسية، والمحاضر بقسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة ابن خلدون بإسطنبول، أن إمكانية اندلاع احتجاجات شعبية في مصر تتوقف على وجود قوى سياسية منظمة مثل اتحادات طلابية أو نقابات، كما هو الحال في تجربة بنغلاديش.
وقال عفان في حوار خاص مع "نافذة مصر" معقبا على بحث أجراه مركز الشارع السياسي حول "تقييم الاحتجاجات الشعبية في كل من كينيا ونيجيريا وبنجلاديش وفرص تكرارها في مصر" أن الأنظمة الاستبدادية تعاني من أزمة في الشرعية بسبب عدم نزاهة الانتخابات، إضافةً إلى القمع، الفساد، والاستبداد. وغالبًا ما تعتمد الشريحة المجتمعية الكبرى على الإنجازات التي تحققها هذه الأنظمة مثل الأمن والاقتصاد والمصالح العامة. ولكن عندما تحدث أزمة اقتصادية كبيرة، سواء كانت نتيجة عوامل داخلية أو خارجية، فإن دوافع الناس لدعم النظام تتضاءل، مما يؤدي إلى حالة من التمرد تتراوح بين التظاهرات والمطالب الفئوية وصولًا إلى ثورة كاملة تُطيح بالنظام وفي حالات المظاهرات المحدودة، قد تحدث إصلاحات جزئية داخل النظام، أما إذا كانت المظاهرات واسعة، فإنها قد تُطيح بالنظام بالكامل.
وأكد عفان أن الاحتجاجات في الدول المذكورة في الدراسة بدأت بحلقات اجتماعية ثم انضمت لها الأحزاب الرسمية لاحقًا، وهو ما يؤكد على حيوية هذه المجتمعات التي تحركت في مواجهة القمع الأمني ،، بينما في مصر فإن السلطة تعمد إلى إضعاف كافة الأحزاب السياسية وعزلها عن الشارع، وغلق مسار التأثير عن طريق العمل الاحتجاجي.
وفي إجابته على سؤال حول مدى إمكانية حدوث احتجاجات مشابهة في مصر قال أن هناك بُعدًا مهمًا في مسألة التحرك نتيجة الأزمات الاقتصادية، وهو حيوية المجتمع. المجتمع المصري، حيث أصبح الشعب بعد تجربة الثورة ثم الانقلاب منهكًا بسبب عدم الاستقرار السياسي والقمع الأمني، إضافة إلى عدم استجابة السلطة الحالية لأي ضغوط على الرغم من الأزمة الاقتصادية القائمة.
وأضاف عفان أن الشعب المصري مازال مترددا مع فكرة التظاهر ويدرس مدى جداواها وتأثيرها المحتمل رغم حاجته لها ، خاصة في ظل غياب قوى سياسية منظمة مثل الاتحادات الطلابية أو النقابات، كما هو الحال في بنغلاديش، حيث بدأت الاحتجاجات هناك بحلقات اجتماعية ثم انضمت الأحزاب الرسمية لاحقًا ، بينما في مصر تم إضعاف كافة الأحزاب السياسية وعزلها عن الشارع.
وحول الدور الذي يمكن أن تلعبه جماعة الإخوان المسلمون في حال اندلاع احتجاجات في مصر ، قال عفان أن الأمر لا يتعلق بجماعة الإخوان المسلمون فقط، بل يشمل جميع القوى والأحزاب السياسية في مصر. مؤكدا أن هناك تحديات هائلة تواجه القوى والتيارات السياسية ومنها أن يكون لهذه الأحزاب والقوى السياسية القدرة على التأثير في السلطة الحالية واستثمار حالة عدم الرضا الشعبي العام.
وأضاف عفان أن التحدي الثاني الذي يواجه القوى والتيارات السياسية في سبيلها للتغيير والاحتجاج هو مدى قدرتها على امتلاك حلول حقيقية للتعاطي مع الأزمات المتراكمة الموجودة، سواء كانت اقتصادية أو أزمات مثل سد النهضة أو الفوضى الإقليمية التي تسببت فيها السلطة الحالية ، وهل لدى هذه الأحزاب تصور للتعامل مع هذه الأزمات؟ ، فإذا كان الجواب نعم، فإن هذا قد يعزز من قدرتهم على التأثير مؤكدا أن على هذه القوى أن تقوم بتوصيل رسالة للشعب بأن لديها حلولا للمشاكل التي تتعرض لها مصر وأن الاحتجاج أو المطالبة بالتغيير ستكون نتائجها إيجابية سواء على المستوى الاجتماعي أو الاستقرار السياسي.

