اثار قرار وزارة الخارجية البريطانية، الذي أُعلن مساء الاثنين، بتعليق 30 من أصل 350 ترخيصًا لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل، موجة من الانتقادات الحادة والهجوم على الحكومة البريطانية، حيث وصف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو القرار بأنه "مخزي" و"داعم لحركة حماس". وفي المقابل، أثار القرار أيضًا جدلاً واسعاً داخل بريطانيا، بين مؤيد ومعارض، متضمنًا انتقادات من شخصيات بارزة ومنظمات حقوقية.
في تعليق له عبر موقع "إكس"، أدان نتنياهو القرار البريطاني واعتبره "لصالح حماس"، مشيرًا إلى أن حركة حماس ارتكبت "إبادة جماعية" ضد المدنيين الإسرائيليين في هجوم 7 أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، بما في ذلك 14 مواطنًا بريطانيًا.
وقال نتنياهو: "حماس تحتجز أكثر من 100 رهينة، بما في ذلك 5 بريطانيين. وبدلاً من الوقوف مع إسرائيل، الديمقراطية التي تدافع عن نفسها ضد البربرية، فإن قرار بريطانيا المضلل لن يؤدي إلا إلى تشجيع حماس". وأضاف أن التاريخ سيحكم على الموقف الإسرائيلي ضد حماس كما حُكم على بريطانيا في الحرب العالمية الثانية ضد النازيين.
القرار البريطاني، الذي يستهدف فقط 30 ترخيصًا لتصدير الأسلحة من إجمالي 350 ترخيصًا إلى إسرائيل، يمثل أقل من 10% من إجمالي الصادرات البريطانية إلى إسرائيل. ورغم حجم هذه النسبة الضئيلة، إلا أن القرار فتح المجال لانتقادات واسعة من جهات مختلفة. رئيس الحكومة البريطاني السابق بوريس جونسون انتقد بشدة حزب العمال وحكومته، موجهًا اتهامات له بالتخلي عن إسرائيل والتساؤل عن نواياهم في ظل الأوضاع الحالية في غزة. وقال عبر حسابه في موقع "إكس": "لماذا يتخلى لامي وستارمر عن إسرائيل؟ هل يريدون لحماس الفوز في الحرب في غزة؟"
كما انتقد فيل روزنبرغ، رئيس مجلس نواب اليهود البريطانيين، القرار الذي وصفه بأنه يرسل "رسالة رهيبة" لإسرائيل في "ساعة حاجتها". وقال في برنامج "تودي" على راديو بي بي سي 4: "في اليوم الذي دفن فيه هؤلاء الأشخاص الجميلون، قررت المملكة المتحدة إرسال إشارة مفادها أنها تريد معاقبة إسرائيل، وهذه رسالة رهيبة للغاية".
داخل حزب العمال، أثارت المجموعة المعروفة بـ "أصدقاء إسرائيل داخل حزب العمال" مخاوف من أن القيود المفروضة على مبيعات الأسلحة لن تسهم في إنهاء الصراع في غزة أو ضمان إطلاق سراح الرهائن.
وأعربت المجموعة عن قلقها من تأثير هذه القيود على إيران، مؤكدة أن ذلك قد يشجع أعداء إسرائيل على تصعيد التوترات.
من جهة أخرى، علقت النائبة زارا سلطانة عن حزب العمال على القرار بالقول: "لا ينبغي لحزب العمال أن يحظر جزءًا صغيرًا من تراخيص الأسلحة لإسرائيل". وأضافت أن الحظر لا يزال يترك 320 ترخيصًا قائمًا، بما في ذلك أجزاء لطائرات F-35، وأشارت إلى ضرورة حظر جميع مبيعات الأسلحة.
في المقابل، انتقد الناشط البريطاني ضد صناعة الأسلحة، أندرو فينيشتاين، القرار، قائلاً إن تعليق 30 ترخيصًا فقط لا يمثل سوى 10% من صادرات الأسلحة البريطانية، مما يجعل القرار غير كافٍ وغير مؤثر بشكل كبير.
وأكد أن بعض المكونات المهمة لطائرات F-35 ما زالت مشمولة في التراخيص.
كما قامت حركة "بالستاين أكشن" بتنظيم احتجاج صباح اليوم، حيث استهدفت مكاتب شركة "أبكو العالمية" في لندن، وهي جماعة ضغط تعمل لصالح شركة الأسلحة الإسرائيلية "إلبيت سيستمز". ورشّ المحتجون المبنى بالطلاء الأحمر وأغلقوا المدخل باستخدام أقفال، مطالبين بوقف الدعم البريطاني لتجارة الأسلحة الإسرائيلية.
في الختام، يظهر القرار البريطاني الأخير بشأن تصدير الأسلحة إلى إسرائيل حجم التوترات السياسية والإعلامية في البلاد حول كيفية التعامل مع الصراع المستمر في غزة. بينما تظل ردود الأفعال متنوعة، فإن الأوضاع في المنطقة تظل في قلب النقاشات السياسية والاجتماعية البريطانية.