في ظل أجواء من التوتر الإقليمي وارتفاع تكاليف المعيشة التي تهدد اقتصاد مصر الهش، جاء قرار صندوق النقد الدولي بتأجيل وصول بعثته الرابعة إلى القاهرة بمثابة صدمة للحكومة المصرية.
هذا التأجيل، الذي يمتد لمدة شهر، يحول دون صرف مبلغ يصل إلى ملياري دولار كانت مصر تنتظرها بفارغ الصبر لمواجهة أزمة دولارية تلوح في الأفق، وذلك مع اقتراب مواعيد سداد ديون خارجية كبيرة قبل نهاية العام.
كان من المقرر أن تصل بعثة الصندوق إلى القاهرة في 15 سبتمبر الجاري لإتمام المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، إلا أن الصندوق أعلن في تقرير مفاجئ عن تأجيل الموعد إلى منتصف أكتوبر المقبل. يأتي هذا القرار بعد المراجعة الثالثة التي اعتمدت في 29 يوليو الماضي، والتي أسفرت عن الإفراج عن 820 مليون دولار من قرض متفق عليه بقيمة 8 مليارات دولار.
بالإضافة إلى ذلك، كانت الحكومة المصرية تأمل في الحصول على قرض تكميلي آخر بقيمة 1.2 مليار دولار من صندوق الصلابة والاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي.
وكشفت وثيقة صادرة عن مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، أن الصندوق أجل مطالبته للحكومة المصرية برفع أسعار الطاقة والمحروقات بشكل دوري كل ثلاثة أشهر، بشرط التزامها بوقف دعم الوقود تماماً بحلول ديسمبر 2025.
وتضمنت الوثيقة أيضاً تعهدات من الحكومة الحالية والسابقة برفع أسعار المحروقات إلى مستوى التكلفة، وإنهاء دعم كافة المنتجات البترولية بحلول نهاية العام المقبل، وهو ما قد يوفر لهيئة البترول ما بين 10 إلى 11 مليار جنيه شهرياً.
ورغم هذه التعهدات، أبدى خبراء صندوق النقد الدولي اعتراضهم على عدم التزام الحكومة بتعهداتها المكتوبة، التي قدمها وزير المالية السابق محمد معيط ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله في يونيو الماضي، والتي تم تحديثها بتعهدات إضافية في 24 يوليو 2024 عقب تولي أحمد كوجك وزارة المالية.
وقد شملت هذه التعهدات الجديدة التزام الحكومة بخفض الدعم عن السلع التموينية، وزيادة الوعاء الضريبي، ورفع أسعار الوقود، والتوجه نحو دعم عيني يبدأ تنفيذه في عام 2025، ويستهدف نحو 11 مليون أسرة تعتبرها الحكومة مؤهلة لبرامج التحويلات النقدية.
من المتوقع أن يتم تنفيذ هذه الإجراءات ضمن موازنة العام 2024-2025 الحالية، التي بدأت في الأول من يوليو/تموز، وتشمل نحو 55 مليون نسمة.
ومع ذلك، تشير الوثيقة إلى أن الحكومة تخطط لإزالة نحو 20 مليون مواطن من قائمة المستفيدين من الدعم العيني، بما في ذلك الدعم على الخبز والسلع التموينية، وهو ما يثير قلقاً كبيراً بشأن تأثير هذه السياسات على الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع المصري.
في ظل هذه التطورات، تظل الحكومة المصرية في موقف حرج، حيث تواجه تحديات مالية كبيرة تحتاج إلى حلول سريعة، بينما تضطر للتعامل مع تأخر المساعدات المالية الدولية وارتفاع الضغوط الاقتصادية على المواطنين.