تُعَدّ العلاقات العسكرية بين مصر والصومال مسألة حساسة في ظل الأوضاع الراهنة في القرن الأفريقي. فبعد إعلان إثيوبيا وجمهورية أرض الصومال، التي لم تُعترف بها دولياً، عن اتفاق مبادئ يسمح لإثيوبيا بالحصول على منفذ بحري عبر ميناء بربرة في خليج عدن، بدأت الحكومة الصومالية تكثيف جهودها الدبلوماسية على الصعيدين الإقليمي والدولي لمنع تنفيذ هذا الاتفاق. ويأتي في هذا السياق توقيع الحكومة الصومالية على اتفاقيات دفاعية مع تركيا ومصر، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخطوات ستؤدي إلى تعزيز الأمن الإقليمي أم أنها قد تُعَجّل باندلاع صراعات جديدة.
في الفترة الأخيرة، اتخذت الحكومة الصومالية خطوات دبلوماسية حثيثة لمواجهة الاتفاق بين إثيوبيا وجمهورية أرض الصومال. كان من بين هذه الخطوات توقيع اتفاقية دفاعية مع تركيا، تهدف إلى حماية السواحل الصومالية الممتدة على خليج عدن. كما أبرمت الحكومة الصومالية قبل أيام بروتوكول تعاون عسكري مع مصر، يُعنى بحماية الداخل الصومالي ومساعدته في مواجهة التهديدات الخارجية. تشير جميع الدلائل إلى أن هذه التحركات جاءت كاستجابة للتعزيزات العسكرية الإثيوبية في أرض الصومال، حيث بدأت إثيوبيا بتنفيذ برامج تدريبية عسكرية وأمنية وبناء قاعدة عسكرية هناك، وهو ما يُظهر عزمها على المضي قدماً في مشروعها الاستراتيجي للحصول على منفذ بحري عبر الأراضي الصومالية.
تسعى الصومال إلى إشراك مصر في أزمة الخلاف مع إثيوبيا، خاصة بعد أن قادت تركيا جهود الوساطة لإيجاد حل توافقي. كان من المتوقع أن تُفضي هذه الوساطة إلى صفقة تحقق مصالح جميع الأطراف، إلا أن الصومال ألغت الاتفاق الذي يمنح إثيوبيا منفذاً بحرياً في بربرة، واعتبرت أن الوساطة التركية قد تكون محاولة لتمديد الوقت من جانب إثيوبيا التي بدأت فعلياً في تأسيس قاعدة عسكرية في أرض الصومال. وقد أثار هذا التحرك قلق الحكومة الصومالية، التي تعتبر أن وجود قاعدة عسكرية إثيوبية في أرض الصومال يشكل تهديداً لمصالحها.
أدى توقيع بروتوكول التعاون العسكري مع مصر إلى تعزيز الثقة الصومالية في القدرة على مواجهة التهديدات الإثيوبية. هذا البروتوكول يعكس التزام مصر بالحفاظ على وحدة الأراضي الصومالية ودعمها في مواجهة التحديات الأمنية. كما يعكس هذا التعاون مساعي الصومال لتوسيع دائرة الشركاء الاستراتيجيين وعدم الاعتماد فقط على تركيا، التي أسست أكبر قاعدة عسكرية في الصومال، وهو ما أثار مخاوف من أن تكون لها سيطرة مفرطة على الشؤون الأمنية في البلاد.
في سياق متصل، دفعت الانتقادات التي واجهتها الحكومة الصومالية بشأن استبدال البعثة الأفريقية لحفظ السلام بالقوات التركية، القاهرة إلى لعب دور رئيسي في تعزيز الاستقرار. وقد جاء توقيع بروتوكول التعاون العسكري مع مصر كخطوة مهمة في هذا الاتجاه، حيث يهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في الصومال، وتسريع انتقال المهام الأمنية إلى القوات الصومالية.
تُظهر التطورات الأخيرة أن مصر تُدرك أهمية التعامل مع التواجد الإثيوبي المتزايد في منطقة القرن الأفريقي، وخصوصاً بعد تنفيذ إثيوبيا لبرامج تدريبية وبناء قاعدة عسكرية في أرض الصومال. في زيارته الأخيرة إلى القاهرة، نجح الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في توقيع بروتوكول التعاون العسكري مع مصر، مما خفف من مخاوف الحكومة الصومالية من احتمالات تفوق إثيوبيا في الحصول على المنفذ البحري.
من جهة أخرى، يشكل التنافس بين القوى الكبرى على النفوذ في الصومال عاملاً معقداً في الأزمة. فبينما تسعى تركيا لتعزيز مصالحها عبر استثمارات ضخمة في المنطقة، تأمل الصومال أن تؤدي الشراكة مع مصر إلى تحقيق توازن استراتيجي، خصوصاً في ظل الصراع القائم حول الموارد البحرية والأمن الإقليمي.
تظل المخاوف قائمة من أن يؤدي التعاون المصري الصومالي إلى تصعيد الصراعات، خاصة إذا ما استمرت إثيوبيا في تعزيز وجودها العسكري في المنطقة. هناك أيضاً مخاوف من أن يؤدي انسحاب القوات الإثيوبية من الصومال إلى ظهور صراعات جديدة، نظراً للدور الذي لعبته إثيوبيا في تأمين الاستقرار في الصومال على مر السنين.
بالمجمل، يُبدي المراقبون قلقاً من أن أي تصعيد عسكري قد يعقد المشهد الأمني في الصومال ويؤثر على الاستقرار الإقليمي. في ظل هذه التوترات، تبقى الأسئلة قائمة حول ما إذا كان التعاون المصري الصومالي سيحقق أهداف الأمن والاستقرار أم أنه سيزيد من تعقيد الصراعات القائمة.