تعد أزمة انقطاع الكهرباء في مصر من المشكلات البارزة التي تؤثر بشكل كبير على حياة المواطنين والاقتصاد الوطني. تواجه البلاد تحديات متعددة في قطاع الكهرباء، تشمل انقطاعات متكررة وسوء إدارة البنية التحتية للطاقة. يهدف هذا التقرير إلى تقديم نظرة شاملة حول أزمة قطع الكهرباء في مصر، مسبباتها، آثارها، والحلول المقترحة. كشفت التقارير الإعلامية هذا الأسبوع عن زيادة كبيرة في أسعار الكهرباء للمنازل في مصر، تصل إلى 50%، في إطار استمرار خطط إلغاء الدعم تدريجياً التي بدأت قبل أكثر من عقد. وتبرر الحكومات المتعاقبة هذه الزيادات بأن الأسعار الحالية "لا تتناسب مع تكلفة إنتاج الكهرباء" في البلاد. وفقاً لوكالة رويترز، فإن مصر قد رفعت أسعار الكهرباء للمنازل بنسبة تصل إلى 50% ضمن اتفاق مع صندوق النقد الدولي. وقد تم تطبيق الزيادة الجديدة اعتباراً من يوم السبت على العدادات مسبقة الدفع، بينما ستُطبق على العدادات العادية اعتباراً من الأول من أكتوبر المقبل. وتتفاوت الزيادات بين 14.45% و50%. ونشرت صحيفة "المصري اليوم" تفاصيل الأسعار الجديدة، حيث ارتفع سعر الكيلووات/ساعة في الشريحة الأولى (حتى 50 كيلووات) إلى 68 قرشاً بدلاً من 58 قرشاً، وفي الشريحة الثانية (من 51 إلى 100 كيلووات) إلى 78 قرشاً بدلاً من 68 قرشاً، وفي الشريحة الثالثة (حتى 350 كيلووات) إلى 95 قرشاً بدلاً من 83 قرشاً. أما الشريحة الرابعة (من 101 إلى 350 كيلووات) فقد زاد سعرها إلى 155 قرشاً بدلاً من 125 قرشاً، والشريحة الخامسة (من 350 إلى 650 كيلووات) إلى 195 قرشاً بدلاً من 140 قرشاً، والشريحة السادسة (حتى 1000 كيلووات) إلى 2.10 جنيه بدلاً من 140 قرشاً، والشريحة السابعة والأخيرة (أكثر من 1000 كيلووات) إلى 2.23 جنيه بدلاً من 165 قرشاً. منذ مارس الماضي، بدأت الحكومة المصرية بتطبيق زيادات محتملة في أسعار بعض السلع والخدمات، تماشياً مع اتفاق استئناف برنامج قرض مع صندوق النقد الدولي. وصرح رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الشهر الماضي، بأن البلاد "لا يمكنها تحمل الاستهلاك المتزايد وارتفاع الأسعار العالمية"، مشيراً إلى أن الحكومة "لا سبيل" أمامها سوى تعديل أسعار بعض الخدمات، بما في ذلك الكهرباء والمحروقات والأدوية، بهدف سد الفجوة المالية خلال فترة تمتد إلى سنة ونصف. تاريخ زيادة الكهرباء منذ عام 2010، كانت الحكومة المصرية تخطط لزيادة أسعار الكهرباء بنسبة 5% سنويًا في المتوسط، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "المصري اليوم" في يونيو من نفس العام. ومع ذلك، قررت الحكومة تأجيل رفع الأسعار حتى بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية، إلا أن هذه الخطط تأجلت مؤقتًا بعد ثورة شعبية أطاحت بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك. وفقًا للتقرير السنوي للشركة القابضة لكهرباء مصر للفترة 2010-2011، كانت الشريحة الأولى للاستهلاك المنزلي تُقدَّر بخمسة قروش لكل كيلووات/ساعة منذ عام 1993، وهو السعر الذي استفاد منه جميع المشتركين. وكان هذا السعر يشكل حوالي 15.6% من تكلفة تغذية الكهرباء للمنازل، حيث كانت أسعار الكهرباء المنزلية مدعمة حتى استهلاك 1400 كيلووات/ساعة شهريًا. زادت أسعار الشريحة الأولى للكهرباء في مصر بنسبة 1260% منذ عام 2012 حتى الآن. وقد بدأت الحكومة فعليًا في تقليص الدعم المقدم للكهرباء للاستخدام المنزلي خلال العام المالي 2012-2013، كما يظهر تقرير الشركة القابضة لكهرباء مصر. كما جاء في تقرير الشركة السنوي للفترة 2012-2013، أن دعم الكهرباء لأغراض الاستهلاك المنزلي تم تخفيضه حتى استهلاك 1100 كيلووات/ساعة شهريًا، وذلك في وقت كانت البلاد تعاني من أزمة حادة في انقطاع التيار الكهربائي استمرت حوالي عامين. خلال هذه الفترة، بدأت السلطات في زيادة أسعار الكهرباء بشكل مباشر، وتسارعت هذه الزيادة بعد أول تعويم للجنيه عام 2016، لتشمل جميع الشرائح تدريجيًا سواء للاستخدام المنزلي أو الصناعي، وسط تأكيدات بأن الأسعار ما زالت لا تتناسب مع تكلفة الإنتاج. مصر خفضت الدعم عن الكهرباء بنسبة 1000% شهد دعم الكهرباء في مصر تراجعًا كبيرًا بنسبة تقترب من 1000% على مدى السنوات العشر الماضية. وفقًا لبيانات وزارة المالية، بلغ دعم الكهرباء في موازنة العام المالي الحالي 2024-2025 حوالي 2.5 مليار جنيه (51 مليون دولار)، مقارنة بـ 23.60 مليار جنيه (480 مليون دولار) في موازنة 2014-2015. في العام المالي 2011-2012، كان دعم الكهرباء صفريًا، ثم زاد تدريجيًا إلى 8.55 مليار جنيه (180 مليون دولار) في العام المالي 2012-2013، وبلغ ذروته في موازنة 2017-2018 عند 28.585 مليار جنيه (590 مليون دولار) قبل أن يبدأ في التراجع.
تخطط الحكومة لمواصلة زيادة أسعار الكهرباء خلال السنوات المقبلة لتحقيق توازن في الإنفاق وتقديم الدعم للفئات الأكثر احتياجًا. كما تعاني مصر من أزمة في إنتاج الكهرباء، مما دفعها لوقف صادرات الغاز الطبيعي المسال منذ مايو 2024 وتطبيق خطة لتخفيف الأحمال عبر قطع التيار الكهربائي، قبل إلغائها مؤخراً بعد التعاقد على شحنات وقود كافية لإنهاء أزمة انقطاع التيار الكهربائي خلال الصيف.

