في يوم واحد هو أول من أمس الاثنين، خرجت من مصر عدة عناوين تشي كلها بأن موجة قفزات الأسعار لن تتوقف عند هذا الحد، وأن التضخم سيلازم الأسواق حتى نهاية موعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي (46 شهراً) والتي تم بموجبها حصول الحكومة على قروض بقيمة 9.25 مليارات دولار. الخبر الأول هو زيادة الحكومة أسعار الكهرباء للمنازل التي تستهلك نحو 35% من الكهرباء بنسب تصل إلى 50%، مع تطبيق تلك الزيادة بأثر رجعي على العدادات مسبقة الدفع، أما الفواتير الشهرية فيجري التطبيق من سبتمبر المقبل. وامتدت الزيادات للأنشطة الاقتصادية الأخرى، ففي بداية سبتمبر المقبل ستتم زيادة أسعار الكهرباء للقطاع التجاري بين 23.5% و46%، وزيادة أسعار الكهرباء للقطاع الصناعي بين 21.2% و31%. الخبر الثاني هو زيادة أسعار الأدوية بنسب قياسية، فقد توقع رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية في مصر، علي عوف، زيادة أسعار 1600 مستحضر دوائي خلال الفترة من سبتمبر حتى نهاية العام المقبل استجابة لطلبات جميع شركات الأدوية التي رفعت جميع الأصناف. ووفق تصريحات عوف، فإن مصر رفعت أسعار نحو 200 صنف دواء بنسبة تصل إلى 50% خلال شهري يونيو ويوليو 2024، بسبب ما أسماه بارتفاع تكاليف الإنتاج على خلفية تعويم الجنيه، وهو ما ساهم في توفير نحو 20% من الأدوية الناقصة بالسوق. وتوقع ارتفاع أسعار 200 صنف آخر خلال أغسطس الجاري وسبتمبر المقبل بنفس نسب الزيادة السابقة. وامتدت الزيادة حتى لأدوية الأمراض المزمنة التي زادت أسعارها بنسبة 30% والأدوية غير المزمنة بين 30% و50%. ورغم تلك الزيادات المتواصلة، تعاني السوق المحلية من عجز في نحو 1000 صنف دواء من إجمالي 17 ألف صنف متداول. الخبر الثالث خرج من وزارة التموين والتجارة الداخلية، ويتضمن عدة تطورات. الأول ما كشفه الوزير شريف فاروق، عن وجود مقترح لبيع الخبز المدعّم بالوزن بدلاً من العدد المحدد بواقع خمسة أرغفة يوميا للمواطن على بطاقة التموين بسعر 20 قرشا لكل رغيف بعد قرار زيادة سعر الرغيف من خمسة قروش إلى 20 قرشا. والثاني هو إعلان الوزير أمس أنه سيتم إيقاف صرف السكر الإضافي على البطاقات التموينية بداية سبتمبر. يواكب التصريحين الكشف عن أن مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، تبحث استيراد القمح من تركيا ومناشئ أخرى خلال الفترة المقبلة، بعد شراء الجزائر نحو 600 ألف طن منها. كما طلبت مصر أخيراً شراء 1.8 مليون طن من القمح، في أكبر مناقصة دولية بتاريخ استيراد البلاد لتلك السلعة الاستراتيجية. لا يتوقف الأمر على تلك الزيادات في أسعار سلع حياتية ومعيشية، فقد سبقت قرار زيادة أسعار الكهرباء والأدوية زياداتٌ أخرى في مياه الشرب ومشتقات البترول من بنزين وسولار والمواصلات العامة وغيرها، وامتدت الزيادات للرسوم الحكومية وإيجارات المنازل وتكلفة المعيشة وأسعار الأسمدة ومواد البناء وغيرها. السؤال هنا: هل قطار الزيادات سيتوقف عند هذا الحد، بخاصة أن نسب الزيادات قياسية ومتواصلة وتفوق القدرة الشرائية لمعظم المصريين الذين يعانون منذ سنوات من تآكل مدخراتهم وتهاوي العملة الوطنية بفعل التعويم المتواصل والتضخم الجامح وخفض الدعم الحكومي للسلع الأساسية بما فيها التموينية ورغيف الخبز؟ والإجابة بالنفي القاطع، فطالما هناك اتفاق مع صندوق النقد الدولي ينص على خفض الدعم تمهيدا لوقفه تماما، وطالما هناك سفه في الاقتراض الخارجي فإنّ قطار زيادات أسعار السلع والخدمات مستمر، وربما تزيد سرعته في أوقات لاحقة، مع زيادة أعباء الدين الخارجي.