قال مصدر مسؤول بشعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية إن أزمة نقص الدواء لن تُحل إلا في حال تسريع وتيرة زيادة أسعار أصناف الدواء، لأن الشركات غير قادرة على تحمل تكلفة عدد من الأصناف في السوق، وتحمل المزيد من الخسائر المالية، ما يجعلها تحجم عن تصنيع عدد من أصناف الدواء الاستراتيجية في السوق.

وأكد المصدر أن تصريحات المسؤولين بأن الأزمة ستحل خلال الشهر الحالي غير صحيحة إطلاقًا، «مجرد مسؤولين بيقولوا كلام علشان يطمن الناس لكن ذلك لن يحدث»، قال المصدر، موضحًا أن الشركات تحتاج إلى قدر معين من السيولة المالية من العملة المحلية لشراء الدولار من البنك، خاصة بعد تعويم الجنيه، لأنها لن تتحمل المزيد من الخسائر المالية. 

وكانت شركات الأدوية بدأت في مايو الماضي، بتلقي إخطارات من هيئة الدواء بزيادة أسعار الدواء ما بين 25 و45%، على أن تكون نسبة الزيادة أقل في أدوية الأمراض المزمنة مقارنة بأدوية الأمراض غير المزمنة، على أن ترفع سعر مستحضر واحد فقط من إنتاجها أسبوعيًا، بهدف تلافي ارتفاع الأسعار بالكامل في السوق بشكل مفاجئ.

وأضاف المصدر أن زيادة صنف كل أسبوع، خاصة مع الشركات الكبيرة، ستجعل العملية تستغرق وقتًا طويلًا للغاية، موضحًا أنه على سبيل المثال، لو افترضنا أن شركة مسموح لها بزيادة أسعار 50 صنفًا في تلك الحالة ستنتظر الشركة عامًا كاملًا لزيادة جميع أصنافها، فيما يفترض أن تزيد جميع أصناف الدواء المدرجة ضمن الخطة خلال شهرين فقط لحل أزمة النواقص.

وكان رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، علي عوف، قال في تصريحات تلفزيونية الإثنين الماضي، إن أزمة النواقص قد تشهد انفراجة خلال عشرة أيام.

وقال رئيس لجنة التصنيع بنقابة الصيادلة، محفوظ رمزي لـ«مدى مصر»، إن سبب أزمة نقص الدواء حدوث تأخير في قرارات رفع أسعار الدواء بعد تعويم سعر العملة، وبالتالي تعطل إنتاج الشركات للدواء، لأن دورة إنتاج وتسجيل الدواء تأخذ بعض الوقت، بجانب وجود أولوية لدى الدولة لتوريد الأدوية لهيئة الشراء الموحد حتى توفر الدواء في التأمين الصحي لمحدودي الدخل.

وكان رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، أكد خلال مؤتمر صحفي الثلاثاء الماضي، أن تحريك أسعار الأدوية سيكون بحسابات دقيقة، مشيرًا إلى وجود خطة لتحريك محسوب لبعض الأدوية حتى آخر العام، لضمان عدم وجود أي نقص في الأدوية. 

وقال صاحب شركة دواء، طلب عدم ذكر اسمه، لـ«مدى مصر»، إن أحد الأسباب المهمة في نقص الدواء يعود لوجود تأخر في وصول خامات الدواء التي نستوردها، نتيجة استهداف الحوثيين للسفن بالبحر الأحمر، واضطرار السفن إلى الإبحار عبر طريق رأس الرجاء الصالح، موضحًا: «هناك أصناف ننتجها ناقصة من السوق وبالفعل طلبنا خامات من الشركات العالمية كان من المفترض موعد وصولها منذ أسبوعين، ولكن عندما تتبعنا السفن اكتشفنا أن موعد وصولها سيكون نهاية الشهر الحالي».  وأضاف أن «هناك أزمة أخرى، وهي عدم توافر الدولار». 

وأكد مستشار غرفة صناعة الدواء، محمد بهي، أن أحد أسباب أزمة نقص الدواء يتمثل في قلة الخامات وارتفاع أسعارها، مشيرًا إلى أن التطورات السياسية الجارية في المنطقة أدت إلى ارتفاع تكلفة الشحن بقدر يفوق سعر الخامات نفسها، كما أن نقص الدولار أدى إلى عدم قدرة المصانع على استخراج نماذج إفراج من البنوك، وبالتالي تسلم الشحنات المستوردة من الموانئ، ما أدى إلى زيادة الغرامات، وحتى بعد الانفراجة النسبية في توافر الدولار مؤخرًا، أدى ارتفاع سعر الصرف الرسمي إلى ارتفاع مماثل في تكلفة الإفراج عن هذه الشحنات، فضلًا عن تلف بعض تلك الخامات أثناء وجودها بالموانئ. 

جمعية الحق في الدواء قالت من جانبها في بيان اطلع «مدى مصر» على نسخة منه، أن تصريحات رئيس الوزراء حول زيادة أسعار الدواء في مصر لأنه أرخص 50 مرة عن الأسعار في دول العالم «صادمة»، لأن ذلك «غير حقيقي»، كما أن أسعار الدواء تحركت في مصر في بداية العام الماضي، حين رفعت أسعار نحو ألف صنف بنسب تراوحت بين 25-60%، على اعتبار أن هذه الأصناف تواجه خسارة.  

كما أكدت الجمعية أن مصر عانت خلال آخر سنتين بسبب أن المواد الخام لصناعة الدواء تأتي عن طريق الاستيراد، وهذه الأزمة طالت الأصناف التي تعتبر منقذه للحياة أو الأصناف البسيطة التي تصنع في مصر سواء الأدوية المثيلة أو البديلة حتى أصبح هناك طوابير يومية ممتدة في صيدليات الشكاوي بوسط العاصمة وعواصم المحافظات.
وبحسب الجمعية يوجد في مصر حوالي 17 ألف صنف مسجل رسميًا تتم صناعة حوالي 90% منهم، وتمتلك 176 شركة مصانع إلى جانب سبع شركات قطاع أعمال و22 فرعًا لشركات أجنبية، و1200 شركه تجارية لا تمتلك مصانع لإنتاجها. وتعدت مبيعات الدواء في مصر حوالي ثلاثة مليارات دولار في سنة 2023، وذلك دون مبيعات القوات المسلحة ووزارة الداخلية ومناقصات وزارة الصحة، ما يعني أن مصر أكبر سوق للدواء في المنطقة من حيث عدد الوحدات الدوائية المباعة، كما أنه السوق الثاني ماليًا في المنطقة.