“أرفف شبه خاوية وأقفاص الدواجن أقل من المعتاد وحركة مبيعات متراجعة”. بهذه الكلمات يلخص أبو مصطفى الحمزاوي، تاجر الدواجن، ما يقول إنه انعكاس خطر لانقطاع الكهرباء على واحد من أهم قطاعات الأمن الغذائي للمصريين.

وأفاد ثروت الزيني نائب رئيس الاتحاد العام لمنتجي الدواجن في حديثه للجزيرة مباشر بأن الارتفاع الأخير في أسعار الدواجن والبيض كان بسبب خطة الدولة لتخفيف أحمال الكهرباء.

وقال الزيني محذرًا: “عشان نوفر دولار من تخفيف الأحمال سنضطر إلى استيراد الدواجن بالدولار من الخارج لنفوق عدد كبير منها بسبب خطة تخفيف الأحمال في ظل ارتفاع الحرارة. نحن نعمل في جزر منعزلة ولا بد من وجود نقاش، وتنسيق قبل اتخاذ أي قرار”، مشيرًا إلى ارتفاع مستمر في الأسعار تجاوز 30% خلال الأيام القليلة الماضية.

في المقابل، قال عبد العزيز السيد رئيس شعبة الثروة الداجنة باتحاد الغرف التجارية إن الحديث عن ارتفاع الأسعار بنسبة تتجاوز الـ20% نتيجة قطع الكهرباء، كلام غير منطقي أو عقلاني.

وأضاف “في حالة وجود تأثير لن يتخطى نسبة الـ5% فقط لأن الشركات الكبرى المنتجة لن تتأثر بقطع الكهرباء نتيجة امتلاكها مولدات كهربية”.

ونشر بعض تجار الدواجن مقاطع “فيديو” توثق الخسائر التي لحقت بهم منذ بداية تخفيف أحمال الكهرباء، وسط مناشدات للجهات الحكومية بالتدخل لإنقاذ هذا القطاع الحيوي من الانهيار وتعويض المنتجين عن الخسائر.

نهيار واحد من أهم القطاعات الحيوية للغذاء في مصر
من جانبه، حذر الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب من انهيار واحد من أهم القطاعات الحيوية للغذاء نتيجة الانقطاع المتكرر للكهرباء، مُشيرًا إلى أن مصر بها أكثر من 11 ألف مزرعة دواجن يتجاوز حجم استثماراتها 120 مليار جنيه.

وأوضح عبد المطلب للجزيرة مباشر أن درجة الحرارة داخل المزرعة يفترض ألا تزيد عن 30 درجة مئوية، مما يتطلب تشغيل المبردات صيفًا وأجهزة التدفئة شتاءً.

وأكد أن أي تعطل للكهرباء سيؤدي إلى نفوق الدواجن بأعداد هائلة، وهو ما حدث بالفعل مؤخرًا حيث تشير التقديرات إلى نفوق 20% من الثروة الداجنة في مصر.

وأضاف: “الأمر في منتهى الخطورة لأن عشرات الآلاف من المَزارع لا تستطيع توفير مولدات كهربية لتثبيت درجة الحرارة بها”.

وتحدث طارق السعيد، صاحب مزرعة دواجن في منطقة منشأة القناطر بمحافظة الجيزة، عن خسائر مزرعته التي وصلت إلى حالات نفوق بنسبة 70% بسبب انقطاع الكهرباء لأكثر من 3 ساعات يوميًا.

وأوضح السعيد أن صغار المنتجين الذين لا يستطيعون توفير مولدات كهرباء تعرضوا لضربة قوية، مُحذرًا من أن خروجهم من السوق ستظهر آثاره خلال الأيام المقبلة.

وذكر السعيد أنه يضطر لعمل تبريد للدواجن من خلال رشاشات المياه اليدوية، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

وكشف السعيد عن أن بعضًا من “معدومي الضمير” يبيع الدجاج النافق في الأسواق بأسعار مخفضة للغاية، موضحًا بأن بعض المطاعم وموزعي الأغذية المجمدة يمثلون سوقًا رائجة في هذا المجال.

أزمة كبرى في الحصول على الدولار
وقال حسن الونش “تاجر دواجن بوسط القاهرة” إن حركة المبيعات شبه متوقفة بسبب عدم قدرة المُزارع على التوريد مع عدم استطاعته شراء كميات لا يضمن بقاءها على قيد الحياة.

في هذا السياق، قال المهندس سعيد الشورى إنه اضطر لتقليل كميات البيض والدواجن التي يشتريها على مدار الشهر بسبب ارتفاع الأسعار، موضحًا أنه لا يستطيع الاحتفاظ بأي مخزون أو مجمدات في المنزل نظرًا لتعرضها للتلف في الثلاجات نتيجة قطع الكهرباء.

ورأى الشورى أن الجانب الأخطر في الأزمة أنها تبدو بلا نهاية نظرًا لعدم وجود خطة واضحة لدى الدولة في العمل على حل لغز استيراد الغاز على حد تعبيره.

وأضاف متسائلًا: “نحن نعاني من أزمة كبرى في الحصول على الدولار، فكيف ستتجه الحكومة لاستيراد الدجاج بالعملة الصعبة التي وفرتها من قطع الكهرباء؟”.

يأتي ذلك بينما تطبق مصر منذ شهور عدة خطة لتخفيف الأحمال الكهربائية في ظل ارتفاع أسعار الوقود عالميًا، في حين تتعرض لموجة غير مسبوقة من الطقس شديد الحرارة.

وقالت الحكومة إن تخفيف أحمال الكهرباء يوفر 35 مليون دولار شهريًا لترشيد استهلاك الغاز وتصديره إلى الخارج بهدف توفير الدولار اللازم لاستيراد الوقود المخصص لتشغيل المحطات.

وشدد محمد زكي الباحث الاقتصادي بمركز الأهرام للدراسات على أن الكهرباء ليست رفاهية محذرًا من أن التعامل مع الأزمة على النحو الحالي سيؤدي إلى مزيد من الارتباك في قطاعات عديدة وليس قطاع الدواجن فقط.

واعتبر زكي أن أزمة الدواجن تكشف تعقد ملف الطاقة والكهرباء في مصر بالتزامن مع شح الدولار، وقد تكون هذه الأزمة برأيه مقدمة لكثير من الأزمات أو ما سماها كرة اللهب المتدحرجة.