تزامنًا مع الجولات المكوكية لمستشار الرئيس الأمريكي جو بايدن “عاموس هوكشتاين”، بين لبنان وإسرائيل والعكس، وعلى وقع زيارته للعاصمة اللبنانية بيروت (الاثنين الماضي)، حاملًا رسائل تهديد بالحرب الشاملة على لبنان، و”حزب الله”، لردع الأخير، وإرغامه على تهدئة الحرب في جبهة الشمال الإسرائيلي التي أشعلها “حزب الله” (منذ 8/10/2013)، إسنادًا للمقاومة الفلسطينية.

جاء مقطع “الفيديو” الذي بثه “حزب الله” (أمس الأول-الثلاثاء) متضمنًا “ما عاد به الهُدهُد” مُرعبًا للمجتمع الإسرائيلي ومُفزعًا له، وصدمة قاسية للصحافة العبرية التي تعالت فيها الأصوات مُنددة بالانكشاف الأمني الإسرائيلي، وتهاوي الردع المتآكل أصلًا.

 الرادار”، والدفاعات الجوية (القبة الحديدية، ومقلاع داود)، الفائقة تكنولوجيًا وتقدُمًا وتقنيًا، وأحالتها بلا فاعلية، فلم تتمكن هذه المنظومة من رصدها واكتشافها، ومن استهدافها وإسقاطها.

الاختراق لم يكن لمرة واحدة، فمقطع “الفيديو” الذي عادت به المُسيّرة لا بد أنه نتاج لمرات تحليق عديدة، وساعات طيران كثيرة من التصوير جرى تفريغها، وتحليل محتواها استعانة بالمعلومات المتوفرة للحزب من مصادر أخرى (بشرية، أو تنصتًا أو كليهما). “الفيديو” في توقيته، قُصد به تأكيد الجواب الذي تلقاه “هوكشتاين”، من “حزب الله” -عبر ساسة لبنانيين- بأن الحزب لا يخشى حربًا إسرائيلية شاملة على لبنان، ومُستعد لها، إذا فُرضت عليه، وأن وقف الحرب في “غزة” يستتبعه فورًا تهدئة الجبهة اللبنانية.


حزب الله ينشر فيديو من مسيرة "الهدهد" لسماء إسرائيل ويرصد المواقع العسكرية في حيفا
"حزب الله" ينشر "فيديو" من مسيّرة "الهدهد" لسماء إسرائيل ويرصد المواقع العسكرية في حيفا (الجزيرة مباشر)
تزامنًا مع الجولات المكوكية لمستشار الرئيس الأمريكي جو بايدن “عاموس هوكشتاين”، بين لبنان وإسرائيل والعكس، وعلى وقع زيارته للعاصمة اللبنانية بيروت (الاثنين الماضي)، حاملًا رسائل تهديد بالحرب الشاملة على لبنان، و”حزب الله”، لردع الأخير، وإرغامه على تهدئة الحرب في جبهة الشمال الإسرائيلي التي أشعلها “حزب الله” (منذ 8/10/2013)، إسنادًا للمقاومة الفلسطينية.

جاء مقطع “الفيديو” الذي بثه “حزب الله” (أمس الأول-الثلاثاء) متضمنًا “ما عاد به الهُدهُد” مُرعبًا للمجتمع الإسرائيلي ومُفزعًا له، وصدمة قاسية للصحافة العبرية التي تعالت فيها الأصوات مُنددة بالانكشاف الأمني الإسرائيلي، وتهاوي الردع المتآكل أصلًا.


استغاثة إسرائيلية بالصين والهند

المقطع مُدته تسع دقائق، قامت بتصويره “مُسيّرة الهدهد”، التي أطلقتها المقاومة اللبنانية “حزب الله”، (الهُدهد)، عاد بنبأ عظيم، وصور قيمة وخطرة لمنشآت إسرائيلية حساسة في مدينة حيفا في الشمال الإسرائيلي. الصور (حسبما أوضح حزب الله)، تشمل مسحًا دقيقًا لـ”منطقة حيفا” الاستراتيجية، التي تحتضن محطات للرادار، ومنصات لصواريخ القبة الحديدية ومقلاع داود، ومجمعًا للصناعات العسكرية، ومطارًا وميناء، وخزانات للأمونيا، وغيرها جدًا. وزير الخارجية الإسرائيلي، هو “الحكومي الوحيد” الذي عقبَ على “الفيديو”، ودوّن على منصة “أكس- تويتر سابقًا”، قائلًا، بأن حسن نصر الله (الأمين العام لحزب الله)، يتفاخر بتصوير موانئ حيفا التي تديرها شركات عالمية ضخمة، صينية، وهندية، كأنه يستغيث بالصين والهند لحماية استثماراتهم.

عملاء لـ”حزب الله” وتنصت

“فيديو” الهُدهد يثير “مشكلات مستعصية” عدة، لا تملك لها إسرائيل حلولًا في المدى القريب. أولها إشارته إلى أنه حلقة أولى، بما مفاده أن حلقات تالية قادمة بينما الكيان لم يتعاف من صدمة زلزال “طوفان الأقصى” المُهينة، فهو (الفيديو)، يُعد إعلانًا عن امتلاك المقاومة اللبنانية لمعلومات تفصيلية لهذه المنشآت التي جرى تصويرها، ربما استعانت بالتنصت أو بمساعدة عُملاء في المنطقة، اختراقًا استخباريًا من قبل الحزب، فالطائرة -وفقًا لما هو معلوم- تلتقط صورًا عامة لـ”المنشآت”، دون تفصيل لما هو داخلها، أو محتوياتها.

“جوجل إيرث” وإخفاء المنشآت الإسرائيلية

ثانية المشكلات أن الطائرة المُسيّرة، وفقًا للخبراء العسكريين، ترصد “الإحداثيات”، الدقيقة للمواقع المستهدفة بالتصوير، وهذا يُتيح سهولة قصفها عند اللزوم، باستخدام “الصواريخ، والمسيّرات الانقضاضية”، من ترسانة الحزب، التي تُصيب أهدافها بدقة متناهية.

معلوم أن نظام تحديد المواقع “جوجل إيرث”، يوفر مثل هذه الإحداثيات، لكنه يُخفي منشآت أمنية إسرائيلية تمامًا مثلما تحذف مواقع التواصل الاجتماعي، التدوينات المناهضة لدولة الاحتلال، وتعاقب كاتبيها بتقييد صفحاتهم وإغلاقها. ثالثة المشكلات، وربما الأهم أن “الهدهد”، اخترقت “أنظمة الرادار”، والدفاعات الجوية (القبة الحديدية، ومقلاع داود)، الفائقة تكنولوجيًا وتقدُمًا وتقنيًا، وأحالتها بلا فاعلية، فلم تتمكن هذه المنظومة من رصدها واكتشافها، ومن استهدافها وإسقاطها.
الاختراق لم يكن لمرة واحدة، فمقطع “الفيديو” الذي عادت به المُسيّرة لا بد أنه نتاج لمرات تحليق عديدة، وساعات طيران كثيرة من التصوير جرى تفريغها، وتحليل محتواها استعانة بالمعلومات المتوفرة للحزب من مصادر أخرى (بشرية، أو تنصتًا أو كليهما). “الفيديو” في توقيته، قُصد به تأكيد الجواب الذي تلقاه “هوكشتاين”، من “حزب الله” -عبر ساسة لبنانيين- بأن الحزب لا يخشى حربًا إسرائيلية شاملة على لبنان، ومُستعد لها، إذا فُرضت عليه، وأن وقف الحرب في “غزة” يستتبعه فورًا تهدئة الجبهة اللبنانية.

 حيفا إلى رماد أو ركام

أراد الحزب، من “الفيديو” أن يبعث برسالة مختصرة قاسية حاسمة رادعة إلى الكيان الصهيوني (شعبًا وحكومة) وداعميه، بأنه يمكن لإسرائيل أن تشرع في هجوم شامل على لبنان، لكن طائراتها لن تعود، وإذا عادت فقد لا تجد منطقة حيفا على الخريطة.

فـ”الفيديو” يقول ببساطة شديدة، بأن هذه المنشآت العسكرية والأمنية والاقتصادية المكدسة في حيفا ستتحول إلى رماد، أو رُكام في الساعات الأولى من الهجوم الإسرائيلي على لبنان. رسالة “حزب الله” آتت أُكلها سريعًا، فالمبعوث الأمريكي (هوكشتاين)، وللمرة الأولى، أعلن أن الحرب في الشمال الإسرائيلي، ستتوقف إذا توقفت حرب غزة. رسالة الهدهد، سيكون لها مفعولها، وتأثيرها لصالح المقاومة الفلسطينية، بشأن مسار المفاوضات الدائرة لوقف الحرب في غزة، إذ البديل حال الهجوم على لبنان هو اشتعال المنطقة كلها، واندماج حركات المقاومة في العراق وسوريا، وربما دخول إيران في هذه الحرب المحتملة إلى جانب المقاومة اليمنية (الحوثية)، والفلسطينية، واللبنانية، وهو ما لا تستطيع أميركا احتماله حاليًا.


قرار الانسحاب اتخذه رئيس وزراء الكيان إيهود باراك (199-2001)، بشكل أُحادي منفرد دون اتفاق مع لبنان، أو “حزب الله”. لم يختلف الحال، في يوليو/تموز عام 2006 عندما اجتاح “الجيش الإسرائيلي”، جنوب لبنان، لتحرير جنديين إسرائيليين اختطفهما “حزب الله” من شمال فلسطين المحتلة، لمبادلتهما بأسرى في السجون الإسرائيلية، لكنه هُزم بريًا من “حزب الله” الذي أنهكه بتدمير العشرات من آلياته المدرعة وإحراقها، بما تحمله من مئات الجنود، فاضطره للانسحاب بعد 34 يومًا، وتوقيع اتفاق مع “حزب الله” عبر وسطاء دوليين، لاحقًا حصلت إسرائيل على أسراها لدى “حزب الله”، عبر صفقة تبادل بشروط “حزب الله”.

من هنا فإن “فيديو الهدهد”، بذاته ضربة لجيش الاحتلال في مقتل، وقديمًا قال حكيم إنجليزي “المعلومة قوة”.

المصدر : الجزيرة مباشر