قالت وكالة “بلومبرغ” ان الارتفاع الشديد في درجات الحرارة في مصر، موضحة أنه في حين شهد الكوكب الآن 12 شهراً متتالياً من الحرارة غير المسبوقة، فإن الانحباس الحراري العالمي يمثل مشكلة خطيرة بشكل خاص بالنسبة لمصر، الدولة الصحراوية التي ترتفع حرارتها بوتيرة من أسرع المعدلات في العالم.

ووفقا للوكالة، يشعر الخبراء في هيئة الأرصاد الجوية المصرية بالقلق من أن يكون هذا الصيف أكثر وحشية من العام الماضي، ويقلب السلع والزراعة رأساً على عقب ويحدث دماراً في الحياة اليومية.

وذكرت الوكالة أن حكومة عبد الفتاح السيسي، التي حصلت مؤخرًا على خطة إنقاذ بقيمة 57 مليار دولار، مضطرة بالفعل إلى استيراد أعلى كميات من الغاز الطبيعي المسال منذ عام 2018 لمواكبة مكيفات الهواء. ويعني انخفاض إنتاج محصول القمح بسبب الحرارة ونقص المياه زيادة الاعتماد على واردات الحبوب الحيوية لإطعام مواطني مصر.

وأشارت الوكالة إلى أن انقطاع التيار الكهربائي يؤدي إلى التأثير بشكل حاد على الإنتاجية، إذ يتم إغلاق أجهزة الكمبيوتر المحمولة أثناء اجتماعات الأونلاين، وعندما يتم الإعلان عن تخفيف الأحمال مسبقًا، يهرع الموظفون إلى منازلهم مبكرًا لتجنب الوقوع في المصاعد، وهو ما تقول تقارير وسائل الإعلام المحلية إنه تسبب على الأقل في مقتل عدد من الأشخاص خلال محاولاتهم الخروج أثناء انقطاع التيار الكهربائي المفاجئ.

وترى الوكالة أنه سيؤدي صيف آخر من انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في مصر إلى زيادة الضغوط على ميزانية الدولة وعلى السكان الذين يعانون بالفعل من ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض قيمة العملة وارتفاع أسعار الوقود المحلية. ولم تحصل البلاد إلا مؤخراً على خطة الإنقاذ في شكل استثمارات وحزم مساعدات.

وقال وزير المالية، محمد معيط، إن دعم الدولة للوقود بلغ 220 مليار جنيه مصري (4.6 مليار دولار) في السنة المالية الحالية وإن إنهاء انقطاع التيار الكهربائي سيتطلب 300 مليون دولار إضافية شهريا لاستيراد ما يكفي من الطاقة.

ووفقا للوكالة، يخشى مسؤولو المناخ أن تتضرر بعض محاصيل هذا العام بشدة في مصر. ففي العام الماضي، تم تدمير محصول البرتقال تقريبًا، ولم يتمكن المزارعون من تصدير الكثير. وتشير التقديرات أيضًا إلى انخفاض محصول المانغو بنسبة تتراوح بين 14.6% إلى 50.5% العام الماضي، بينما انخفض أيضًا محصول الذرة في جنوب مصر بنسبة 30-40%، وفقًا لهيئة الأرصاد الجوية.

وذكرت بلومبرغ أن الحرارة المرتفعة ضربت مناطق العطلات، وسجلت أسوان، المدينة ذات الآثار والمعابد الفرعونية، وواحدة من الوجهات السياحية الأكثر شعبية في البلاد، أعلى درجة حرارة لها على الإطلاق، بلغت 49.6 درجة مئوية في الظل في 6 يونيو.

وأوضحت الوكالة أن مصر، باعتبارها من أبرز الدول التي تتأثر بتغير المناخ، تقدم لمحة عما ينتظر الاقتصادات في جميع أنحاء العالم خلال الصيف المقبل وكذلك الاقتصادات المستقبلية. وعانت دبي بالفعل من آثار الطقس القاسي بعد أن تسببت الأمطار الغزيرة في غمر المنازل والطرق لعدة أيام. وتعاني بنغالور، عاصمة التكنولوجيا في الهند، من نقص المياه. ومع وصول الطقس الحار إلى أوروبا والأميركيتين، ستشعر الدول الأخرى بالأزمة.

ونقلت الوكالة عن عالمة الأرصاد الجوية بالقاهرة، أميرة ناصر، مخاوفها من تداعيات محتملة أخرى في مصر. وقالت: “أحد المخاوف التي نتعامل معها هو أن نبدأ في استقبال فئة من الوفيات وهي الموت بسبب الحرارة”.

وأضافت: “لم تصل درجات الحرارة مطلقًا إلى 50 درجة مئوية ولم نصل إلى هذه الدرجة بعد، لكن علينا أن نكون مستعدين وأن يكون لدينا خطط طوارئ مثل خططنا للفيضانات”

ووفقا للوكالة، تتفاقم معاناة مصر بشكل خاص بسبب تركيبتها الجغرافية كدولة صحراوية ذات موارد مائية محدودة. وهذا ما يجعل ارتفاع درجات الحرارة في العالم أسرع مرتين من بقية أنحاء الكوكب، ما يوضح تأثير الحرارة الشديدة ويسلط الضوء على أهمية التنبؤ الدقيق بالأحداث المناخية المتطرفة بالنسبة لصانعي السياسات والأعمال.

ويتوقع خبراء الاقتصاد والمتخصصون في المناخ بالفعل ارتفاع درجات الحرارة بشدة هذا الصيف في أجزاء كثيرة من العالم، بحسب الوكالة.

وذكرت أنه، على وجه الخصوص، لا تزال أجزاء كبيرة من شمال المحيط الأطلسي أعلى بكثير من درجات الحرارة المعتادة، وهو ما يُرجح أن يؤدي إلى استمرار الطقس الحار في أوروبا.

وهذا يعني ارتفاع الطلب على الطاقة لأغراض التبريد، وارتفاع خطر حرائق الغابات في اليونان وإسبانيا والريفيرا الفرنسية. ويمكن أن تؤدي العواصف المطيرة الصيفية الشديدة إلى خطر حدوث فيضانات مفاجئة وتعطيل الزراعة. ثم هناك الخسائر البشرية.
ويواجه كل من المغرب والمكسيك موجات جفاف، في حين تواجه كاليفورنيا وجنوب غرب الولايات المتحدة موجات حارة. وفي تايلاند، توفي عدد أكبر من الأشخاص بسبب الحرارة هذا العام مقارنة بعام 2023 بأكمله. وفي الولايات المتحدة، يتوقع الخبراء موسمًا نشطًا للغاية للأعاصير المدارية، بحسب الوكالة.