سلطت وسائل الإعلام الغربية الضوء على التقلبات المحيطة بنية المحكمة الجنائية الدولية طلب إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأعلن كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أمس الاثنين، أن المحكمة تسعى لإصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب.

ونستعرض تاليًا أبرز ما كتبته الصحف والمواقع الغربية حول هذا القرار، وفقًا لـ"روسيا اليوم".

 

صحيفة "نيويورك تايمز"

قالت إن هذا القرار أثار أسئلة صعبة لحلفاء إسرائيل الأعضاء في المحكمة، وقد يطلب منهم اعتقال نتنياهو وغالانت إذا صدرت مذكرات الاعتقال وسافر الرجلان بعد ذلك إلى أراضيهما، بينما قطر، التي تستضيف العديد من قادة "حماس" بما في ذلك هنية، ليست عضوًا في المحكمة.

 

صحيفة "تليجراف"

رأت أن صدور مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية هو أكبر مخاوف نتنياهو، والتي قد تصبح الآن حقيقة واقعة، مبينة أنه إذا وافق القضاة، فسيتم إصدار أوامر اعتقال وسيتعرض الرجلان (نتنياهو وغالانت) لخطر الاعتقال إذا غادرا إسرائيل للسفر إلى أو عبر أي من الدول الـ124 الموقعة على نظام روما الأساسي.

 

هيئة الإذاعة البريطانية BBC

لفتت إلى أنه إذا صدرت مذكرات الاعتقال، فهذا يعني أن نتنياهو، لن يتمكن من زيارة الحلفاء الغربيين المقربين دون المخاطرة بالاعتقال، مبينة أن الدول الموقعة على الاتفاق لا تشمل روسيا والصين والولايات المتحدة وإسرائيل.

وأوضحت أن المحكمة الجنائية الدولية قضت بأن لديها السلطة القانونية لمقاضاة الأعمال الإجرامية في الحرب لأن الفلسطينيين موقعون عليها.

 

موقع "أكيسوس"

أشار إلى أن خان لا يسعى للحصول على أوامر اعتقال ضد القيادة العسكرية الإسرائيلية، بل هو يركز على مسؤولية نتنياهو وغالانت عن الأزمة الإنسانية في غزة، مبينة أن لجنة من القضاة ستقوم الآن بدراسة طلب خان وتقرر ما إذا كان سيتم إصدار أوامر الاعتقال أم لا.

 

صحيفة "الجارديان"

قالت إن هذه الخطوة تمثل أيضًا تحديات جديدة لحلفاء إسرائيل الغربيين، الذين يكافحون بالفعل للتوفيق بين الدعم للدولة اليهودية والأدلة المتزايدة على جرائم الحرب في الصراع المستمر منذ سبعة أشهر واحترام النظام القائم على القواعد بعد الحرب العالمية الثانية.

 

صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية

أكدت أن مذكرات الاعتقال المرتقب صدورها من المحكمة الجنائية الدولية بحق بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت ستمنع قادة ووزراء خارجية دول عديدة من عقد لقاءات معهما.

ونقلا عن دبلوماسيين لم تسمهم وتدعم دولهم إسرائيل، أضافت الصحيفة على موقعها الإلكتروني: "إذا وافقت المحكمة على طلب إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، فإن زعماء ووزراء خارجية الدول (124) التي تعترف بسلطتها (المحكمة) سيجدون صعوبة في لقائهما"، وفقًا لـ"الأناضول".

واعتبر دبلوماسي أن "الأمر سيكون بمثابة لقاء مع (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين"، في إشارة إلى مذكرة اعتقال دولية صادرة بحقه؛ بتهمة ارتكاب "جرائم حرب" في أوكرانيا منذ 2022.

وأضاف: إذا صدرت مذكرات الاعتقال "سنستمر في إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل على مستويات عديدة، ولكن لن تكون هناك اجتماعات مع مَن صدرت بحقهم المذكرات" على خلفية الحرب في قطاع غزة.

ومنذ 7 أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل حربًا على غزة، خلفت أكثر من 115 ألفًا بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.

وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فورًا، وكذلك رغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.

 

ضغوط أمريكية

ونقلت هآرتس عن دبلوماسي من دولة أخرى، تدعم إسرائيل عادة في التصويتات الدولية، إنه "كان ينبغي لإسرائيل أن تتصرف بشكل مختلف مع المدعي العام والمحكمة منذ البداية".

وزعم أن "الجمع بين نتنياهو و (رئيس حركة حماس بغزة يحيى) السنوار في العنوان نفسه خاطئ تمامًا. لكنه لا يزال يثير تساؤلات بالنسبة لنا: هل يمكننا أن نلتقي بشخص صدرت بحقه مذكرة اعتقال دولية؟".

ونفت "حماس" صحة مزاعم خان بحقها، ودعت إلى عدم إصدار مذكرات اعتقال ضد قادتها، وأكدت أن أي أوامر تصدر عن المحكمة بحق قادة المقاومة "تخالف المواثيق والقرارات الأممية التي أعطت الشعب الفلسطيني وكافة شعوب العالم الواقعة تحت الاحتلال الحق في مقاومة الاحتلال بكافة الأشكال".

وأردف الدبلوماسي أنه بمجرد صدور مذكرات الاعتقال "ستواجه دول صعوبة بالغة في إظهار أن الأمور تسير كالمعتاد في علاقاتها مع نتنياهو وغالانت".

وإسرائيل ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية، بينما في 2015 تم قبول عضوية فلسطين في المحكمة التي تأسست في 2002، وهي هيئة دولية مستقلة غير تابعة للأمم المتحدة أو أي مؤسسة دولية أخرى، وتعد قراراتها ملزمة.

وانطباق ولاية المحكمة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، حتى وإن كانت إسرائيل ترفض هذه الولاية، يجعل المحكمة قادرة على محاكمة مسؤولين إسرائيليين متهمين بارتكاب جرائم في الأراضي الفلسطينية.

وقالت "هآرتس" إن "الولايات المتحدة، مثل إسرائيل، لا تعترف بسلطة المحكمة، وبالتالي فإن إصدار مذكرات اعتقال لن يكون له تأثير مماثل على العلاقات مع واشنطن".

واستدركت: "لكن معظم حلفاء إسرائيل في العالم، وبينهم المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وكندا وأستراليا واليابان، وقَّعوا على اتفاقية روما (المؤسسة للمحكمة)".

وحسب الصحيفة، تأمل إسرائيل أن تمارس الولايات المتحدة ضغوطًا على خان، كي يتراجع عن عزمه إصدار مذكرات الاعتقال، وقد تفرض عقوبات عليه وعلى موظفيه.

وتابعت: "ربما تلجأ إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن إلى منع (خان) من دخول الولايات المتحدة، لكنها لم تعرب حتى الآن عن استعدادها لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة من شأنها أن تهدد وجود المحكمة".

 

تهديدات ضد خان

ومن جهته، كشف مدّعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الثلاثاء، النقاب عن تلقّيه تهديدات أثناء إجرائه تحقيقات ضد مسؤولين إسرائيليين، وعن أنه قيل له إن المحكمة "أُنشئت من أجل إفريقيا والبلطجية (..) وليس لمحاسبة الغرب وحلفائه".

وقال خان في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأمريكية: "تحدث معي بعض القادة المنتخبين (لم يحدد هويتهم) وكانوا صريحين للغاية، وقال لي أحد كبار القادة: هذه المحكمة بُنيت لإفريقيا وللبلطجية مثل (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين"، وفقًا لـ"الأناضول".

وانتقد خان تلك التصرفات قائلًا: "الأمور لا تسير على هذا النحو، يجب أن تكون هذه المحكمة انتصارًا للقانون على السلطة والقوة الغاشمة: خذ ما تستطيع وما تريد، وافعل ما شئت".

وأضاف أن التهم الموجهة لنتنياهو وغالانت تشمل "التسبب في الإبادة، واستخدام التجويع كوسيلة للحرب من خلال منع إمدادات الإغاثة الإنسانية، واستهداف المدنيين عمدًا في الصراع".

وتابع أن "لا أحد فوق القانون"، مشيرًا إلى أنه إذا لم تتفق إسرائيل مع المحكمة الجنائية الدولية، "فلهم الحرية في الطعن في اختصاصها أمام قضاة المحكمة".

والاثنين، زعم متحدث الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، أن المحكمة ليس لديها ولاية قضائية على أي من الطرفين في هذه القضية، وأن إسرائيل وحدها يمكنها محاسبة أو قتل قادة حماس، وأن فلسطين يمكنها اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية عندما تصبح دولة مستقلة، أما الآن فليس أمامها سوى عدالة المحاكم الإسرائيلية".

يتزامن ذلك مع عملية عسكرية بدأها الجيش الإسرائيلي بمدينة رفح في 6 مايو الجاري، متجاهلًا تحذيرات إقليمية ودولية، في ظل وجود نحو 1.4 مليون نازح بالمدينة، دفعهم الجيش إليها بزعم أنها "آمنة" قبل أن يشن عليها لاحقًا غارات متواصلة.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، اليوم الثلاثاء، ارتفاع عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية إلى "35 ألفًا و647 شهيدًا و79 ألفًا و852 إصابة" منذ 7 أكتوبر الماضي.

وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فورًا، وكذلك رغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.