المخاوف شعور طبيعي لدى طفلك، وذلك من أشياء مثل عاصفة رعدية، أو الاعتقاد بأن هناك شيئًا ما يختبئ في غرفة نومه، إلى ما غير ذلك من أمور.

عندما تتزايد هذه المخاوف لدى الطفل، يعمل الآباء على تهدئتها، لكن من الناحية الواقعية، لا يستطيعون التواجد طوال الوقت إلى جانبهم، من أجل مساعدتهم.

لذا، فإن تعليم الطفل كيفية السيطرة على مخاوفه دون تدخل الوالدين سيساعده على بناء الثقة والاستقلالية التي يحتاج إليها، سواء الآن أو عندما يكبر، بحسب ما أفاد معهد تشايلد مايند المتخصص في علاج الأطفال الذين يعانون من مشاكل في الصحة العقلية.

 

التنظيم الذاتي

إذًا كيف نساعد طفلك على الشعور بالشجاعة؟، تتمثل الإجابة في التنظيم الذاتي، وهو في الأساس القدرة على معالجة وإدارة عواطفنا وسلوكياتنا بطريقة صحية.

وهذا ما يمنحنا القدرة على التحدث عن أنفسنا أو الشعور بالأشياء دون التصرف بناءً عليها.

يمارس معظم الأشخاص البالغين التنظيم الذاتي دون تفكير، لكن بالنسبة للأطفال، فإن الأمر يستغرق وقتًا وممارسة ومساحة للتعلم.

 

الخوف أمر طبيعي

تقول إليانا بلات، اختصاصية اجتماعية: "الخوف في بعض الأحيان هو جزء طبيعي وصحي من النمو".

وبينما يواجه الأطفال أحيانًا أشياء مخيفة، لكن معظم مخاوف الطفولة لا تمثل تهديدًا حقيقيًا، وهو ما يعني العمل على مهارات التنظيم الذاتي لديهم، ولكي يحدث ذلك، فإنه على الآباء معالجة قلقهم أولًا.

وأوضحت بلات، أنه على الرغم من أن تدخل الوالدين قد يساعد الطفل على أن يكون أقل خوفًا في الوقت الراهن، لكن على المدى الطويل قد يزيد من صعوبة تعلمه كيفية السيطرة على المخاوف.

وتابعت الاختصاصية الاجتماعية: "إذا تلقى الأطفال رسالة مفادها أن الأم أو الأب سيكونان موجودين دائمًا (بجانبهم)، فلن يكون هناك الكثير من الحوافز أو الفرص لتعلم كيفية القيام بذلك بأنفسهم".

 

كيف تساعد طفلك؟

لكن هذا لا يعني التخلي عن تقديم الدعم لطفلك.

تقول راشيل بوسمان، أخصائية علم النفس السريري في معهد تشايلد مايند، إن الهدف هو توجيه الطفل بلطف حتى يصبح مستعدًا لتولي زمام الأمور بنفسه، "نريد أن نوفر له السقالات التي يحتاجها للوقوف بمفرده".

 

ما أفضل طريقة للمساعدة؟

ساعد طفلك على التحدث عما يخيفه. قد يعرف الطفل ما يخاف منه، لكنه لا يملك دائمًا الكلمات اللازمة لشرحه.

طرح أسئلة محددة يمكن أن يساعد في ذلك. على سبيل المثال، إذا كان الطفل يخاف من الكلاب، يمكنك أن تقول له: "ما الذي يجعل الكلاب مخيفة؟" "هل فاجأك كلب أو ضربك؟" "هل هناك كلب معين تخاف منه؟"، بمجرد أن يكون لديك فهم أفضل لما يخاف منه طفلك، سيكون لديك فكرة أوضح عن كيفية مساعدته على التغلب على هذا الأمر.

 

مخاوف شائعة

بعض مخاوف الطفولة الشائعة هي:

البقاء وحيدًا.

الظلام.

الكلاب أو غيرها من الحيوانات الكبيرة.

البق.

المرتفعات.

الحصول على حقن أو الذهاب إلى الطبيب.

أصوات غير مألوفة أو عالية.

الوحوش الخيالية- "الشيء" الموجود أسفل السرير، وما إلى ذلك.

بمجرد أن تعرف ما هو الخوف، دع طفلك يعرف أنك تأخذ الأمر على محمل الجد.

تقول الدكتورة بوسمان: "عندما يقول طفل شيئًا ما مخيفًا، هناك احتمال كبير ألا نعتقد نحن البالغين أنه مخيف. لكننا نريد دائمًا أن نبدأ بالتحقق من صحة مشاعرهم".

على سبيل المثال، بدلًا من القول: هذا ليس مخيفًا!، أو ما الذي يجب الخوف منه؟، حاول أن تقول: "يبدو أنك كنت خائفًا!"، أو "أعلم أن الكثير من الأطفال يقلقون بشأن ذلك".

بمجرد تقديم الطمأنينة، يجب الحديث مع الطفل عن كيفية العمل معه لمساعدته على التخلص من الخوف والشعور بالشجاعة والوصول إلى النقطة التي يمكنه فيها إدارة مخاوفه بنفسه، كما تنصح بوسمان.

 

وضع خطة

اعمل مع طفلك على تحديد أهداف معقولة. على سبيل المثال، إذا كان يحتاج عادةً إلى الجلوس معه في الغرفة حتى ينام، يمكنك الاتفاق معه على يوم محدد لإطفاء الضوء والنوم من تلقاء نفسه.

بمجرد تحديد الهدف، تحدث عن الخطوات التي ستتخذها للوصول إليه وكن صبورًا.

على سبيل المثال، قد تشمل الخطة:

الليلة الأولى - اتفق على أنك ستقرأ كتابين، وتطفئ الأضواء، وتشغل ضوءًا ليليًا، ثم تجلس معه بهدوء (بدون كلام أو لعب) حتى ينام.

الليلة الثانية - اقرأ كتابًا واحدًا، ثم أطفئ الأضواء وأشعل الإضاءة الليلية، على أن تترك الباب مواربًا.

الليلة الثالثة - اقرأ كتابًا واحدًا، ثم شغل الإضاءة الليلية وأغلق الباب.

الليلة الرابعة - اقرأ كتابًا واحدًا، ثم أطفئ الأضواء وأغلق الباب.

 

التشجيع والتحلي بالصبر

يجب على الآباء أن يتذكروا أن التغلب على الخوف يحتاج إلى الصبر. حافظ على ثباتك وامتدح ما يقوم به طفلك.

دع طفلك يعرف أنك تعتقد أنه قادر على معالجة مخاوفه، حتى لو لم يكن متأكدًا من ذلك بعد. مثل قول: "أنت شجاع جدًا!".

تقول الدكتورة بوسمان: "يمكن أن يساعد طفلك على الشعور بمزيد من الثقة". قد يحتاج الأطفال، وخاصة الصغار منهم، إلى بضع محاولات قبل أن تتحسن الأمور، لذا لا تستسلم إذا كان طفلك يطلب كوبًا ثالثًا من الماء أو يختبئ من الكلاب في الشارع حتى بعد أن بدأت العمل على بناء الثقة فيه".

 

ليست كل المخاوف متشابهة

مساعدة الأطفال على تعلم كيفية السيطرة على المخاوف التي يواجهونها بشكل منتظم، مثل الخوف من الظلام أو الخوف من الذهاب إلى الطبيب، أمر ضروري، ولكن ليست كل المخاوف متساوية.

تقول الدكتورة بوسمان: "المخاوف التي لا تتعارض مع حياة الطفل لا تحتاج دائمًا إلى التغلب عليها". على سبيل المثال، إذا كان الطفل لا يحب الأفلام المخيفة، قد يكون ذلك في الواقع شهادة على مهاراته في الدفاع عن نفسه، بحسب قولها.

ووفقًا لها، فإن "اتخاذ قرار، "أنا لا أحب هذه الأشياء، ولن أشاهدها"، يعني أن طفلك يدافع عن احتياجاته ويقول: "هذا هو الحد الأقصى المسموح به".

من ناحية أخرى، إذا كانت مخاوف طفلك مستمرة، أو شديدة للغاية، أو بدأت تتدخل في حياته اليومية، فقد يكون الوقت قد حان لطلب المساعدة.

 

علامات تفاقم مشكلة الخوف

وفيما يلي العلامات التي تشير إلى تفاقم مشكلة الخوف لدى طفلك:

القلق المهووس: يركز طفلك على الشيء الذي يخافه، ويفكر فيه أو يتحدث عنه كثيرًا، أو حتى عندما لا يكون المحفز موجودًا. على سبيل المثال، الشعور بالقلق الشديد قبل أشهر من زيارته القادمة لطبيب الأسنان.

المخاوف التي تحد من قدرة طفلك على الاستمتاع بحياته أو المشاركة في الأنشطة. على سبيل المثال، رفض الذهاب في رحلة مدرسية إلى الحديقة لأن الكلاب قد تكون هناك كلاب.

مخاوف شديدة ومحددة تسبب الضعف.

علامات القلق الشديد مثل نوبات الهلع أو السلوك القهري أو التخريبي أو الانسحاب من الأنشطة أو المدرسة أو الأسرة.

إذا بدت مخاوف طفلك وكأنها شيء أكثر خطورة، فحدد موعدًا للتحدث مع أحد المتخصصين لمعرفة ما إذا كانت هناك حاجة إلى مزيد من المساعدة.

لمطالعة الموضوع من مصدره اضغط هنا