قال الناشط الحقوقي السويسري من أصل تونسي أنور الغربي، بأن مكتب المدعي العام في سويسرا فتح تحقيقا جنائيا مع شركة (Alp Services)، وأعلن عن ذلك رسميا في تطور لافت وهام في هذا الملف الخطير.
وكشف التحقيق الرسمي تجسس الشركة الاستخباراتية السويسرية، ومقرها جنيف، لصالح دولة الإمارات في إطار قضية وثائق EmiratesGate.


وقال الغربي إن هذه العملية خطيرة جدا؛ حيث استهدفت نحو 1000 شخصية و400 جمعية ومنظمة كان من بينهم سياسيون وأكاديميون وباحثون وبرلمانيون وصحفيون وحقوقيون وفاعلون في دعم القضية الفلسطينية والعمل الحقوقي والإغاثي والمدني، وذلك من أجل محاولة إسكاتهم وترهيبهم".

وأوضح الغربي أنه شخصيا كان أحد الضحايا في هذه القضية وأن الضحايا المُستهدفين تعرضوا للعديد من المشاكل والأزمات؛ فمنهم مَن فقد عمله، وبعضهم عانى من ظروف صعبة نتيجة إغلاق حساباتهم البنكية، والتضييق عليهم في المطارات، ومحاولة ربطهم بالإرهاب واغتيالهم معنويا وإعلاميا، فضلا عن أن بعضهم مروا بمشاكل عائلية وصحية ونفسية..


سابقة في سويسرا

وأضاف أن فضيحة التجسس لم تحدث داخل سويسرا فقط؛ وأن الملف يضم قضايا وشخصيات أخرى في فرنسا، وبريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من البلدان.

وتابع: "لأول مرة وجدنا أنفسنا ضحايا لهذا العمل الغادر والخبيث، بينما كنّا نحن مَن يدافع عن الضحايا طوال السنين الماضية".

وأشار إلى أن أخطر ما في الأمر هو قيام شركة سويسرية بمتابعة ومراقبة ورصد نشاط مواطنين سويسريين لصالح دولة أجنبية؛ فهذا يحدث لأول مرة في تاريخ البلاد..

وشدد على أن بعض الضحايا قرّروا أن ينسقوا جهودهم للذهاب لعدد من المحاكم، وحاليا هناك قضيتان أمام المحاكم السويسرية، وهناك قضايا أخرى في بلجيكا وفرنسا ومحاكم أخرى لمتابعة هذا الفعل الإجرامي. يجب عدم السكوت وليس أمامنا كضحايا من خيار سوى الذهاب للعدالة للحصول على حقوقنا كاملة غير منقوصة..


ندوة الأمم المتحدة

ويترقب حقوقيون وأكاديميون ومواطنون أوروبيون، عقد ندوة خلال شهر  مايو الجاري في أروقة الأمم المتحدة، من أجل الحصول على دعم دولي لمحاسبة الإمارات التي تجسست على رعايا دولة أخرى، وألحقت ضررا مباشرا بهم حيث دعمت التجسس على مئات المواطنين الأوروبيين.
 

وسبق أن عقد المعنيون والضحايا ندوة بمقر الاتحاد الأوروبي ببروكسل-بلجيكا، للتنديد بما قامت به شركة "Alp Services"، من إجراءات، وطالبوا المشاركون في الندوة المتجسسين بالاعتذار، ورد الاعتبار فورا، ومحاسبة المسؤولين عن ذلك.


وكان عنوان ندوة بروكسل "الأمن السيبراني وحقوق الإنسان يفضحان التأثير والكشف عن "أسرار أبوظبي"، بمقر نادي الصحافة بالعاصمة البلجيكية، بمشاركة؛ الأكاديمي الفرنسي جون ميشيل، والأكاديمي السويسري بيتس بكي، والمتخصص في علم الجرائم الدكتور فهد البوتروس من جامعة مانشستر في بريطانيا، والدكتورة سوزان ميجو من جامعة في إسبانيا، والأستاذة آية يوسف من جامعة جنيف.


وتحدث الضحايا في الندوة عما تعرضوا له من ظروف صعبة نتيجة إغلاق حساباتهم البنكية وطرد بعضهم من العمل والتضييق عليهم في المطارات، ومحاولة ربطهم بالإرهاب و اغتيالهم معنويا وإعلاميا.

 


وتحالفت "أبوظبي" مع جماعات يمينية متعصبة في الغرب وشركات تجسس وكتاب مناهضون للإسلام السياسي، بهدف تشويه صورة الإسلام وتزايد ظاهرة العداء للدين الإسلامي والإسلام السياسي في الغرب.



واستندت الندوة في تحذير جديد صدر عن الأمم المتحدة، يدعو فيها إلى اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة لحماية الحياة الخاصة والتصدي لهذه الانتهاكات.


برامج تجسس

وأبرز المتحدثون في الندوة، أن الإمارات استخدمت تقنيات جديدة، مثل الاستخدام السري لبرامج التجسس لإيجاد طرق جديدة لمضايقة الحق في الخصوصية والحد منه.


والإمارات كانت من بين عشر حكومات تورطت في استخدام برنامج التجسس "الإسرائيلي" سيئ السمعة "بيجاسوس"، مع أكثر من 10 آلاف شخص معنيين في الإمارات وخارجها، بما في ذلك الصحفيون والمدافعون عن حقوق الإنسان ومنتقدو الحكومة المتأثرون ببرامج التجسس.
 

ويمكن لأدوات مثل برنامج بيجاسوس تحويل معظم الهواتف الذكية إلى أجهزة مراقبة على مدار 24 ساعة، حيث تتيح ليس فقط إلى كل شيء موجود على الهواتف المحمولة، ولكن لتسليحها للتجسس على المستخدم.


وأعلنت المحكمة العليا البريطانية، في أكتوبر 2020، أن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء في، أمر باختراق ستة هواتف تابعة لزوجته السابقة الأميرة هيا بنت الحسين، وفريقه الأمني.
 

وبحسب مدير بيزنس فرانس في الإمارات، من المتوقع أن يصل الإنفاق في مجال الاستثمار بكثافة في التكنولوجيا  إلى 23 مليار دولار في عام 2024، بمعدل نمو سنوي قدره 8% خلال الفترة 2019-2024.


ويسمح تطبيع أبوظبي الأخير للعلاقات مع تل أبيب، بتعزيز العلاقات مع الشركات "الإسرائيلية" مثل شركة رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة، وفقا لمتحدثي الندوة.
 

وكشفت هذه المعلومات والوثائق السرية التي تخص اجراءات الإمارات، أن الحصول عليها من شركة ميديا بارت التي شاركتها أيضا مع اتحاد التعاون الاستقصائي الأوروبي (EIC)، بما في ذلك RTS، بالتعاون مع Heidi.News وRSI.


اعترافات ألب سيرفيس

 

وقالت شركة Alp Services إنها أرسلت إلى أجهزة المخابرات الإماراتية أسماء أكثر من 1000 فرد و400 منظمة في 18 دولة أوروبية، تم تصنيفهم على أنهم أعداء لدولة الإمارات.


وأوضحت الوثائق أن الموافقة على عملية التجسس هذه جاء من قبل العميل محمد، ورئيسه الشيخ علي سعيد النيادي، وهو عضو في المراتب العليا لسلطة أبوظبي، وكان هدفها هو استهداف اثنين من خصوم أبوظبي الرئيسيين قطر، منافستها السياسية والاقتصادية، وجماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها الإمارة تهديدًا للنظام الملكي وجماعة إرهابية.


وفي إحدى رسائل البريد الإليكتروني المسربة، وعدت شركة Alp Services العميل محمد عبر عرض باوربوينت بـ "إلحاق ضرر جسيم بالإخوان المسلمين في أوروبا من خلال تحديد شبكتهم ورؤوسهم، و مهاجمتهم في وسائل الإعلام والتأثير على صانعي السياسات"، كما جاء في الرسالة "سنطلق حملات عبر الإنترنت شديدة الخطورة وسرية".
 


في رسالة أخرى في أغسطس 2017 قال ممثل الشركة للإماراتيين "سنسعى إلى تشويه سمعة أهدافنا من خلال نشر معلومات مضللة تشوه سمعتهم بطريقة تبدو منطقية وصادقة".


وقالت إمارات ليكس إن عملية "زهرة العطاس" انطلقت في صيف عام 2017، لمدة ستة أشهر تم تمديدها لستة أشهر آخرين، وتبعها عمليات "الكينو"، "النرجس"، "الزعفران"، وحسبما كشفته الفواتير والوثائق الداخلية المؤرخة بين عامي 2017 و2020، كانت شركة Alp Services قد تلقت أكثر من 5 ملايين فرنك من عميلها الإماراتي لتنفيذ هذه المهام.


وجمع موظفو الشركة بجنيف، معلومات واسعة عن المحامين ونشطاء حقوق الإنسان ورجال الأعمال والباحثين، فضلاً عن الجمعيات والمنظمات غير الحكومية الإنسانية أو الخيرية، ومعظمها من المسلمين.


وتخالف الإمارات وشركتها أحكام التشهير الجنائي في قانون العقوبات وقانون الجرائم الإلكترونية لعام 2012 وقانون ومكافحة الإرهاب لعام 2014 لأنها نصت على محاكمات لا تفي بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان. وقد أوصت هيئات الأمم المتحدة دولة بإلغاء تجريم التشهير وإدراجه ضمن القانون المدني، بحسب حقوقيين.