د. أسامة الأشقر
1. من علامات توكّل أهل غزّة أنهم يحملون الآيات على حسن الظنّ رجاء أن تكون فيهم، ويعلمون أن اللهَ جابرُهم بحسن ظنّهم.
2. وقد رأيت أحدهم من أهل الثغر يُنطقه الله بهذا المعنى في شدّة الغارة: (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون، وأملي لهم إن كيدي متين)
3. والاستدراج ارتقاءٌ أو استِفال، فإذا ترقّى درجةً أو استفل درجةً فهو متدرّج أو مستدرَج، وهذا الاستدراج من حيث لا يعلم المستدرَجون الأشقياء سيفضي بهم إلى محلّ لا يعلمون أنّه سيضرهم أو يقرّبهم إلى ما يهلكهم، ثم لا يجدون وسيلة للرجوع إلى محلهم الأول برفع الدرج أو السلّم، وهذا من كيد الله الخفيّ الذي ينصر به عباده.
4. وأما الإملاء فهو الإمهال تقريباً، وإذا أملى اللهُ لقوم كاذبين عنيدين فإنه يتركهم في غيّهم، ويؤخّر عقوبتهم، ويطوّل لهم في مدتهم، "ليزدادوا إثماً"، فيكون كيدُ الله فيهم أمتن فلا يفلتون منه، واستدراجه لهم أعتى وأشدّ؛ وأصلُ ذلك المعنى أن البعير أو الفرس إن كان في المرعى أو الميدان فإن صاحبه يُرخي له في القيد ليكون في حريته إذا أراد المناورة أو الركض.
5. ومن هنا علِم هذا الثَّغري الذي فتح الله عليه بهذا المعنى أن الله يُملي للظالم فإذا أخذه لم يُفلِته، وسيأخذ الله قريتهم وعرشهم أخذاً أليماً شديداً، وهو العزيز القدير.