بعد مرور 108 أيام على بدء حرب الكيان الصهيوني على قطاع غزة، كان المشهد ليبدو مختلفًا عند مقارنة ترسانة الأسلحة الإسرائيلية وتطورها اللافت ومقدرتها الفائقة مقابل أسلحة المقاومة الفلسطينية المصنوعة محليًا والتي هي أقل بكثير من الأسلحة الصهيونية في القدرات والإمكانات ومستوى التأثير.

إلا أن الصورة التي تسيطر على المشهد الآن، هي العجز الإسرائيلي عن تحقيق أهداف الحرب التي وضعوها لأنفسهم، مقابل صمود واستبسال المقاومة الفلسطينية في الدفاع عن أرضهم ومعتقداتهم، بل وتكبيد الصهاينة خسائر فادحة في الأفراد والمعدات والآليات.

أضف إلى ذلك ما يشهده الكيان الصهيوني من تفكك جبهته الداخلية، وتراجع الدعم العالمي الضخم له بصورة كبيرة خلال شهري ديسمبر الماضي ويناير الجاري.

 

تفكك الجبهة الداخلية للكيان الصهيوني

شهد الكنيست الإسرائيلي، اليوم الاثنين، اقتحام العشرات من أهالي الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة في قطاع غزة اليوم، جلسة في الكنيست الإسرائيلي، مطالبين بإعادة أولادهم، ما تسبب بفضّ الجلسة.

واقتحم أهالي الأسرى لجنة المالية داخل الكنيست وصرخوا بوجه أعضاء اللجنة، قائلين: “لن نسمح لكم بالتنفس حتى يعود أولادنا.. جدول الأعمال العام لن يستمر، ولن تجلسوا هنا وهم هناك”.

وأضافوا لأعضاء الكنيست: “عليكم أن تسمعونا.. لا يوجد أكثر، لا لجنة ولا كنيست، وإنما هناك موضوع واحد عليكم معالجته”. ورفعوا لافتات طالبوهم من خلالها بالتحرك للعمل على إطلاق سراح الأسرى.

من جهته قال عضو الكنيست موشيه غافني -عقب تعليقه الجلسة-: “إن إعادة الأسرى هو الأمر الأهم، وإن الانسحاب من الائتلاف لن يساعد.. لذا سأذهب لأقول لرئيس الوزراء إن هذا هو موقفنا”.

وفي سياق متصل، قال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو خلال لقاء مع ممثلي عائلات الأسرى، اليوم الاثنين، إن هناك مبادرة إسرائيلية لصفقة تبادل مع حركة حماس، ممتنعًا عن الخوض في تفاصيلها.

وفي وقت سابق أكد عدد من عائلات الأسرى إسرائيليين، أنّها فقدت ثقتها بحكومة بنيامين نتنياهو، وأنها “ستجري تحركاتها الخاصة”، حسب تعبيرهم.

 

فصل جماعي للموظفين داخل إسرائيل

ومن تأثير الحرب الاقتصادي على الجبهة الداخلية، أوضح تقرير حديث، مدى تعمق الأزمة المالية للشركات الإسرائيلية بسبب عملية "طوفان الأقصى" والتي كانت نتيجتها فصل موظفي 11 شركة، خلال أقل من شهرين.

وأوضح موقع كالكاليست الإسرائيلي اليوم الاثنين، أن نسب الفصل بحسب التقرير تراوحت بين 10-25 بالمئة باستثناء شركة واحدة، وأن عدد الموظفين المفصولين بلغ 900 موظف داخل بعض الشركات.

وأظهر التقرير أيضًا، أن عمليات الفصل الأكثر تمت خلال شهر ديسمبر الماضي، حيث وقع أكثر من 70 بالمئة من حالات الفصل الجماعي.

وورد في بيانات الفصل لكل شركة من الشركات، أسباب مالية وأرقام لخسائر في قيمة الشركة كانت وراء عملية الفصل الجماعي.

 

تراجع الدعم العالمي لإسرائيل

قالت مجلة "تايم" الأمريكية إن الدعم العالمي لإسرائيل في تراجع مستمر منذ 7 أكتوبر 2023، في إشارة إلى تصاعد الأوضاع في قطاع غزة.

وبحسب بيانات نقلتها "التايم" عن شركة Morning Consult للأبحاث، فإن 42 من أصل 43 دولة، شهدت تراجعًا في الدعم المقدم لإسرائيل سابقًا.

وتم التوصل إلى هذه النتيجة عبر استطلاع للرأي أجري في 43 دولة بـ 6 قارات، خلال الفترة بين أكتوبر إلى ديسمبر 2023، حيث تلقت الشركة خلالها آلاف الإجابات المكتوبة من المستطلع آراؤهم.

ونتيجة للاستطلاع، فقد تحولت الكثير من الآراء "الإيجابية" حيال إسرائيل إلى "سلبية" في كل من الصين وجنوب إفريقيا والبرازيل وغيرها من دول أمريكا اللاتينية.

كما شهدت بلدان مثل اليابان وكوريا الجنوبية وبريطانيا تراجعًا في التأييد والدعم لإسرائيل، إلى أن بات الرأي "السلبي" هو السائد في هذه المجتمعات.

في المقابل، برزت الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها كبلد تواصل فيه الدعم لإسرائيل رغم تراجعها مقارنة بالسابق.

وفي حديثها لـ"تايم"، قالت سونات فريسبي، نائبة رئيس قسم الاستخبارات السياسية في شركة Morning Consult للأبحاث، إن هذه المعطيات تظهر "مدى صعوبة المسار الذي تسلكه إسرائيل حاليًا في المجتمع الدولي".

 

تراجع الرحلات الجوية بنسبة 75%

تراجعت حركة الرحلات الجوية من وإلى إسرائيل بمتوسط 75 بالمئة على أساس سنوي، خلال نوفمبر وديسمبر الماضيين، بفعل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

جاء ذلك في تقرير صدر، أمس الأحد، عن سلطة المطارات الإسرائيلية قالت فيه إن عدد المسافرين زاد بنسبة 19.2 بالمئة في كامل 2023، مقارنة مع 2022.

وذكر سلطة المطارات أن حركة المرور من وإلى إسرائيل تراجعت بنسبة 78 بالمئة في نوفمبر الماضي على أساس سنوي، وبنسبة تراجع سنوي 71 بالمئة في ديسمبر.

وعلى مدى الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي -قبل حرب 7 أكتوبر - ارتفعت حركة الركاب في إسرائيل بنسبة 38.5 بالمئة على أساس سنوي، لتصل إلى 19.1 مليون مسافر.

ومع قيام جميع شركات الطيران الأجنبية تقريبا إيقاف رحلاتها من وإلى إسرائيل نتيجة الحرب، استفادت شركة الطيران الوطنية "إلعال" الإسرائيلية، والتي سجلت زيادة في عدد مسافريها.

وقالت سلطة الطيران: "ارتفع عدد الركاب عبر شركة "إلعال" بنسبة 32.5 بالمئة إلى 5.5 ملايين مسافر في 2023 بحصة بلغت 26.3 بالمئة من إجمالي المسافرين".

بينما كانت Wizz Air المجرية -وهي شركة طيران منخفضة التكلفة- ثاني أكبر شركة طيران من حيث حصتها من إجمالي المسافرين عبر خطوطها العام الماضي، بحصة 9 بالمئة.

وعلقت غالبية شركات الطيران العالمية رحلاتها من وإلى إسرائيل اعتبارًا من 7 أكتوبر الماضي، فيما استأنفت شركات مثل لوفتهانزا، رحلاتها، بينما أعادت شركات أخرى جدولة رحلاتها خلال الفترة المقبلة.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، اليوم الاثنين، ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 25 ألفًا و295 شهيدًا و63 ألف إصابة، منذ 7 أكتوبر 2023.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، يشن الجيش الإسرائيلي حربًا مدمرة على غزة خلّفت كارثة إنسانية وصحية، وتسببت في نزوح نحو 1.9 ملايين شخص، أي أكثر من 85 بالمئة من سكان القطاع، بحسب سلطات القطاع والأمم المتحدة.