نتيجة للأوضاع الاقتصادية السيئة في الكيان الصهيوني زادت معدلات البطالة بصورة غير مسبوقة، إذ بلغ عدد الباحثين عن عمل في نوفمبر الماضي 332 ألفا، أي بزيادة نسبتها 47% مقارنة بأكتوبر، وفق مكتب التشغيل التابع لمؤسسة التأمين الإسرائيلية.
 

ووفقا للبيانات، فإن 123 ألفا من بين 332 ألف باحث عن عمل هم مسجلون جدد خلال نوفمبر الماضي، في حين أن 209 آلاف هم باحثون عن عمل تم تسجيلهم في خدمة التوظيف في أكتوبر الماضي أيضا.


وذكرت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية أن معدل البطالة الواسع النطاق قفز مرتين ونصف مرة في غضون شهر واحد، ليصل إلى 10.4% في أكتوبر الماضي، وهي أعلى نسبة تسجل منذ أبريل 2021، ومن المتوقع أن تواصل الارتفاع في حال استمرت الحرب.


ولاحظ مراسل صحيفة "ذا ماكر" الاقتصادية ناتانيال جومز أن سوق العمل الإسرائيلي دخل في حالة طوارئ، إذ يلاحظ أن الشبان يتدفقون على مكاتب التوظيف والتشغيل بحثا عن العمل، وأيضا التسجيل للحصول على مخصصات البطالة.


ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن مركز توب لدراسات السياسة الاجتماعية -وهو مركز أبحاث مستقل في إسرائيل- أن نحو 20% من قوة العمل الإسرائيلية كانت غائبة عن السوق منذ طوفان الأقصى، ارتفاعا من 3% قبل بدئها.


وحتى 24 ديسمبر الماضي قدم 191 ألفا و666 شخصا في إسرائيل طلبات للحصول على إعانات البطالة منذ بدء الحرب.

 

سحب ألوية من غزة

ومن ناحية أخرى، أرجع محللون سحب جيش الاحتلال ألوية من غزة إلى الخسائر الاقتصادية وأن من أصدر القرار كان الكنيست الذي صدّق على استدعاء ما بين 300 ألف إلى 360 ألف جندي للجيش الإسرائيلي مع بدء الحرب على غزة إلا أن الاحتلال سرح عدد من الألوية القتالية في غزة وفقا لتقييم الوضع في القطاع ومراعاة للاعتبارات الاقتصادية للكيان.
 

وذكرت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي أن التسريح يتعلق بـ5 ألوية قتالية من الحرب البرية في قطاع غزة، منها لواءا الاحتياط 551 و14، إضافة إلى 3 ألوية تدريب إلا أن الواقع شمل حتى الآن تسريح نحو 9 ألوية من غزة.
 

وجاء قرار جيش الاحتلال تسريح عدد من ألويته القتالية؛ بعد أيام قليلة من تقديم كل من وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ووزير الدفاع يوآف جالانت خطة مساعدة مالية لجنود الاحتياط في جيش الاحتلال بتكلفة سنوية تبلغ 9 مليارات شيكل (2.5 مليار دولار).

وبحسب صحيفة "غلوبس" الاقتصادية الإسرائيلية، تم تقديم الخطة حتى قبل إيجاد مصادر واضحة لموازنة الدولة المعدلة لسنة 2024.

واستدعت إسرائيل عددا قياسيا من جنود الاحتياط يتراوح بين 300 ألف و360 ألف جندي بعد عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية من قطاع غزة على جبهات متعددة، وهذه تفاصيل الخطة:

    منح شهرية مستمرة بقيمة 1400 شيكل (388.6 دولارا) للجنود المقاتلين.
    منح شهرية مستمرة بقيمة 800 شيكل (222 دولارا) لغير المقاتلين.
    133 شيكلا (36.92 دولارا) يوميا لمن يخدم أكثر من 60 يوما.
    مبلغ مالي منزلي لمرة واحدة للمساعدة في دفع الضرائب البلدية.
    نفقات أخرى يبلغ مجموعها 2500 شيكل (694 دولارا) للجنود المقاتلين الذين يخدمون أكثر من 45 يوما.

وقال سموتريتش إن أصحاب الأعمال سيحصلون على تعويض أكبر، إذ ستعادل المنح التي سيحصلون عليها ما يحصل عليه سكان مستوطنات غلاف غزة الذين تم إجلاؤهم، فضلا عن تعويض كامل عن خسائرهم جراء وجودهم في الاحتياط و6 أشهر إضافية بعد انتهاء فترة استدعائهم للمساعدة في تعافي شركاتهم.

وأضاف سموتريتش أنه سيتم تخصيص مليار شيكل لصندوق القروض التي تضمنها الدولة للعاملين لحسابهم الخاص، وتتضمن الخطة كذلك:

 

60 مليار دولار خسائر 

ومن جانب آخر، قالت صحيفة يديعوت أحرونوت الصهيونية الثلاثاء 9 يناير إن جيش الاحتلال فشل في تحقيق أهداف الحرب على غزة رغم دخولها الشهر الرابع، وسط تكلفة اقتصادية قياسية ناهزت 60 مليار دولار.

وحذر البنك المركزي الإسرائيلي من عواقب تَواصُل الحرب على قطاع غزة مع تفاقُم الكلفة الاقتصادية للعدوان متجاوزة التقديرات السابقة لتصل إلى نحو 60 مليار دولار.


وكشف موقع "آي 24 نيوز" الصهيوني أن الكيان الصهيونى المحتل انخرط في أغلى حرب في تاريخه.. مشيراً إلى أنه "تمّ إنفاق ما يقرب من 60 مليار دولار حتى الآن، من دون حساب المجهود الحربي".

تقرير صحيفة "يديعوت أحرونوت" الموسع كان تحت عنوان "الحرب الأعلى كلفة وأهداف إسرائيل لم تتحقق بعد. صورة للوضع بعد 3 أشهر"، وقال إنه وفقا للأرقام المحدثة، ارتفعت تكلفة الحرب بالفعل إلى نحو 217 مليار شيكل (59.35 مليار دولار)، وتشمل التكلفة كلا من الميزانية القتالية للجيش، والمساعدات الواسعة للاقتصاد في جميع المجالات.

وأوضح التقرير أن تكلفة اليوم القتالي لجيش الاحتلال في أكتوبر الماضي، بما في ذلك تجنيد 360 ألف جندي احتياط في بداية الحرب، بلغت مليار شيكل (270.35 مليون دولار).

وأضاف أنه نظرا للتسريح الجماعي لعشرات الآلاف من الجنود في الأيام الأخيرة، تبلغ التكلفة حاليا 600 مليون شيكل (164.11 مليون دولار) يوميا.

واستمر الاحتلال في دفع مبلغ 300 شيكل (82 دولارا) يوميًا، وسيستمر حتى نهاية 2024 لكل جندي احتياط تم تجنيده، لافتة إلى أن هذه المدفوعات وحدها وصلت حتى الآن إلى نحو 9 مليارات شيكل (2.46 مليار دولار).

أما على المستوى المدني، تصل التعويضات بالفعل إلى عشرات مليارات الشواكل، ومن المتوقع أن تدفع الدولة للشركات المتضررة من دورات النشاط في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري حوالي 10 مليارات شاشيقل (2.74 مليار دولار).

وبحسب التقديرات، تبلغ قيمة الأضرار التي لحقت بالممتلكات في المستوطنات الحدودية مع لبنان بين 5 و7 مليارات شيكل (1.37- 1.91 مليار دولار)، إضافة إلى ما بين 15 و20 مليار شيكل (4.10 و5.47 مليارات دولار) القيمة الأولية للأضرار التي لحقت بالممتلكات في مستوطنات غلاف غزة.


وكانت تقارير اقتصادية قد تحدثت عن الأضرار الكبيرة التي تصيب القطاع السياحي والخدماتي في “إسرائيل” بسبب الحرب على غزة وكذلك الحصار اليمني على الملاحة الإسرائيلية، وتأثيرات بقية جبهات المقاومة بينها لبنان.

وقال موقع “جلوبس” الصهيوني، أن “مرفق السياحة انخفض في فئته بنسبة 73%، فيما سُجّلَ انخفاض بنسبة 64% في حجم المعاملات، كما سُجل انخفاض بنسبة 26% في متوسط ​​مبلغ المعاملة”.

وفي وقت سابق، نقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن محللين قولهم إنّ “اقتصاد إسرائيل تعرّض لضربة قوية”، وإن التأثير على قطاع التكنولوجيا الفائقة “مثير للقلق”.

وكانت وسائل إعلام الاحتلال أكدت أن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، يدرس إغلاق بعض المكاتب الحكومية، وتحويل أموالها لتغطية تكاليف الحرب، القائمة منذ السابع من أكتوبر من العام الفائت.


العقوبات الصامتة

موقع جلوبس حذر حكومة الاحتلال أيضا من خطر "العقوبات الصامتة" بسبب هجمات اليمن، مع تقليص خطوط الإمداد إلى موانئها.
 

وقال الموقع  إن هناك سفن شحن تجارية بدأت “تعلن أن لا علاقة لها ب"إسرائيل" من أجل تجنّب استهدافها” في البحر الأحمر، ونقل عن الخبير في قطاع التجارة البحرية، عامي دانييل، قوله إن عدداً متزايداً من طواقم السفن في البحر الأحمر يطلبون من مديريهم عدم الإبحار هناك، وعدم الذهاب إلى "إسرائيل".


وأبان أن "شركات الشحن تدعم هذا الاتجاه، مثل كوسكو، التي أعلنت أنها لن ترسو في إسرائيل، وغيرها من الشركات" وان "شركات الشحن هي ترفع أقساط المخاطر أو تُنزل البضائع في بيرايوس (اليونان)، على سبيل المثال، ومن ثم تقوم شركة لها صلة بإسرائيل بشحنها إليها".


وأكد "عامي" أن "إسرائيل" ستدفع ثمن ذلك، فبدلاً من 6 خطوط إمداد، قد يكون هناك اثنان أو ثلاثة، كما وسيفضّل آخرون عدم المخاطرة بالسفن والإبحار في البحر الأحمر، ما سيرفع كلفة أي منتج يجري إحضاره إلى إسرائيل”.


وكانت كبرى شركات الشحن العالمية قد أعلنت وقف ملاحتها عبر البحر الأحمر إلى موانئ الاحتلال خوفاً من الاستهداف اليمني.
 

لا يتحمل حرب طويلة

المحلل الصهيوني عاموس هرئيل قال إن الاقتصاد الإسرائيلي رغم أنه من أنجح الاقتصادات في المنطقة -حسب وصفه- فإنه لا يتحمل حربا طويلة، فتعداد سكان إسرائيل قليل (نحو 9.8 ملايين نسمة)، كما أنها صغيرة جغرافيا وديمغرافيا، وهي ذات موارد محدودة، مضيفا أن من بين الاعتبارات الأهم في صمود اقتصادها هو اعتمادها على جذب رؤوس الأموال والاستثمارات، وهي التي تأبى أن تخاطر في اقتصاد حرب.

تعددت تقديرات التكلفة العسكرية لاستدعاء الاحتياط، إذ قالت هيئة البث الإسرائيلية في نوفمبر الماضي إن التكلفة المباشرة لرواتب الجنود تقدر بحوالي 5 مليارات شيكل (1.38 مليار دولار) شهريا تضاف إليها تكلفة فقدان أيام العمل لهؤلاء الجنود، والتي تقدر بنحو 1.6 مليار شيكل (444.12 مليون دولار).

وأظهرت تقديرات أولية لوزارة المالية الإسرائيلية أن تكلفة قوات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي منذ بدء عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر الماضي وحتى نهاية نوفمبر الماضي بلغت 20 مليار شيكل (5.55 مليارات دولار)، إلى جانب الأضرار والخسائر المباشرة للاقتصاد وسوق العمل الإسرائيلي الذي يشهد ارتفاعا بمعدلات البطالة.

وبحسب صحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية، فإن تكلفة تجنيد قوات الاحتياط -التي تقدرها وزارة المالية الإسرائيلية بملياري شيكل أسبوعيا- أعلى بكثير من تلك التي يقدرها بنك إسرائيل الذي أشار إلى أن تكلفة فقدان أيام العمل نتيجة تعبئة قوات الاحتياط تقدر بنحو 500 مليون شيكل (138 مليون دولار) أسبوعيا.

وقدّرت وزارة المالية الإسرائيلية التكلفة المباشرة ليوم الاحتياط (دفع الأجور لجنود الاحتياط والمعدات والطعام وما إلى ذلك) بمبلغ 70 مليون شيكل (19.43 مليون دولار) لكل 100 ألف مجند.

لكن صحيفة "ذا ماركر" نقلت عن محللة الشؤون الاقتصادية ميراف أرلوزوروف قولها إنه بافتراض أن ثمة 200 ألف جندي احتياطي فإن تكلفتهم المباشرة ستبلغ نحو 150 إلى 200 مليون شيكل يوميا (41.63 مليونا إلى 55.5 مليون دولار)، تضاف إليها الأضرار التي لحقت بالاقتصاد جراء تغيب هذه القوات عن سوق العمل، في وقت يبلغ معدل الأجر الشهري للفرد منهم 12 ألف شيكل (3330 دولارا).