لم تقتصر خسائر الجيش الإسرائيلي في معركة طوفان الأقصى على جنوده وآلياته العسكرية في الميادين، وإنما امتد هذا التأثير الصادم إلى الداخل الإسرائيلي بين السكان والمدنيين؛ بإصابة 100 ألف باضطرابات نفسية، وارتفاع كبير في تناول الحبوب المنومة بين الإسرائيليين.

كشفت البيانات الواردة من صناديق التأمين الصحي والصيدليات بإسرائيل عن زيادة كبيرة في استهلاك أدوية النوم، بموجب وصفة طبية أو طرق بديلة، منذ "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023، فيما حذر الخبراء من أنَّ هذه الزيادة قد ترفع من خطر الإدمان والإضرار بآلية النوم الطبيعية، بحسب ما نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، الجمعة 5 من يناير 2024.

وأدى الوضع الأمني ​​والسياسي منذ عملية طوفان الأقصى، في 7 أكتوبر، إلى زيادة أعداد المرضى الذين يشكون من مشاعر الخوف والقلق، وفقًا لـ"عربي بوست".

 

100 ألف مكالمة استغاثة

عشرات الأطباء النفسيين يغادرون إسرائيل.. ما الأسباب؟ | التلفزيون العربي

في بداية الأسبوع، نشرت صحيفة "معاريف" أرقامًا تُظهر عددًا قياسيًا من المكالمات إلى الخطوط الساخنة لرابطة ARAN (الإسعافات النفسية) بشأن شكاوى حول الاضطرابات النفسية، كما سجل في الأشهر الثلاثة الماضية، ما يقرب من 100 ألف مكالمة استغاثة حول الشعور بالوحدة، والاكتئاب، القلق، والأفكار الانتحارية، واضطرابات النوم ذات الصلة.

ووفقًا لبيانات صندوق التأمين الصحي المتحد، التي يُكشَف عنها هنا لأول مرة، لوحظ خلال الشهر الأول من القتال زيادة بنسبة 170% في عدد المرضى الذين بدأوا لأول مرةٍ العلاج بالحبوب المنومة والتخدير، مقارنةً بالفترة المماثلة من العام الماضي. وفي الشهر الثاني، اعتبارًا من 7 نوفمبر، حدث انخفاض بنحو 50% في المرضى الذين بدأوا العلاج بالأدوية المضادة للقلق، تقابلها زيادة بنحو 20% في عدد المرضى الذين بدأوا باستخدام الحبوب المنومة لأول مرة، مقارنة بالشهر الأول من القتال.

ومن معطيات صندوق التأمين الصحي المتحد، لوحظ أيضًا ارتفاع في استخدام الأدوية؛ إذ مقارنةً بالأشهر التي سبقت عملية طوفان الأقصى، لوحظت زيادة بنسبة 17% في صرف أدوية النوم والقلق خلال الأشهر الثلاثة للحرب.

 

ارتفاع كبير في تناول الحبوب المنومة

اضطرابات نفسية ونوبات هلع!..ماذا يحدث مع الجيش الإسرائيلي؟ | Q Street  Journal

من جانبها، تقول تال لافانا، أخصائية نفسية إكلينيكية ومديرة نظام الصحة النفسية في مستشفى Meuhedet بالقدس المحتلة: "نشهد زيادة كبيرة في استهلاك أدوية النوم خلال هذه الفترة، وهو أمر مفهوم ومتوقع. إذ تعد صعوبات النوم من الأعراض المميزة جدًا للقلق والصدمات والاكتئاب، ويعاني كثير من المرضى من أنواع مختلفة من اضطرابات النوم بين مختلف الأعمار. وأفاد كثيرون بأنَّ جودة نومهم تراجعت، وهو نوع من الشعور بالتعب على الرغم من النوم، وهذا الإحساس غالبًا ما يكون دافعه نفسيًا".

ويؤكد الدكتور عميت لوتان، مدير قسم الطب النفسي في مستشفى Hadassah: "منذ 7 أكتوبر، والخوف والقلق بشأن الوضع الأمني يعتريان الجمهور في إسرائيل؛ ولذلك نرى أيضًا بمنطقة القدس زيادة في استهلاك الحبوب المنومة. وتؤدي مشاهدة الأخبار لفترة طويلة على شاشات التلفزيون والهواتف المحمولة، إضافة إلى زيادة القلق، إلى الإضرار بإفراز هرمون النوم، وهو الميلاتونين، مما يجعل الإغفاء صعبًا".

كما أنَّ زيادة استهلاك أدوية النوم واضحة في شمال إٍسرائيل، حيث تقول الدكتورة عينات مدار، أخصائية الطب الباطني والطب النفسي من مركز Emek الطبي: "نشهد زيادة كبيرة في شكاوى المرضى بشأن الأرق وتراجع جودة نومهم. إنَّ الوضع الأمني ​​الذي نعيشه يسبب زيادة في مستوى القلق، مما يؤثر تأثيرًا مباشرًا على النوم ونوعيته. ويجب أن نعلم أنَّ اضطراب النوم يمكن أن يكون أيضًا العرض الأول لاضطراب نفسي آخر مثل الاكتئاب، أو القلق، أو اضطراب ما بعد الصدمة، وقلة النوم في حد ذاتها تسبب تدني الحالة المزاجية وصعوبات وظيفية كبيرة".

وينطوي استخدام الحبوب المنومة على مخاطر، خاصة عند تناولها لفترة طويلة من الزمن. توضح الدكتورة أولغا بريمان تيكيش، مديرة الصيدلة الإكلينيكية في مستشفى Meuhedet: "إنَّ العلاج بالحبوب المنومة يضعف نوعية النوم، وقد يسبب التعب خلال اليوم التالي، والارتباك، وفقدان الذاكرة على المدى القصير، وارتفاع خطر الإصابة بالسكتة الدماغية. والاستخدام المطول للحبوب المنومة من نوع البنزوديازيبينات مثل Nocturno وAmbien، قد يسبب أيضًا أعراض الإدمان والاعتماد على الدواء والانسحاب والحاجة إلى زيادة الجرعة. وكلما طالت مدة العلاج، كان التوقف عن تعاطي هذه الأدوية أصعب وقد تصاحبه أعراض انسحاب".

وفي 7 أكتوبر الماضي، أطلقت "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية "طوفان الأقصى"، ردًا على "اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، لا سيما المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة".

قتلت "حماس" نحو 1200 إسرائيلي، وأصابت نحو 5431، وأسرت 239 على الأقل، بادلت عشرات منهم مع إسرائيل خلال هدنة إنسانية مؤقتة استمرت 7 أيام، وانتهت مطلع ديسمبر الماضي.

وردًا على ذلك، شن الجيش الإسرائيلي حربًا مدمرة على قطاع غزة خلّفت حتى اليوم السبت، 22 ألفًا و722 شهيدًا و58 ألفًا و166 مصابًا معظمهم أطفال ونساء، ودمارًا هائلًا في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة" دفعت أعدادًا كبيرة إلى النزوح، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.