خفضت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني تصنيف أكبر أربعة بنوك مصرية بسبب الديون الحكومية مع توقعات بتراجع الجنيه المصري أمام الدولار بنسبة 45%.
وربط المحلل المالي بسام عبدالعزيز نور بين تخفيض وكالة فيتش تصنيف مصر إلى سالب B مع نظرة مستقبلية مستقرة. وتخفيض سابق لوكالتي موديز وS&P اللتان خفضتا إلى نفس المستوى قبل شهر.
وشهد تصنيف مصر الائتماني انخفاضاً متتالياً من وكالات موديز وستاندرد آند بورز وفيتش خلال الأسابيع الماضية، مع اشتداد الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها وتفاقم شح الدولار وارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية.
وعلق عبر @Bassam_A_Noor، ".. لا جديد في الموضوع لأن فيتش متأخرة .. على مصر أن تعوم عملتها مجددا وأن تلتزم بالإصلاحات الهيكلية وفقا للوكالات.. ولكن صعب جدا التعويم والانتخابات بعد شهر. ولذلك أتوقع تعويمًا جديدا بعدها.".
وفي 2 أكتوبر الماضي، خفضت وكالة موديز تصنيف مصر الائتماني من B3 إلى CAA1، وذلك التخفيض كان الثاني من نوعه لـ "موديز" اليت خفضت تصنيف مصر السيادي خلال فبراير الماضي إلى B3 من B2.
وأشار المراقبون ان تخفيض التصنيف يعني حسب تعريف موديز ذاتها: أن سداد الالتزامات المالية تخمينياً، وخاضع لمخاطر ائتمانية عالية.
يُعد تصنيف البنك الائتماني مقياساً مفيداً للعملاء لمعرفة مدى أمان التعامل معه، وهو تصنيف مرتبط أساساً بتصنيف دولة البنك الائتماني.
ويُعرّف معهد المحللين الماليين الأميركي التصنيف الائتماني بأنه تصنيف تُقاس من خلاله قدرة الدول أو الشركات على الحصول على قروض ومدى وفائها بسداد فوائد ديونها، أو الأقساط المترتبة عليها ومدى احتمالية التخلف عن السداد.
وقال محلل بإحدى شركات الاستثمارات المالية، لموقع «مدى مصر»، إن التخفيض جاء كأحد توابع خفض التصنيف الائتماني، ولكنه يعكس كذلك عددًا من نقاط الضعف متمثلة في الديون الدولارية المُستحقة على البنوك، في ظل نقص العملة، والشهادات مرتفعة العائد التي تتحملها البنوك بالتوازي مع معدلات تضخم وصلت 40%، وعدم تنويع المحافظ الائتمانية لدى البنوك وتركزها في الديون السيادية.
ولموقع (CNN) قالت المحلل المالي للبنوط أماني شعبان إن خفض التصنيف يعني أن المخاطر على الديون الحكومية للبلد أصبحت عالية، ومعظم البنوك المصرية تُقرض الحكومة عبر شراء أدوات الدين الحكومية المتعارف عليها، وتمثل هذه الديون نسبة من محفظتها المالية.
وأشارت إلى أنه من الوارد أن يؤدي خفض تصنيف البنوك المصرية إلى ارتفاع تكلفة الدين الخارجي -زيادة الفائدة- على هذه البنوك في حال رغبتها في الاستدانة من الخارج، لكن احتمالية هذا الأمر ضئيلة إذ لا يحدد التصنيف وحده تكلفة الدين.
ولا تتوقع شعبان أن يكون لخفض التصنيف الائتماني تأثير على مالية البنوك الأربعة، لكن فيتش تتوقع أن تظل الظروف الاقتصادية للبنوك المصرية ضعيفة، نظراً لارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع تكاليف المدخلات، والمخاوف الجيوسياسية، والضغوط المستمرة على العملة.
4 بنوك رئيسية
خفضت وكالة التصنيف الائتماني "فيتش" تصنيف البيئة التشغيلية لبنوك: (مصر) و(الأهلى) و(القاهرة) و(التجاري الدولي) من (B) إلى (-B)، وذلك جراء تعرضها الكبير للديون الحكومية، مع تعدّيل النظرة المستقبلية لها من سلبية إلى مستقرة.
وفي الوقت الذي خفضت فيه "فيتش" تصنيف البنوك الرئيسية التي تقرض الحكومة شهريا زعم تصنيف جديد لصندوق النقد الدولي، أن مصر تصدرت الترتيب من حيث أقوى اقتصاد في القارة الأفريقية!
وقالت إن الصندوق الأمريكي المنشأ والتمويل (بحكم الواقع)، اعتمد في تصنيفه على مؤشرين أساسيين هما، حساب بيانات الناتج المحلي، وتعادل القوة الشرائية في البلاد.
غير أن "الصندوق" بات جزءا رئيسيا من مناورة رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي للانصياع للرغبات الامريكية والاوروبية في ملف فلسطين المحتلة ولذلك قرر مع أخبار تفاوض أصحاب الرغبات الغربيين تهجير سطكان غزة لسيناء أن ("يدرس بجدية" زيادة محتملة لبرنامج القروض لمصر البالغ 3 مليارات دولار) بزعم أن ذلك "نتيجة الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الحرب بين "إسرائيل" وحركة حماس، وفق ما قالته مديرة الصندوق، كريستالينا جورجيفا، لوكالة رويترز.
وقالت التقارير إن الحرب الصهيونية على غزة قد تُعزز الدعم المالي المُقدم لمصر سواء من صندوق النقد الدولي أو تمويلات ثنائية من قبل دول أخرى، وذلك كمكافأة على حسب تعبير فيتش على الدور التي تلعبه مصر استنادًا إلى موقعها الجيوسياسي في تهدئة الوضع والوساطة بين الجانبين.
أسباب التخفيض الأخير
وربطت فيتش بين مؤشر البيئة التشغيلية للبنوك والتصنيف السيادي للبلد، في تقريرها الصادر الأربعاء الماضي، أن حوالي 50% من إجمالي أصول القطاع المصرفي في مصر توجد في بيئة تعاني من تضخم مُفرط، فضلًا عن محدودية السيولة الدولارية لدى البنوك، في ظل أزمة نقص العملة الأجنبية الحاد التي تعاني منه البلاد.
وخفّضت «فيتش»، مطلع نوفمبر الجاري، تصنيف مصر الائتماني طويل الأجل من «B» إلى «-B» بنظرة مستقبلية مستقرة، جراء ارتفاع أسعار الصرف الأجنبي، وتفاقم قيود التمويل الخارجي، وتباطؤ الإصلاحات الاقتصادية.
وتصل الحصة السوقية للبنوك التي رصدها المؤشر إلى حوالي 57% من إجمالي السوق المصرية، يتقدمها البنك الأهلي بحصة 33%، ثم «مصر» و«CIB» و«القاهرة» على التوالي.
الديون الحكومية
وتستحوذ الديون الحكومية على حوالي 70%، 6.2 تريليون جنيه، من محفظة ائتمان البنوك في مصر البالغة قيمتها 9.2 تريليون جنيه، بحسب بيانات المسح المصرفي الصادرة عن البنك المركزي، التي أظهرت أن الاقتراض الحكومي من القطاع المصرفي بنهاية السنة المالية المنتهية قفز لـ42%، فيما سجل ائتمان القطاع الخاص 27%، والقطاع العائلي 21%، وقطاع الأعمال العام 16%.
ومن جانب النمو، توقعت فيتش في (تقرير المخاطر) نموًا طفيفًا في الناتج المحلي خلال العام المقبل، يصل إلى 4.2% مقارنة بالسنة المالية الحالية 3.8%، وهي التوقعات التي تقل عن توقعات سابقة للوكالة لنمو السنة المالية المقبلة، كانت تصل إلى 4.4%
وبحسب التقرير فإن الارتفاع في معدل النمو خلال العام المقبل سيكون نتيجة ببيع الأصول وفقًا لبرنامج التخارج الحكومي، ما سيخفف الضغط الناجم عن تباطؤ الطلب المحلي والصادرات، وكذلك القدرة المحدودة على تحجيم الواردات.
تصدير الغاز المسال
ومن جانب اقتصادي آخر، أشارت "فيتش" في تقرير المخاطر، الصادر الأحد الماضي، إلى ضغط العدوان "الإسرائيلي" على غزة على الاقتصاد المصري، موضحة أنه في حال توسيع دائرة الصراع ستتأثر صادرات الغاز "الإسرائيلي" إلى مصر ومن ثمّ الصادرات ونشاط التنقيب، كما سيتضرر قطاع السياحة، فضلًا عن تعزيز حالة عدم اليقين لدى مُستثمري القطاع الخاص ما يدفع بتقليص نشاطهم.
وكالة ستاندرد آند بورز حذرت أيضا من أن تصاعد وتيرة حرب "إسرائيل" في غزة قد يترك مصر في مواجهة نقص طويل الأجل في الغاز.
وقالت وكالة (ستاندرد آند بورز) إن عمليات إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي في الشرق الأوسط أكثر عرضة للتأثر بالحرب من النفط، مشيرةً إلى انخفاض إنتاج "إسرائيل" من الغاز بنحو 50% بسبب الحرب التي تعرقل أيضا صادرات الغاز "الإسرائيلية" إلى كل من الأردن ومصر.