أكد خبراء سياسيون وعسكريون أن حرب غزة تدفع المنطقة إلى مفترق طرق، وقد تتوسع لتكون بداية شرارةٍ لحرب كبرى، وستؤدي إلى إحداث تصدعات في المجتمع الإسرائيلي، وإلى ضغوط اقتصادية عنيفة قد تجبر القادة السياسيين والعسكريين على إيقافها.

وقال الخبير السياسي ومدير مركز حرمون، سمير سعيفان، إن "المنطقة على مفترق طرق حاليًا" جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وإن "المنطقة بحاجة إلى السلام الذي أصبح مطلبًا حقيقيًا"، وفقًا لـ"الأناضول".

 

المنطقة على مفترق طرق

وأضاف سعيفان، في ندوة عقدها بإسطنبول مركز حرمون للدراسات المعاصرة، بالتعاون مع مركز "سيتا" للأبحاث والدراسات في تركيا، بعنوان "الأحداث في غزة وانعكاساتها على الواقع السوري": "ما يجري في غزة والهجوم الإسرائيلي المخطط له لفترة طويلة، تلخص الوضع في فلسطين منذ أكثر من 75 عامًا، عدوان مستمر، ولا فعل دولي إزاء ذلك".

وأضاف: "حماس هاجمت في 7 أكتوبر الجاري، ولكن العالم لم يسأل لماذا حصل ذلك، ونسي 17 عامًا من الحصار وهو أكبر سجن في العالم". وأوضح أن "العالم يريد أن يتناسى ما يحدث في فلسطين، من قضم الأراضي، والممارسات والاعتداءات على الأقصى".

وعن تهديدات انتشار الصراع في المنطقة، قال سعيفان: "إيران تستخدم الآخرين لتنفيذ سياساتها، وتبتعد عن الاشتباك بشكل مباشر مع إسرائيل، فهي تنأى بنفسها عن الانخراط، وتمنع حزب الله عن الانخراط في أي صراع مع إسرائيل رغم ما يحصل في غزة، إنه تحدي كبير لحزب الله".

وأردف: "العنف المستمر في غزة يطرح سؤال، هل ستتوسع الحرب لتكون بداية شرارة لحرب أوسع، الجميع حريص ألا تتوسع".

وتساءل سعيفان: "هل يمكن أن تشكل أحداث غزة بداية لأن يطرح المجتمع الدولي وخاصة أمريكا، سؤالًا مضمونه هل حان الوقت لوضع حد لمسلسل العنف بالمنطقة أم لا، وماهي فرص تطبيق اتفاق أوسلو بحل الدولتين، هذا هو التساؤل". وأشار إلى أن "المنطقة بحاجة إلى السلام الذي أصبح مطلبًا حقيقيًا للمنطقة والإقليم والعالم".

كيف تؤثر حرب غزة على الدول العربية؟.. إعلامي سعودي يوضح

تكلفة باهظة لحرب غزة

وتشير الأرقام إلى أن عدد القتلى وسط الجنود الإسرائيليين يبلغ العشرات ويقترب من 100 ضابط وجندي، منذ بداية التوغل البري لقوات الاحتلال في غزة.

وبحسب الخبير بالشأن الإسرائيلي، الدكتور مهند مصطفى، فإن تراكم خسائر الإسرائيليين ستؤدي بشكل تدريجي إلى تصدع الإجماع الموجود حاليا حول الحرب على غزة، وهناك نقاشات داخلية تجري عن جدوى إطالة أمد الحرب في ظل الخسائر في صفوف الجنود الإسرائيليين وفي ظل التداعيات الاقتصادية لهذه الحرب.

وقال - في حديثه ضمن الوقفة التحليلية على قناة الجزيرة "غزة.. ماذا بعد" - إنه من خلال تجربة الحروب التي خاضتها إسرائيل في السابق، فإنه في مرحلة معينة يبدأ السؤال حول جدوى الاستمرار في الحرب مقابل الخسائر.

وكشف عن معطيات رسمية من وزارة المالية الإسرائيلية تفيد بأن توقعات تكلفة الحرب الحالية في قطاع غزة ستكون 200 مليار شيكل (حوالي 55 مليار دولار) بينما كلفة حرب لبنان 2006 وحرب غزة 2014 لم تكلف كل واحدة منها أكثر من 10 مليارات شيكل.

وزيادة على التكلفة المباشرة للحرب التي لن تستطيع الموازنة الإسرائيلية تحملها، هناك تكاليف غير مباشرة على قطاع السياحة والصناعة، وقال الخبير إن جنود الاحتياط هم موظفون وعاملون في الاقتصاد، وبعد أن تم تجميعهم حدث شلل في السوق الإسرائيلية.

وأشار أيضا إلى أن حوالي 250 ألف إسرائيلي تم إجلاؤهم من بيوتهم والحكومة تقوم بإيوائهم والإنفاق عليهم، مبرزا أن التكلفة المباشرة وغير المباشرة للحرب على غزة تشكل عبئًا على المجتمع الإسرائيلي وعلى الاقتصاد الذي يحمل آلة الحرب الإسرائيلية.

وبعد حديثه عن الخسائر البشرية والاقتصادية وأثرها المتوقع على المجتمع الإسرائيلي، رأى الخبير بالشأن الإسرائيلي أن هناك 3 عوامل قد تؤدي إلى توقف الحرب الإسرائيلية على غزة، وهي عدم قدرة المجتمع الإسرائيلي على تحمل الحرب، والضغط الدولي على إسرائيل وخاصة من طرف الولايات المتحدة، وعجز إسرائيل عن تحقيق الإنجاز العسكري الذي من أجله شنت عدوانها على القطاع.

الشيكل الإسرائيلي يقترب من مستويات ما قبل الحرب | سكاي نيوز عربية

عجز عن حسم المعركة

وفي السياق نفسه، نوّه الكاتب والباحث، معين الطاهر إلى أن النقاشات في الصحف الغربية تشير إلى عدم قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها من الحرب، ولا بد أن تتوقف الحرب، مشيرًا إلى أن هدف الإسرائيليين حاليًا هو التدمير والقتل لأن معركتهم يقودها جنرالات متعطشون لإعادة هيبتهم التي فقدوها في 7 أكتوبر الماضي.

وقال إن الخسائر التي تتكبدها إسرائيل كبيرة جدًا على الصعيدين الاقتصادي والبشري، وعلى المستوى العسكري فإن أغلب قتلاها هم من قوات النخبة الذين تم تدريبهم لأعوام وسنوات ويدفع بهم إلى الواجهة من أجل تحقيق إنجازات.

كما لم يستبعد الكاتب والباحث من أن مسارات المعركة في حال هزيمة الجيش الإسرائيلي ستؤثر على المجتمع الإسرائيلي الذي هو مجتمع عسكري بالكامل، وربما ستكون هناك هجرة مضادة.

 

تراجع إسرائيل

ورأى الخبير العسكري والإستراتيجي، اللواء فايز الدويري، أن الخسائر الإسرائيلية جراء حرب غزة، وانسداد الأفق العسكري، وتراجع الدعم الدولي، يضاف إليها موقف الشارع الإسرائيلي الضاغط، كلها عوامل ستجبر الإسرائيليين على التراجع والاعتراف بعجزهم عن حسم المعركة.

ومن جهة أخرى، شكك الدويري في حقيقة الأرقام التي يقدمها الاحتلال بخصوص خسائره في صفوف جنوده، وقال "أجزم أن حصيلة القتلى أضعاف ما يعلن عنه"، مستعينًا في تقييمه للفيديوهات التي تبثها المقاومة الفلسطينية حول تدمير الآليات الإسرائيلية المختلفة وقتلها للجنود.

ومنذ 46 يومًا يشن الجيش الإسرائيلي حربًا مدمرة على غزة، خلّفت أكثر من 14 ألفًا و128 شهيدًا فلسطينيًا، بينهم أكثر من 5 آلاف و840 طفلًا و3 آلاف و920 امرأة، فضلًا عن أكثر من 33 ألف مصاب، 75% منهم أطفال ونساء، وفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.

فيما قتلت "حماس" 1200 إسرائيلي وأصابت 5431، بحسب مصادر رسمية إسرائيلية. كما أسرت نحو 239 إسرائيليًا، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون إسرائيل.