حذّر المفوّض العام لوكالة أونروا فيليب لازاريني من أنّ "الأسابيع الستة الأخيرة كانت جحيماً بالنسبة إلى سكان قطاع غزة"، التي "شهدنا أكبر تهجير للفلسطينيين منذ عام 1948"، منذ النكبة. وأضاف: "إنّه نزوح جماعي قسري تحت أنظارنا. نهر من الناس المجبرين على الفرار من منازلهم".
وفي مؤتمر صحفي عُقد في جنيف، اليوم الخميس، أشار لازاريني إلى أن "ثمّة محاولة متعمّدة لشلّ عمليات الوكالة في قطاع غزة"، وبالتالي المنع من "الوفاء بالتزاماتنا تجاه الشعب الفلسطيني". ولفت إلى أنّ أطفال غزة يفتقرون إلى قطرة المياه وكسرة الخبز.
وأضاف لازاريني أنّ "أونروا" تواجه خطر تعليق عملياتها الإنسانية بالكامل في قطاع غزة، بسبب نقص الوقود. وأسف لاضطرار وكالة أممية إلى تسوّل الوقود، مثلما هي حال وكالته في الوقت الراهن، مؤكداً أنّه "من دون وقود لن نتمكّن من القيام بجهود الإغاثة في غزة"، ولا سيّما وسط الحرب التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
من جهة أخرى، شدّد لازاريني على أنّ وكالة أونروا "لا تعلّم الكراهية في مدارسها بحسب ما يُرَوَّج في حملة أخيرة"، غير أنّه في المقابل قال إنّ "مدارس عديدة تابعة للوكالة تُستخدَم (راهناً) لأغراض عسكرية وقد تمركزت فيها دبابات إسرائيلية".
يُذكر أنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي تتعمّد في خلال الحرب القائمة على غزة، المستمرّة لليوم الواحد والأربعين، استهداف منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها، بكلّ الطرق، بما في ذلك عسكرياً من خلال قصف مدارسها التي تؤوي نازحين ومنشآت أخرى. كذلك استهدف الاحتلال مقرّ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يوم الأحد الماضي في 12 نوفمبر، وقد أدّى ذلك إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى.
وكرّر المفوّض العام لوكالة أونروا ما سبق أن ردّده في أكثر من مرّة، قائلاً إنّه "لا مكان آمناً في قطاع غزة" وإنّ "سكانه يواجهون عقاباً جماعياً". وبيّن أنّ "ثلث الضحايا سقطوا في الجنوب على الرغم من مطالبة أهل غزة بالتوجّه إليه". فالاحتلال الإسرائيلي يوجّه، منذ بدء حربه على القطاع، أوامر إلى سكان شماليّ غزة بالانتقال إلى الجنوب مدّعياً أنّه "آمن".
وفي الجنوب الذي نزح إليه مئات الآلاف من سكان الشمال، تبدو الأوضاع مأساوية، ولا سيّما مع أعداد الوافدين الكبيرة وتعطّل خدمات، وعدم إدخال ما يكفي من إمدادات إلى قطاع غزة من خلال معبر رفح الحدودي مع مصر.
وبيّن لازاريني أنّ "70% من سكان الجنوب لم يعودوا قادرين على الحصول على مياه نظيفة منذ أمس الأربعاء"، في حين أنّ مياه الصرف الصحي بدأت اليوم تفيض في الطرقات. وعبّر بالتالي عن شعور بالقلق إزاء تسجيل أمراض منقولة عبر المياه.
في الإطار نفسه، قال مدير شؤون وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين في قطاع غزة توماس وايت، إنّ 76 بئر مياه ومحطّتَين لمياه الشرب و15 محطة لضخّ الصرف الصحي توقّفت عن العمل في جنوب القطاع، الأمر الذي يؤثّر سلباً بنحو 100 ألف نسمة. أمّا السبب فهو "ببساطة نفاد الوقود".
وأوضح وايت أنّ مياه الصرف الصحي تتدفّق في شوارع مدينة رفح جنوبيّ قطاع غزة من كلّ المضخات، بسبب نفاد الوقود. كذلك أشار إلى أنّ عدم توافر الوقود يعني نقصاً في مياه الشرب، الأمر الذي يؤدّي إلى زيادة حالات الإسهال بنسبة 40% بين النازحين الذين لجأوا إلى مدارس وكالة أونروا. وأكد أنّ سوء وضع الصرف الصحي والخدمات الطبية المحدودة قد يؤديان إلى "إسهال مميت".
من جهة أخرى، بيّن لازاريني أنّ 103 عاملين في وكالة أونروا استُشهدوا في قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مشيراً إلى أنّ ثمّة آخرين تحت الأنقاض. وأشار إلى أنّ زملاءه الذين سقطوا ضحية القصف الإسرائيلي "كانوا أشخاصاً رائعين وقد كرّسوا حياتهم لخدمة مجتمعاتهم".
وفي ما يتعلّق بالوضع الكارثي في مجمّع الشفاء الطبي بعد اقتحامه أمس الأربعاء على أثر محاصرته لأيام عدّة، أدان لازاريني "الاعتداءات والممارسات غير الإنسانية ضدّ المرضى والعاملين والنازحين فيه"، ودعا إلى "وقف لإطلاق النار إن كانت ثمّة إرادة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في قطاع غزة".
ويُعَدّ دور وكالة أونروا أساسياً في قطاع غزة، إذ إنّها توفّر "39% من الاحتياجات الغذائية للنازحين"، بحسب ما أفاد برنامج الأغذية العالمي الذي حذّر من أنّ القطاع يواجه "مجاعة واسعة النطاق" وأنّ كلّ سكانه تقريباً في حاجة ماسة إلى مساعدات غذائية. أضاف البرنامج، في إحاطة اليوم الخميس، أنّ 2.4 مليون نسمة يعانون من الجوع في قطاع غزة، ولا سيّما أنّ 80% من عائلاته كانت تعتمد على الدعم الخارجي الذي لم يعد متوافراً وسط الحرب الإسرائيلية المتواصلة.