ارتفع سعر الدولار في السوق السوداء خلال الأيام السابقة ووصل إلى سعر خيالي، في ظل ترقب صدور تقرير فيتش بشأن تصنيف مصر الائتماني.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن تسير المؤسسة على خطى وكالتي موديز وستاندرد آند بورز وتخفض تصنيف مصر الائتماني.

يأتي ذلك بعد قرار البنك المركزي بشأن سعر الفائدة الذي صدر، أمس الخميس، حيث قرر البنك عدم تغيير أسعار الفائدة الرئيسية، وهو القرار الذي كان متوقعًا على نطاق واسع. حيث ظلت الفائدة عند مستوى 19.25 بالمئة للإيداع و20.25 بالمئة للإقراض.

ومما أسهم في ارتفاع الطلب على الدولار بالسوق السوداء أيضًا هو قيام مصنع حديد عز بفتح حساب بالدولار للتداول بالدولار داخل البنوك المحلية، ووقف البيع بالجنيه؛ حيث إنه لا يبيع أي طن بالجنيه، وذلك وفقًا لما أفاد به عضو مجلس النواب المصري سليمان وهدان.

وتواجه مصر ضغوطًا من نقص النقد الأجنبي على مدى عشرين شهرًا، مما أدى إلى انتعاش السوق السوداء، وذلك عقب خروج أموال ساخنة تقدر بـ 22 مليار دولار خلال شهر مارس من العام الماضي، وذلك بسبب اندلاع الحرب في أوكرانيا.

 

تقرير فيتش

تصنف وكالة "فيتش" تصنيف مصر الائتماني عند درجة "B" مع نظرة مستقبلية سلبية، وذلك بعد خفض التصنيف في شهر مايو الماضي. وتُعتبر هذه الدرجة هي السادسة من بين 11 درجة في التصنيف. ويُظهر هذا التصنيف وجود مخاطر واضحة للتخلف عن السداد، مع وجود هامش للأمان، إذ يتم تلبية الالتزامات المالية، لكن القدرة على السداد بشكل دائم قد تكون موضوع شك.

بيد أن تحول النظرة المستقبلية إلى سلبية في تقرير مايو الماضي يشير إلى أن هناك احتمالية لمزيد من التخفيضات في التصنيف في الأشهر القادمة نتيجة للتحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد، وهو الأمر الذي يرجح تخفيض تصنيف مصر في التقرير المقرر صدوره اليوم، خاصة بعد تخفيض التصنيف من قبل وكالتي موديز وستاندرد آند بورز.

شهدت السوق السوداء لتبادل الدولار والعملات الأجنبية في مصر نشاطًا هائلًا خلال شهر أكتوبر المنتهي منذ ثلاثة أيام، حيث يرجع هذا الزخم إلى عدة عوامل كان منها تخفيض تصنيف مصر الائتماني من قبل وكالتالي موديز وستاندرد آند بورز. وهو الأمر الذي نتج عنه الحركة التي تشهدها السوق السوداء خلال الساعات القليلة الماضية.

بلغ سعر الدولار في السوق السوداء مطلع شهر أكتوبر حوالي 38 جنيهًا للدولار الواحد، وهو السعر الذي استقر عنده الدولار وجرى تداوله خلال الأشهر الماضية. وبتتبع الحركة السعرية للعملة الأمريكية نجد أن التحرك بدأ مطلع شهر أكتوبر الماضي، خاصة بعد تخفيض التصنيف الائتماني لمصر من قبل وكالة موديز، والذي صدر يوم السـادس من أكتوبر، وهو الأمر الذي يشير إلى مدى تأثر السوق السوداء للدولار بالتصنيف الائتماني.

بعد صدور قرار موديز تحرك السعر وتجاوز حاجز الـ 40 جنيهًا للدولار ليبلغ مستوى 41 يوم الثامن من أكتوبر.

واصل الدولار تحركاته حول المستويات السابق ذكرها حتى قرار البنك المركزي بشأن تقييد استخدام بطاقات الخصم المباشر الصادرة بالعملة المحلية للاستخدام داخل حدود مصر فقط. وأيضًا قراره بشأن توجيه البنوك العاملة في البلاد بوضع حد أقصى شهري لاستخدام البطاقات الائتمانية وفقًا لما يقرره كل بنك، بحسب بيان من البنك المركزي. وهما القراران اللذان تسببا في ارتفاع قياسي لسعر الدولار بالسوق السوداء.

بيد أن تحركات الدولار لم تتوقف عند هذا الحد، إذ واصل ارتفاعاته متأثرًا بقرار وكالة ستاندرد آند بورز بتخفيض التصنيف الائتماني لمصر أيضًا، والذي صدر في 21 من أكتوبر الماضي. حيث تجاوز الدولار حاجز الـ 45 أمام الجنيه وظل يتحرك فوق هذا المستوى منذ ذلك الحين متأثرًا بالأحداث السابق ذكرها.

 

السوق السوداء للدولار

ظل سعر الصرف الرسمي ثابتًا عند حوالي 30.90 جنيهًا للدولار، بينما يتم تداول الدولار بالسوق السوداء حول مستوى 46 للشراء و48 جنيهًا للدولار للبيع، وفقًا لـ"إنفستنج".

واتسعت الفجوة السعرية للدولار بنحو 16 جنيها بين السعر المتداول في البنوك والسوق السوداء حيث سجل متوسط السعر بالقطاع المصرفي 30.94 جنيه بنهاية تعاملات أمس الخميس.

وكان الدولار تكبد خسائر في السوق السوداء مع نهاية الأسبوع الماضي لينخفض من مستوى 49 جنيهًا إلى 42 و44 جنيهًا السبت الماضي، بعد إلغاء المركزي قيود فتح بطاقات الائتمان (كريدت كارد خارج مصر) وذلك قبل أن يتجاوز سعره 47 جنيهًا أمس الخميس، وفقًا لـ"مصراوي".

ورجح أحد المراقبين تحرك الدولار في السوق السوداء تزامنًا مع اجتماع البنك المركزي أمس الخميس لحسم الفائدة واحتمالات العودة إلى خفض الجنيه مقابل الدولار مجددًا كما حدث خلال الـ 3 موجات الماضية.

وقرر البنك المركزي تثبيت سعر الفائدة للمرة الثانية على التوالي والخامسة خلال 2023 في اجتماعه أمس ليظل عند مستوى 19.25% للإيداع و20.25% للإقراض.

وبشكل عام، يتراجع الدولار، والعملات الأجنبية، في السوق السوداء كلما كانت هناك أنباء مطمئنة حول وضع الاقتصاد، أو صدور توقعات من مؤسسات وبنوك دولية إيجابية بشأن مستقبل الجنيه، حيث يرتفع العرض ويقل الطلب في هذه الحالة. والعكس صحيح، يرتفع سعر الدولار والعملات الأجنبية ويزداد الطلب كلما كانت الأنباء سلبية وغير مطمئنة بشأن الاقتصاد ومستقبل الجنيه.

 

قفزة في أسعار السلع المستوردة

ويتوقع المحللون انعكاس هذه الزيادة الكبيرة في السوق الموازية على تسعير المنتجات في الأسواق المحلية، خاصة التي تتضمن مكونات مستوردة أو كاملة الصنع، خاصة وأن البنك المركزي وضع أولويات لتدبير العملة تتضمن السلع الإستراتيجية ومستلزمات الإنتاج.

وفي هذا السياق، قال عضو مجلس اتحاد الصناعات المصرية، كمال الدسوقي، إن ارتفاعات دولار السوق السوداء في مصر غير مبررة ولكنها مرتكزة على تبعات الصراع في الشرق الأوسط وحالة الترقب لقرارات النبك المركزي، وفقًا لـ"العربية".

وأضاف الدسوقي، أن أسعار السلع الإستراتيجية ثابتة بدون تغيير لأن البنوك والبنك المركزي يتولون تدبير العملة لها بشكل اعتيادي، وإنما الأزمة تتثمل في أسعار السلع غير الإستراتيجية أو بعض مستلزمات الإنتاج مثل مواد البناء والسيارات والصناعات الإلكترونية، وهذه ترتبط أسعارها بسعر الدولار في السوق السوداء والتي شهدت ارتفاعات كبيرة بمتوسط 45 - 46 جنيهًا للدولار حاليًا.