فوجىء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارته إلى مركز عسكري في مستوطنات غلاف غزة، بأحد الضباط يسبه ويصفه بالكاذب، الأمر الذي دفعه لإلغاء كلمة كان مقررا أن يلقيها على الجنود والضباط.

وأكثر من ذلك، يكشف مراسل قناة 12 الإسرائيلية -الذي نقل الخبر- أن جنودًا في الاحتياط يرفضون زيارة نتنياهو الذي "أتى إليهم تحضيرًا لاجتياح بري محتمل لقطاع غزة"، وفقًا لموقع "الجزيرة.نت".

هذه الحادثة قد تكون منفصلة أو فردية، ولكن إذا أسقطت على مسار الأحداث وسيل المطالبات بإقالة نتنياهو وتراجع شعبيته، قد تقرأ بأن هناك تصدعا بالجبهة الداخلية وسط حديث وسائل إعلام عبرية عن عمليات تمرد بعدد من ألوية الجيش وخاصة مع تصاعد الحديث عن اجتياح بري (شاهد من هنا).

https://www.instagram.com/reel/CybyiGJrpmT/?utm_source=ig_embed&ig_rid=8cf7a4cb-0562-4cac-89d0-100450ec6bc6

 

ذعر عسكري

وتكشف فيديوهات وأخبار قادمة من كيان الاحتلال عن حالات ذعر وخوف بصفوف الجيش في كل مرة تطلق الصواريخ على الأراضي المحتلة، بينما تكشف وسائل إعلام إسرائيلية عن قتل أو إطلاق النار على إسرائيليين بالخطأ معتقدين أنهم فلسطينيون أو مقاومون.

فمثلا، تقول وسائل الإعلام الإسرائيلية إن الجيش قتل مستوطنًا بالخطأ في مستوطنة “أوفاكيم” بغلاف غزة بعد أن اعتقدوا أنه مقاوم.

وأيضًا، قتل عامل بشركة الكهرباء وحارس أمن برصاص الجيش بالخطأ في غلاف غزة، وكل هذا يدل إما على إرباك شديد وصدمة لم يخرج منهما أو أن انهيار المعنويات وتصدع الجبهة الداخلية يتدحرجان بصمت.

 

تباين المواقف

وما يحدث داخليا بصمت، في إسرائيل، امتد إلى الخارج بشكل علني، ويؤشر إلى تباين المواقف الغربية لما يحدث من جرائم إسرائيلية على قطاع غزة، يشاهدها العالم بشكل مباشر.

وذهب الرئيس الكرواتي زوران ميلانوفيتش إلى وصف رفع العلم الإسرائيلي على مبنى خارجية بلاده بأنه “حركة غبية” وقال إن التعاطف المفقود مع إسرائيل تلاشى بسبب الإجراءات في غزة.

وقال ميلانوفيتش “مع كل تعاطفي مع إسرائيل، الذي خسروه للأسف في غضون 15 دقيقة لا يوجد مكان لأعلام أخرى في كرواتيا.. أدنت جرائم القتل بل وأعربت عن اشمئزازي ومقتي، لكن حق الدفاع لا يشمل الانتقام وقتل المدنيين”، وفقًا لـ"المركز الفلسطيني للإعلام".

بينما، نشر حساب الخارجية الإسبانية الرسمي على منصة “إكس” منشورًا مفاده أن “الحكومة ترفض بشكل قاطع سيل المغالطات الوارد في بيان السفارة الإسرائيلية حول بعض أعضائها، ولا تقبل هذه التلميحات الموجهة إليهم والتي لا أساس لها”.

والقصة تعود إلى رئيسة حزب أونيداس بوديموس اليساري، إيوني بيلارا، وهي وزيرة التضامن الاجتماعي بالإنابة بالحكومة برئاسة بيدرو سانشيز، والتي اعتبرت أن إسرائيل تنفذ “إبادة جماعية مخططة” بقطاع غزة من خلال ترك مئات آلاف السكان بدون ماء وكهرباء والمطالبة بإجلائهم دون أي ضمانات أمنية.

كما دعت الوزير الإسبانية الشعوب إلى “النزول إلى الشوارع والتظاهر ضد الهجوم العسكري الإسرائيلي”.

 

الإعلام الغربي يفقد مهنيته

وبدأت بعض وسائل الإعلام الغربية بالتراجع نسبيا عن ما أوردته سابقًا من أخبار ومعلومات تتبنى فيها روايات الاحتلال الإسرائيلي، بعدما تبين للعالم كذب هذه الروايات، وحجم التضليل والخداع الإسرائيلي، الأمر الذي لم يترك مجالًا أمام هذه الوسائل سوى التراجع النسبي.

ونشرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية تقريرًا من غزة تتحدث فيه عن أن الجيش الإسرائيلي طلب من أهالي القطاع التوجه إلى جنوبه، ثم استهدفهم وارتكب المجازر بحقهم.

أما هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” فقد تراجعت عن وصف المتظاهرين المتضامنين مع فلسطين بـ”داعمي حماس” وسط انتقادات لسياستها الإعلامية.

وكانت “بي بي سي” في تغطيتها للمظاهرات التضامنية مع فلسطين، قالت إنها تتضمن أشخاصًا يدعمون حماس التي تصنّف في بريطانيا على أنها جماعة إرهابية.

وبعد أن كانت أغلب الصحف البريطانية والأمريكية تطالب بـ”سحق حماس” وتدمير “بنيتها العسكرية والأمنية” و”احتلال غزة وغزوها بريًا” بدأت تتواضع وتتراجع خطوة للوراء، وتقدم النصائح، وتعتبر أن “غزو غزة والتفكير على طريقة مرة واحدة وإلى الأبد خطأ لإسرائيل” كما نشرت صحيفة نيويورك تايمز.

 

مصداقية الرواية الفلسطينية

وفي مقال نشره صحيفة “يديعوت”، قالت أتيلا سومفالفي، إن “تأثير الدعاية الإسرائيلية تلاشى بسرعة، إما بسبب الغارات الإسرائيلية المكثّفة على غزة وصور الدمار الشديد التي انتشرت من هناك، إلى جانب صرخات اليأس لسكان القطاع، الذين يواجهون الأزمة الإنسانية، التي ولدت بسرعة بسبب قرار إسرائيل بقطع الكهرباء والماء.

واستدركت سومفالفي “أو بسبب قصر الذاكرة البشرية، حيث كشفت الدراسات الاستقصائية التي أجريت في الولايات المتحدة وعلى حسابات إكس، على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تضم عشرات الملايين من المتابعين، أن الرواية الفلسطينية سيطرت بسرعة واكتسبت تعاطفًا أكبر من الجمهور”.

ولم تشر الصحافة الصهيونية إلى العامل الأبرز في هذه السيطرة، وهو المصداقية التي تحلت بها المقاومة وإعلامها، وكشف حجم التضليل والتزوير والكذب الذي تمارسه إسرائيل على الرأي العام العالمي.

وكشف موقع إخباري أمريكي حقيقة الأكذوبة التي أطلقتها وزارة الخارجية الإسرائيلية حينما ادعت أن عناصر المقاومة الفلسطينية قتلوا أطفالًا خلال اقتحامهم إحدى المستوطنات داخل إسرائيل في إطار العملية العسكرية التي بدأت السبت الماضي.

وذكر الموقع الإخباري “ذا غراي زون” أن بايدن كرر الرواية الإسرائيلية في خطاب ألقاه في حديقة الورود بالبيت الأبيض الثلاثاء الماضي، في حين تناولت الشبكات الإعلامية الرواية من دون أن تكلف نفسها أدنى قدر من “التمحيص”.

 

غضب داخلي على نتنياهو

ويرى الكاتب الصحفي فراس الصرفندي أن “في داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي من يلوم نتنياهو والمؤسسة العسكرية والامنية بشكل واضح على الفشل الأمني والاستخباراتي”.

وأضاف الصرفندي أن “كل هذا جعل الشارع الإسرائيلي يوجه نداءات غاضبة لنتنياهو، لأنه هو من يقود الحكومة”.

ولفت إلى أن “الانتقادات الموجهة لنتنياهو هي التراخي، وانشغاله للحفاظ على نفسه في سدة الحكم، وان المشهد الحالي نتاج للصراع الداخلي في الكيان حول التعديلات القضائية، أو ما تسميه المعارضة بالانقلاب القضائي”.