د. خالد حمدي

ومن قال إن الخندق خندق واحدة؟ وأن الفتح فتح واحد؟
 ومن قال إن خُوار أبي جهل تحت قدم ابن مسعود لن يتكرر وإن هدم أصنام البشر كما هدمت أصنام الحجر لن يتكرر؟
ومن قال إن الزمن سيتوقف عند كيِّ خباب بالنار، ومطاردة جعفر ورفاقه، وحبس مصعب وعياش بن أبي ربيعة في محابس قومهم؟!
ومن قال إن المحرومين من مكة وكل مكة طوال سنوات طوال لن يعودوا إليها فاتحين مكبرين كما كانوا يملؤون أرجاءها تكبيرا وتهليلا؟!
لو كانت الأحداث مرة واحدة ما طالت القصة ولا تمدد الصراع!!
ولو كان انتشاء الباطل دوما…فما بقاء القرآن والإيمان إلى يوم البعث؟!
إنما هو صراع أبدي قائم حتى يُزين كلَّ زمان صهيبُه وعمّارُه وسُميَّته!!
أبى الله ألا يحرم من كل زمان أصحابه من أهل الدرجات العلا حتى يؤنس أصحابَ محمد آخرون من أهل الأزمنة الأخرى!!
سيقول لك مثبط:
كفى تخديلا وتسكينا!!
فقل له:
سامحك الله..وهل كان النبي عند الكعبة يسكن خبابا، أو يوم الخندق يضحك على أصحابه بالبشريات؟!
سيقول لك آخر:
توظيف للنصوص في غير مكانها وزمانها!!
فقل له:
وهل الصامدون في تخوم فلسطين، والثابتون في غياهب سجون مصر، والمرابطون في أكناف بيت المقدس، والقابضون على الجمر في اليمن وسوريا وأفغانستان إلا عاملون مجاهدون ثابتون رغم تنكر الأرض لهم؟!!
أفترى الله عز وجل ينصر بلالاً الأول، ويخذل بلالاً الثاني، ويؤيد الزبير الأول ويخذل الآخر على ضعف من الآخر وقلة من نصرائه؟!
يا بني قومنا..لا تسرفوا في جلد أنفسكم... فكل ما في الأمر أن الله لم يشأ لدينه أن يضيعه خونة الأرض، فهيج أعداءه ليوقظوا الإيمان في قلوب أوليائه، ثم يأذن بالنصر والفتح المبين..
هذا كل ما في الأمر... ولله سبحانه مبتدأ ومختتم الأمر..
فثقوا به واستمروا، فصوت تكبيرات النصر تملأ الآفاق لكن الآذان أصمها صوت الميئسين!!