أصبحت الانقلابات العسكرية منذ خمسينيات القرن الماضي في بلدان القارة الإفريقية حدثًا شائعًا وجزءًا من الحياة السياسية، ولكن وتيرتها ارتفعت كثيرًا خلال السنوات الأخيرة.

وتعد الانقلابات العسكرية والاستيلاء القسري على السلطة في الدول الإفريقية من أهم تركات القوات الاستعمارية الغربية التي أنهكت تلك البلدان واستنزفتها طيلة عقود.

كان آخر هذه الانقلابات هو انقلاب ضباط الجيش في الجابون، خلال ليل الأربعاء، واستيلائهم على السلطة.

 

الانقلابات العسكرية خلال 3 أعوام

خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة عدة انقلابات عسكرية، وفقًا لـ"سكاي نيوز"؛ وهي:

1 - استولى العسكر بقيادة غوتا على السلطة في مالي في مايو 2021.

2 - وبعدها بخمسة أشهر وقع انقلاب في السودان.

3 - تلاه انقلاب آخر في غينيا كوناكري في سبتمبر 2021 بقيادة العقيد مامادي دومبويا.

4 - ثم انقلاب آخر في الأسبوع الأخير من يناير 2022 في بوركينا فاسو بقيادة العقيد بول هنري زامبيا.

5 - وتلاه انقلاب في غينيا بيساو.

6 - تلاه انقلاب النيجر في 26 يوليو 2023.

7 – انقلاب الجابون في 30 أغسطس 2023.

 

زيادة الانقلابات بوتيرة سريعة

يؤكد الخبير في الأمن الإفريقي، اللواء، محمد عبد الواحد، على أن "الانقلابات في إفريقيا زادت بوتيرة كبيرة وسريعة، فنحن رأينا حوالي عشر محاولات انقلاب ما بين فاشل وناجح خلال السنوات الثلاث الماضية، وهو ما يهدم التقدم الهش الذي تحقق".

وأوضح في حديثه مع موقع "الحرة" أن الانقلاب هو محاولة غير قانونية من قبل قادة في الجيش أو المسؤولين لعزل قادة البلد من مناصبهم.

قبل محاولة الانقلاب الجارية في الجابون، كان أحدث انقلاب قد وقع في النيجر شهر يوليو الماضي، كما استولى ضباط من الجيش على السلطة في مالي وغينيا وبوركينا فاسو وتشاد مبددين بذلك جميع المكاسب الديمقراطية التي تحققت منذ حقبة التسعينيات.

ويقول عبد الواحد: "ما يجمع هذه الدول، هو الهشاشة الكبيرة من حيث مؤسساتها الضعيفة، ومؤشراتها السياسية المتدنية مثل حقوق الإنسان، كما أن سيادة الدولة غير مكتملة وغير مسيطرة على كافة المناطق، فضلًا عن أن معظمها دول تعاني من فقر مدقع وظروف اجتماعية سيئة وبطالة وضغوط ديموغرافية، كما أن أزمات المناخ زادت من الفقر".

 

انقلاب الجابون

ومن آخر هذه الانقلابات إعلان مجموعة من كبار ضباط الجيش في الجابون على شاشة التلفزيون الرسمي، خلال ليل الأربعاء الاستيلاء على السلطة وإلغاء نتائج الانتخابات بعد دقائق فحسب من إعلان فوز الرئيس علي بونجو (64 عامًا) بفترة رئاسية ثالثة.

وإذا نجح هذا التحرك فسيكون ثامن انقلاب منذ 2020 تشهده منطقة غرب ووسط إفريقيا، وهي منطقة قطعت شوطًا خلال العقد الماضي للتخلص من سمعتها "كحزام للانقلابات".

 

انقلاب النيجر

وفي النيجر، احتجز أفراد من الحرس الرئاسي، في يوليو الماضي، الرئيس محمد بازوم في قصره، وظهروا على شاشة التلفزيون الرسمي وقالوا إنهم استولوا على السلطة لإنهاء "الوضع الأمني المتدهور وسوء الحوكمة".

وبعدها بأيام أعلن المجلس العسكري قائد قوات الحرس الرئاسي عبد الرحمن تشياني رئيسًا جديدًا للبلاد، مما أثار مخاوف بخصوص الأمن في منطقة تعتبر النيجر فيها حليفًا رئيسًا للقوى الغربية التي تسعى للسيطرة على تمرد جماعات مرتبطة بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية.

وتحاول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) التفاوض مع قادة الانقلاب العسكري، لكنها قالت إنها مستعدة لإرسال قوات إلى النيجر لاستعادة النظام الدستوري إذا أخفقت الجهود الدبلوماسية.

وسمح انقلابيو النيجر للقوات المسلحة لمالي وبوركينا فاسو بالتدخل إذا تعرضت أراضيها لهجوم.

 

انقلاب بوركينا فاسو

أما في بوركينا فاسو، فقد أطاح الجيش بالرئيس روك كابوري، في يناير 2022، واتهمه بالإخفاق في التصدي لعنف متشددين إسلاميين.

وتعهد قائد الانقلاب اللفتنانت كولونيل بول هنري داميبا باستعادة الأمن، لكن الهجمات تزايدت وأثرت سلبًا على معنويات القوات المسلحة مما أدى إلى انقلاب ثان، في سبتمبر 2022 واستولى قائد المجلس العسكري الحالي الكابتن إبراهيم تراوري على السلطة.

 

انقلاب غينيا

وفي سبتمبر 2021 أطاح قائد القوات الخاصة في غينيا، الكولونيل، مامادي دومبويا بالرئيس ألفا كوندي. وقبلها بعام عدل كوندي الدستور لتغيير القواعد التي تمنعه من الترشح لفترة ثالثة، الأمر الذي أدى لأعمال شغب واسعة النطاق.

وأصبح دومبويا رئيسًا مؤقتا وتعهد بإجراء انتخابات ديمقراطية في غضون ثلاثة أعوام.

ورفضت إيكواس الجدول الزمني وفرضت عقوبات على أعضاء المجلس العسكري وأقاربهم شملت تجميد حساباتهم المصرفية.

وفي وقت لاحق اقترح النظام العسكري بدء الفترة الانتقالية ومدتها 24 شهرًا في يناير 2023، لكن أحزاب المعارضة تقول إنه لم يفعل شيئًا يذكر لوضع خارطة طريق للعودة إلى النظام الدستوري.

 

انقلاب تشاد

أما في تشاد، فقد استولى الجيش على السلطة، في إبريل 2021، بعد مقتل الرئيس إدريس ديبي في أرض المعركة أثناء تفقد قوات تحارب المتمردين في الشمال.

وينص القانون في تشاد على أن يتولى رئيس البرلمان منصب الرئاسة في هذه الحالة لكن مجلسًا عسكريًا تدخل وحل البرلمان بدعوى توفير الاستقرار.

واختير الجنرال محمد إدريس نجل الرئيس ديبي رئيسا مؤقتا وأسندت إليه مهمة الإشراف على فترة انتقالية مدتها 18 شهرًا تمهيدًا لإجراء انتخابات.

وفجّر الانتقال غير الدستوري للسلطة أعمال شغب في العاصمة نجامينا أخمدها الجيش.

 

انقلاب مالي

وفي مالي، أطاحت مجموعة من القادة العسكريين بزعامة أسيمي جويتا في أغسطس 2020، بالرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا. وجاء الانقلاب بعد احتجاجات مناهضة للحكومة بسبب تردي الأوضاع الأمنية وانتخابات تشريعية متنازع عليها ومزاعم بالفساد.

وفي ظل ضغط من جيران مالي الواقعة في غرب إفريقيا وافق المجلس العسكري على التنازل عن السلطة لحكومة مؤقتة بقيادة مدنية مكلفة بالإشراف على فترة انتقالية مدتها 18 شهرًا تمهيدًا لانتخابات ديمقراطية تجرى في فبراير شباط 2022.

لكن قادة الانقلاب اختلفوا مع الرئيس المؤقت الجنرال المتقاعد باه نداو ورتبوا انقلابًا ثانيًا في مايو 2021. وصعد جويتا الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس المؤقت إلى سدة الحكم.

ورفعت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) بعض العقوبات المفروضة على مالي بعد أن اقترح الحكام العسكريون فترة انتقالية لعامين ونشروا قانونًا جديدًا للانتخابات. ومن المقرر أن تشهد البلاد انتخابات رئاسية في فبراير 2024 للعودة إلى الحكم الدستوري.

 

ما أهم أسباب الانقلابات في إفريقيا؟

عزا خبراء في الشأن الأفريقي تكرار ظاهرة الانقلابات في القارة الإفريقية إلى:

- ضعف اقتصادات القارة.

- البيئة الأمنية المضطربة.

- عدم احترام المواثيق الديمقراطية.

- لجوء العديد من الحكام المدنيين لتمديد فترات حكمهم.

 

أين وقعت أكثر الانقلابات في إفريقيا؟

تعد بوركينا فاسو من البلدان التي شهدت أكبر سلسلة من الانقلابات العسكرية بلغ في مجملها 10 محاولات كان آخرها في يناير.

شهدت أوغندا منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1962 أكثر من 6 انقلابات عسكرية.

خبر السودان منذ استقلاله عن بريطانيا عام 1956 نحو 20 محاولة نجحت منها 5 محاولات.

وفي الجانب الآخر شهدت منطقة جنوب إفريقيا عددًا أقل من انقلابات شرق وغرب القارة السمراء، وعزا محللون ذلك إلى المؤسسات القوية في تلك الدول والتزامها بالحكم الديمقراطي، إذ شهدت دولة ليسوتو حتى الآن انقلابين اثنين، وزيمبابوي انقلابًا واحدًا نفذه الجيش على روبرت موغابي في نوفمبر 2017.