آثار انضمام 6 دول جديدة إلى مجموعة "بريكس"، التساؤلات حول تأثير "التحالف غير المتجانس سياسيًا" على المردود الاقتصادي المرجو، والمنافع المتبادلة من الانضمام للمجموعة.

والخميس، أعلن قادة التكتل الاقتصادي "بريكس" انضمام ست دول جديدة بينها ثلاثة بلدان عربية وهي "السعودية والإمارات ومصر" وإيران وإثيوبيا والأرجنتين، إلى المجموعة المؤلفة من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، وذلك اعتبارًا من يناير 2024.

واعتبر خبراء اقتصاديون أن الإعلان سيحول مصر إلى سوق كبير للمنتجات الصينية، بينما ثارت بالمقابل تساؤلات حول مدى تأثيره على علاقات الدول التي انضمت حديثًا ومنها مصر، على علاقاتها الإستراتيجية مع الدول الغربية، خصوصًا الولايات المتحدة. يأتي ذلك في ظل وجود روسيا والصين في "بريكس"، والصراع الدائر حاليًا بين المعسكرين الشرقي والغربي، سواء في أوكرانيا والقرم أو في تايوان.

 

مصر تتحول إلى سوق للمنتجات الصينية

يقول الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى شاهين، انهالت عليّ التليفونات من الصباح وكل الإخوة يهنئونني بدخول مصر إلى البريكس، وأنه لم يعد لديك أي حجة حتى تعيش في أمريكا، واتصل بي أستاذ بكلية الطب يرحب بالخطوة الرائعة التي ستقتل الدولار وتدفنه في مقابر الصدقة في مصر، وبشرني بأن الدولار سينخفض في السوق وأن أي مواطن ادّخر الدولار سيشربه، مؤكدًا أن عهد الدولار قد انتهى إلى الأبد.

ويوضح الدكتور شاهين، على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": أن فرحة الانضمام إلى البريكس مثل فرحة الصعود إلى كأس العالم، نفرح قليلًا ثم ننسى أي شيء في مصر.

ويواصل أن البعض اعتقد أن كل مواطن مغترب عندما يعود إلى البلد سيكون له سيارة صناعة مصرية، وعليك بالمبادرة بالحجز واختيار لون سيارتك لأن الألوان محدودة وبأسبقية الحجز!

فقلت لصديقي، والكلام للخبير الاقتصادي، إن مصر ستستفيد من المقايضة مع الدول المشتركة؛ فنحن بفضل الله نشترى منهم أكثر مما نبيع، وكل الفكرة أن الحكومة تريد أن تستند على من تقترض منه ليس أكثر.

وتابع في برنامج "آخر كلام" على قناة "مكملين" الذي يقدمه الإعلامي أسامة جاويش، إن النظام العالمي سواء الصين أو أمريكا لا تريد منافسًا، ولكنها تريد مساندًا لها في النظام؛ فالصين لها رغبتها في السيطرة على أسواقنا وليس الشراء منا.

ويضرب شاهين مثالًا ليقرب الصورة إلى الأفهام، فيقول: إذا أرادت مصر شراء سيارات من الصين، فكيف ستدفع مصر اليوان الصيني؟ فإما يكون عندي فائض بالدولار وأحوله إلى اليوان الصيني، أو تشتري الصين بضائع مثل المنسوجات أو الأقطان في مقابل ما ستصدره لمصر.

ومن جهة أخرى فحينما تجمع في البريكس مصر وإثيوبيا والأرجنتين، فالأرجنتين هي أكبر دولة مدينة لصندوق النقد الدولي، ومصر هي ثاني أكبر دولة مدينة لصندوق النقد الدولي، وهذا ما يجعلها دولًا مرشحة وبقوة لتسويق المنتجات الصينية.

فالصين تريد سوقًا ضخمًا لنفسها، وتريد أن تحتل مكان الولايات المتحدة في التجارة والاقتصاد، ولذا لم يتم إدخال دول مثل فرنسا أو إنجلترا مثلا إلى البريكس لأنها ببساطة دول منافسة بقوة للصين.

ويوجه شاهين حديثه إلى المستبشرين بشدة من انضمام مصر إلى مجموعة البريكس، فيقول: "المعادلة بسيطة إذا كان إنتاجك أقل من استهلاكك فأنت سوق للغير، وستصبح مدينًا، ومن الآخر ستصبح غريقًا في بحور الصين بدلًا من محيطات أمريكا.

ويؤكد أن عرش الدولار لن ينتهي بسهولة ولن تعطينا الصين إنتاجها مقابل صادراتنا المحدودة.

 

مصر مهمة للولايات المتحدة وروسيا

من جهته لا يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عصام عبد الشافي، أن انضمام مصر إلى بريكس سيؤثر مرحليًا على علاقتها مع الولايات المتحدة، خصوصًا من الناحية العسكرية. ويعود السبب بحسب عبد الشافي "لأن أمريكا تتعامل مع الجيش المصري، على أنه أحد أهم شركائها الإستراتيجيين في الشرق الأوسط، وتراهن عليه، وتتعاطى معه باعتباره من أهم أدواتها لتنفيذ مصالحها الإستراتيجية في الشرق الأوسط".

وأضاف عبد الشافي، في تصريحات لـ"العربي الجديد": "لا أعتقد أيضًا أن الولايات المتحدة تفرّط في مصر، ولا تخرجها من دائرتها، لأن مصر لا تقف عند مكانة جيشها في المعادلة الإستراتيجية، وإنما هناك تحكّم مصر بممر قناة السويس، والبعد الإستراتيجي بين مصر والاحتلال الإسرائيلي".

وأشار في هذا السياق إلى أنه "يمكن لأمريكا أن تتجه لاستخدام أوراق ضغط في المشهد المصري لمنعها من التقرب من روسيا والصين".

واعتبر عبد الشافي أن دخول مصر في التكتل لا يمكن أن يكون مقياسًا نظرًا لوضعها الاقتصادي السيئ، وباعتبار أنها لا تقدم شيئًا، بحسب تعبيره.

لكنه قال إن "الأمر له أبعاد أخرى، منها تأثير روسيا والصين، وحرصهما على جذب الكثير من القوى الإقليمية في الشرق الأوسط، بعيدًا عن الولايات المتحدة بالإضافة إلى البعد الإستراتيجي في ظل الصراع على قمة هرم النظام الدولي بين روسيا والصين وأمريكا، وحرص روسيا والصين على أن تكون مصر والسعودية والإمارات -على الأقل ما لم تكن إلى جانب روسيا في مواجهتها مع أمريكا- على الحياد في هذا الصراع".