ذكر موقع "ميدل إيست آي" إلى أنه بدون حل في الأفق للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فإن الشباب يعملون على صقل استراتيجياتهم لحماية أنفسهم.
وقال الموقع في تحليل كتبه الأستاذ المساعد في العلاقات الدولية في جامعة بيرزت وعضو المجلس المركزي الفلسطيني "أحمد جميل عازم": "في أعقاب الهجوم الإسرائيلي واسع النطاق على جنين الشهر الماضي، يبدو أن الرد الفلسطيني هذه المرة كان مختلفًا عن المعتاد".
وتابع "عازم": عند وصولي إلى فلسطين بعد الهجوم، استغرق الأمر عدة أيام للترتيب لزيارة إلى المخيم. في هذه الأثناء التقيت بأقارب وأصدقاء، واكتشفت شيئاً مذهلاً: بناتهم وأبناؤهم يعرفون تفاصيل شهداء نابلس وجنين، الشباب الذين قتلوا في المواجهات الأخيرة مع الجيش الإسرائيلي والمستوطنين".
وأضاف: "وفي منتصف شهر يوليو، أخذني أحد الأصدقاء بالسيارة إلى مخيم جنين، وفي الطريق رتبنا للقاء ناشط محلي بارز كان في انتظارنا عند وصولنا. وعرّفنا مضيفنا على مجموعة من الأشخاص يقفون بالقرب من مركز الشباب في المجتمع المحلي، وقد أذهلتني ابتسامات النصر التي ارتسمت على وجوههم. وكنت حريصًا على أن أثير معهم فكرة "قواعد الاشتباك" الجديدة في الصراع الدائر مع إسرائيل".
كان عدد الضحايا في هجوم جنين الأخير صغيرًا نسبيًا، حيث قُتل 12 شخصًا، من بينهم العديد من المراهقين. وقال والد الشاب المصاب، إن ابنه جاء إلى جنين لمساعدة الناس، وتظهر لقطات فيديو أن الشاب البالغ من العمر 22 عامًا كان أعزلًا عندما أصيب بنيران إسرائيلية.
وفي الوقت نفسه، يقول مقاتلو المقاومة الشباب في المخيم إن الجيل الأكبر سناً، بما في ذلك الرجال الذين قاتلوا خلال الانتفاضة الثانية، قد تلقنوا دروساً: يجب ألا تجعل من نفسك هدفاً سهلاً. نحن بحاجة إليك على قيد الحياة.
وأوضح بعض الرجال الذين تحدث "عازم" معهم كيف تحولوا إلى "إعادة الانتشار التكتيكي" - وهي استراتيجية تنطوي على الالتزام بمبادئ الحرب غير المتكافئة، باستخدام مجموعات صغيرة ومواجهات سريعة، بدلا من معارك عسكرية واسعة النطاق.

وتساءل "عازم": لماذا يتم حمل السلاح في منطقة مكتظة بالسكان؟  وأجاب شاب تظهر عليه آثار إصابات حول عينيه بكل صراحة: "إذا كانت لدينا مكاسب سياسية فسنلقي السلاح".
وأضاف: "ليس لدينا مكاسب سياسية. المستوطنون يهاجموننا في كل مكان، وعلينا أن نحمي أنفسنا".
وأكد المقاومون الشباب أنهم لا يعتزمون مواجهة أي أحد سوى قوات الاحتلال الإسرائيلي. وكان هدفهم هو تجنب مواجهة السلطة الفلسطينية، ولكن إذا لم تتمكن السلطة الفلسطينية من وقف الهجمات الإسرائيلية، فيجب على شخص ما أن يتدخل، على حد قولهم.
ويقول السكان إن مخيم جنين بالأخص يقع في موقع معرض للخطر، أسفل تلة عالية حيث يمكن للقناصة الإسرائيليين استهدافهم بسهولة. 
ويرى "عازم" أن هذه الهشاشة تضيف بعدًا آخر إلى "البراجماتية" التي تتطور داخل المعسكر، مع عدم وجود رؤية لحركة تحرير وطني أوسع. ويبذل الناس ما في وسعهم للدفاع عن أنفسهم والمقاومة. وكما قال أحد السكان: "لا نموت بصمت".
وفي ظل هذه الخلفية، فإن إحدى السمات الرئيسية للمعسكر هي الوحدة التي تطورت، سواء بين الفصائل السياسية أو بين الأجيال. ويروي كبار السن تاريخ المخيم، ويقدمون الدعم المعنوي، ويضمنون تلبية الاحتياجات اليومية للعائلات. فبعد جيل من الزمن، يؤكد الأشخاص في الأربعينيات والخمسينيات من العمر على دروس الانتفاضة الثانية، بينما يتدخلون في أي نزاعات قد تنشأ.
أما شباب العشرينات والثلاثينات هم جيل المقاومة الجديد. ويقدر السكان أن هناك بضع مئات فقط من المقاتلين المسلحين من بين أكثر من 15 ألف شخص في المخيم، بينما يعمل شباب آخرون في بناء هياكل الدفاع المدني وتحصينات المخيم.
وختم "عازم": "عندما غادرت المعسكر، أدركت أن مصطلح "الاستسلام" لم يكن موجودًا في القاموس هناك. وفي المستقبل، فإن الافتقار إلى عملية السلام، إلى جانب اليأس الواسع الانتشار والاحتلال المتزايد العميق، سيستمر في إثارة أنواع جديدة من المقاومة".