نشرت صحيفة الجارديان مقالا تحليليا كتبه بيتر بومنت حول الحادث بعنوان "ما هو مصير مجموعة فاجنر بعد مقتل يفجيني بريجوجين ؟".

يقول الكاتب إنه في أعقاب "المسيرة التي قام بها بريغوجين إلى موسكو" قبل شهرين، توقع رئيس وكالة الاستخبارات المركزية وليام بيرنز، في منتدى أسبن للأمن في يوليو، أن يأخذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتن وقته في الانتقام.

ويضيف أنه في حين أن تفاصيل ما حدث بالضبط لا تزال غامضة في أعقاب وفاة زعيم المرتزقة في حادث تحطم طائرة، فإن الأمر الواضح هو أن فاغنر - منظمة المرتزقة التي بناها بريغوجين - جرى احتواؤها أولاً ثم قطع رأسها.

ويوضح بومنت أنه ومع تقليص دور فاجنر البارز في العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا بشكل كبير بالفعل في أعقاب مسيرة الانقلاب الفاشلة التي قام بها نحو موسكو، والتي أحرجت بوتين والكرملين، بدا – ولو للحظة واحدة فقط – أن بريجوجين كان يحاول استعادة بعض النفزذ الذي اكتسبه من خلال عمليته في أفريقيا بناء على طلب الكرملين.

كان بريجوجين يحلق فوق منطقة بالقرب من موسكو مع كبار قادة فاجنر الآخرين عندما سقطت طائرته الخاصة من السماء فوق روسيا – ووفقًا لبعض التقارير، من أسقطها الدفاعات الجوية الروسية، حسب الكاتب.

ولم يكن بريجوجين وحده من لقي حتفه في الحادث. كان معه ديمتري أوتكين، أحد أقرب حلفائه وشخصية رئيسية أخرى في فاغنر. ضابط سابق في المخابرات العسكرية الروسية، ومتورط أيضا في تنظيم قافلة الانقلاب الفاشل نحو مقر القيادة في موسكو.

تقول الصحيفة إن التقارير تشير إلى أن فاجنر، كما كانت في السابق، لم تعد موجودة. المئات من مقاتلي فاغنر الذين نُفوا إلى قواعد في بيلاروسيا غادروها، بينما انتقل آخرون للعمل في غرب أفريقيا. وانخفض عدد القوة هناك، من أكثر من 5000، بنحو الربع.

وفي روسيا، تضيف، أن عمليات المجموعة توقفت خلال الشهرين الماضيين، كما خرجت فاجنر من أوكرانيا بعد نشر مقاتليها كوقود للمدافع في معركة باخموت. وعلى الرغم من أن الأسماء، التي ذكرت على سبيل التخمين كبدائل محتملة لبريغوجين، فإن قدرة أي منهم على شغل مكانه، أمر غير مؤكد.

وينقل الكاتب عن نائب المارشال الجوي السابق في القوات الجوية الملكية البريطانية، شون بيل، والذي يعمل حاليا محللا عسكريا لشبكة سكاي نيوز، قوله في يونيو في أعقاب مسيرة فاجنر إلى موسكو، "من دون بريجوجين، فاجنر لا شيء". مضيفا "إذا كانت مجموعة فاجنر هي يفجيني بريجوجين، فمن الصعب جدا أن تنجو. إنها النهاية كما نعرفها".

"تصفية الخائن"

يفغيني بريغوجين
 
 

ونبقي في صحيفة الجارديان أيضا، ومقال آخر كتبه بيوتر سوير بعنوان "وفاة بريجوجين  ستترك أثرا دائما على الجيش الروسي والنخبة".

يقول الكاتب إنه منذ الانقلاب الفاشل لفاجنر على موسكو، كانت التكهنات تشير إلى أن يفجيني بريجوجيني يعيش في الوقت الضائع. الأمر الذي دفع الكثير للتساؤل كيف سيكون رد فعل الزعيم الروسي.

ويضيف أن التمرد، الذي أسقط طائرتين هليكوبتر على الأقل وقتل حوالي 15 من أفراد الخدمة الروسية، العديد منهم من الطيارين، ووصل إلى ضواحي موسكو، كشف عن هشاشة النظام الروسي الذي يعتبره الكثيرون مستقرا.

فالرئيس بوتين، بحسب المقال، لا يتعامل مع الخيانة بسهولة، ومن المعروف أنه يقسم معارضيه إلى فئتين: أعداء وخونة. ولا شك أن "انتفاضة" بريجوجين وضعته في الفئة الثانية.

لكن رد فعل بوتين الأولي على التمرد ترك كثيرين في حيرة من أمرهم، يمضي الكاتب، فعلى الرغم من وعده "بتصفية الخائن" في خطاب متلفز للأمة، سمح بوتين لبريجوجين بإبرام صفقة مع رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو ومغادرة روسيا إلى المنفى.

 

سلوك غريب من بوتين

وعلى نحو غير معتاد، بعد أسابيع من التمرد، قال الكرملين إن بوتين عقد اجتماعا لمدة ثلاث ساعات مع قادة مجموعتي بريجوجين وفاجنر بعد أيام من التمرد. كما اعترف بوتين بشكل لافت بأنه سعى خلال الاجتماع إلى استبدال بريجوجين كقائد لمقاتلي فاجنر في أوكرانيا وفشل في ذلك.

بعد أن غادر في البداية إلى بيلاروسيا، حيث أقامت قوات فاجنر معسكرًا ودربت قوات الأمن المحلية، شوهد بريجوجين يتحرك بحرية ذهابًا وإيابًا بين موسكو ومسقط رأسه سان بطرسبرج، وبحسب ما ورد كان يلتقط أكوامًا من النقود وسبائك الذهب التي كان يحتفظ بها في قصوره الفخمة.

كما شوهد على هامش قمة روسية أفريقية كبرى في سان بطرسبرج، حيث التقى بمسؤولين أفارقة في فندق يملكه.

ولم يتفاجأ أولئك الذين يعرفون بريجوجين، إذ اعتقدوا أن أمير الحرب في مرحلة ما ربما يدفع ثمن دخوله في السياسة الثورية. وفي محاولة لتفسير سلوك بوتين الخجول، قال المحللون إن الزعيم الروسي، الذي لم يواجه من قبل معارضة من الجناح القومي المتطرف، كان يتطلع إلى تهدئة حليفه السابق بدلا من تدميره.

لكن سلوك بريجوجين "الوقح" ترك الكثيرين في النخبة يتساءلون عما إذا كان بوتين لا يزال يسيطر على البلاد، وفقا لمسؤولين غربيين.

ومع تزايد التكهنات حول دور بوتين في الحادث، فإن مقتل أمير الحرب سيزيد بالتأكيد التوترات داخل الجيش الروسي. وبينما أدانت القوات المسلحة انتفاضته إلى حد كبير، فقد ظل شخصية شعبية بين بعض عناصر القوات الذين تعاطفوا مع انتقاداته للمؤسسة العسكرية الروسية والحرب المتعثرة.