ولد محمد مرسى في 20 أغسطس للعام 1951 في قرية العدوة بمحافظة الشرقية ونشأ رحمه الله على حب معلميه وأساتذته منذ الكتاب وفي مستويات التعليم المختلفة فأتم في قريته حفظ كتاب الله تعالى وهو في سن صغيرة وسط عائلة مصرية بسيطة وكان بفضله أول رئيس يحفظه كاملا عن ظهر قلب، فضل عن كونه أول رئيس مدني منتخب.
تتبعه لآيات الله أذهلت محبيه وحببتهم في إتمام حفظ القرآن الكريم؛ فالآيات القرآنية التي يستحضرها الرجل في خطاباته وحتى في كلامه العادي كان كمن يجري القرآن على لسانه سهلا كالماء في النهر.
والده رحمه الله كان يعمل فلاحا ووالدته ربة منزل. ود. محمد مرسي الذي حصل على بكالورويس الهندسة من جامعة القاهرة في 1975 هو أكبر إخوته وله ثلاثة إخوة وأخت كانت تلازم أبناءه الخمسة وزوجته في حضور جلسات محاكماته الهزلية.
وحصل مرسي على تقدير امتياز مع مرتبة الشرف لدى تخرجه في هندسة القاهرة ومع مرتبة الشرف، وعليه حصل على منحة دراسية من جامعة جنوب كاليفورنيا، من أفضل الجامعات الأمريكية، بعد حصوله على درجة الماجستير في هندسة الفلزات من جامعة القاهرة وحصل منها أيضا على درجتي الماجستير والدكتوراه.
وتدرج محمد مرسي في التعليم الجامعي، من معيد إلى مدرس مساعد في كلية الهندسة بجامعة القاهرة ثم أستاذ مساعد بجامعة جنوب كاليفورنيا ونورث ردج بالولايات المتحدة، ثم أستاذ ورئيس قسم هندسة المواد بكلية الهندسة بجامعة الزقازيق، كما درس أيضا في جامعة الفاتح في العاصمة الليبية طرابلس.
مرسي السياسي والبرلماني المحنك
وفي أواخر سبعينات القرن الماضي أعجب الرئيس الشهيد محمد مرسي بجماعة الإخوان المسلمين وتدرج في العمل بالقسم السياسي بالجماعة بداية تسعينات القرن الماضي، وخاض عدة انتخابات في المحليات ومجلس الشعب إلى أن اُنتخب عضوا في مجلس الشعب في الاستحقاقات التشريعية في 1995 و2000، وكان المتحدث الرسمي باسم كتلة الإخوان البرلمانية.
ومورست ضد مرسي أوسع عملية تزوير خلال إنتخابات مجلس الشعب 2005 لحرمانه من استمرار جهده البرلماني الواسع واستجواباته شديدة الوقع على نظام المخلوع حسني مبارك وأبرزها استجواب قطار الصعيد.
في 2005 حصل محمد مرسي على أعلى الأصوات وبفارق كبير عن أقرب منافسيه ولكن منافسه أعلن فوزه خلال إجراء جولة الإعادة، ثم تعرض الرئيس مرسي للكثير من المضايقات بسبب مواقفه السياسية، واعتقل وزجّ به مبارك إلى السجن في 2006 ووضعه تحت الإقامة الجبرية في منزله.
وقبل ثورة يناير، كان مرسي بين من افتتحوا يناير 2011 باعتقاله وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، قبل اندلاع الثورة الشعبية التي أطاحت بحسني مبارك وأطلق ثم أعيد اعتقاله عشية 28 يناير 2011 قبل سيناريو اقتحام السجون الذي دبره وزير داخلية مبارك؛ حبيب العادلي.
بعد ثورة يناير انتخب أعضاء حزب "الحرية والعدالة" د. محمد مرسي رئيسا للحزب، واُنتخب د. عصام العريان نائبا له، ود. محمد سعد الكتاتني أمينا عاما للحزب.
مرسي رئيسا
وترشح الرئيس مرسي في الانتخابات الرئاسية 2012، بعد أن دفع حزب "الحرية والعدالة" وجماعة الإخوان المسلمين بالمهندس خيرت الشاطر كمرشح (أولي) للانتخابات الرئاسية في 2012 وقرر الحزب وضع اسم د. مرسي مرشحا إحتياطيا كإجراء احترازي (دأبت عليه جماعة الإخوان في أغلب الانتخابات العامة أو المحليات أو النقابية) خوفاً من احتمالية وجود عراقيل قانونية أو مصطنعة تمنع ترشح الشاطر، وهو ما حدث فعلا.
فعلى خلفية أستبعاد الشاطر من قبل لجنة الانتخابات الرئاسية (المعنية من المجلس العسكري بقيادة المشير محمد حسين طنطاوي) بادعاء "أسباب قانونية"، خاض د. محمد مرسي، بخبراته السياسية الأوسع والعمل العام، الانتخابات الرئاسية المصرية في العام 2012 عن حزب "الحرية والعدالة" بعد أن أصبح المرشح الفعلي للحزب، الذي قدم في برنامجه الانتخابي (مشروع النهضة) وأكد الحزب آنذاك أن المشروع سيضع مصر في مكانة في مكانتها التي تستحقها بين الدول تحت شعار (النهضة إراة شعب).
الشعب اختار الرئيس محمد مرسي، متغلبا على الفريق المتقاعد والوزير السابق أحمد شفيق، ومن قلب ميدان التحرير، ميدان الثورة، بايع الرئيس محمد مرسي الآلاف التي حضرت في مشهد تاريخي لافت، والملايين من خلف الشاشات في مصر والعالم، متعهدا بأن حكومته ستمثل المصريين بجميع أطيافهم وتوجهاتهم.
انقلاب على الشرعية
عام واحد فقط قضاه الرئيس محمد مرسي رئيسا، وخلاله اتحدت القوى اليسارية والليبرالية تحت ما يسمى "جبهة الإنقاذ" مع دبابة العسكر لإقصاء أول رئيس مدني منتخب في مصر بادعاءات مضللة منها "الإقصاء" و"احتكار السلطة" و"الأخونة".
واستغل هؤلاء المسارعة لاستكمال الاستحقاقات الانتخابية، وسعيهم لإقرار دستور توافقي من خلال جمعية تأسيسية تضم الجميع بأكبر من درجاتهم وتمثيلهم في مجلس شعب الثورة الأخير، والذي كان الإسلاميون في المرتبة الأولى بين مختلف الأطراف الليبرالية والعلمانية والكنيسة.
وخلال النصف الثاني من هذا العام، اشتد وتر الهجوم المنظم وإشاعة الفوضى والاحتجاجات الفئوية غير المسبوقة ضد الدكتور مرسي واختتمت بحملة تمرد التي رتبتها المخابرات الحربية ساندها بعض ضباط المخابرات العامة والأجهزة الأمنية.
وفي نهاية يونيو2013، وبعد وصول د. مرسي للسلطة، شهدت مصر مظاهرات مفتعلة أحيانا وعفوية أحيانا أخرى تنتقد الرئيس وتطالب بانتخابات رئاسية مبكرة، إلا أن العسكر استغلوا تلك المظاهرات، بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية والأمنية الصعبة، التي كان جزء كبير منها متعمد لإفشال الرئيس، وتم اعتقال الرئيس وأعضاء حكومته وقيادات جماعة الإخوان ومؤيديهم. لتبدأ أسوأ حلقات القمع في تاريخ مصر الحديث.
استشهاد القائد
وصدر ضد الدكتور مرسي حكم بالسجن المؤبد بتهمة التخابر وإفشاء أسرار خاصة بأمن البلاد وقيادة جماعة أسست على خلاف أحكام القانون وعشرات التهم المُلفقة وأيدت محكمة النقض المصرية هذه الأحكام.
وفي 17 يونيو2019 توفي محمد مرسي قبل رفع الجلسة حيث أصيب بإغماء ولم يحاول أي أحد من الموجودون في المكان إسعافه وتركوه حتى فارق الحياة، وقال تقرير حكومي إنها وقاة إثر نوبة قلبية حادة خلال جلسة محاكمته في هزلية قضية التخابر.