طوال 10 سنوات كاملة، لم يتوقف أهالي ضحايا مجزرة رابعةعن المطالبة بالقصاص ممن ارتكبوا تلك المجزرة، منذكرين كافة تفاصيلها، ومستعينين بجميع المنظمات الحقوقية المصرية والدولية.
وبعد مرور 10 أعوام على فض هذا الاعتصام السلمي والتي تشكل من جميع عناصر الشعب المصري احتجاجاً على الانقلاب العسكري على أول رئيس شرعي منتخب وهو الدكتور محمد مرسي، يعيد حقوقيون التذكير بالواقعة من خلال فيلم وثائقي عرض في أحد المعالم الثقافية بالعاصمة البريطانية لندن مساء الخميس تحت اسم "مجزرة رابعة".
ويعرض فيلم "مجزرة رابعة" على منصة "إيجيبت ووتش" فيما قال موقع Middle East Eye البريطاني، في تقرير نشره الجمعة 4 أغسطس 2023، إن مهرجان الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون (بافتا) شهد عرض فيلم وثائقي يؤرخ لقتل مئات المحتجين المصريين في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة، وذلك في أعقاب انقلاب عام 2013 الذي أوصل عبد الفتاح السيسي إلى السلطة.
فيلم مجزرة رابعة
يتضمن الفيلم شهادات حصرية للناجين من المجزرة، وشهود عيان على ما جرى فيها، ومن بينهم كريج سامرز رئيس الأمن السابق في قناة سكاي نيوز البريطانية، ومصعب الشامي مصور وكالة أسوشييتد برس، وديفيد كيركباتريك رئيس مكتب صحيفة نيويورك تايمز في القاهرة في تلك الفترة، وآخرين ممن عايشوا المجزرة.
يبدأ الوثائقي بصورةٍ ملتقطة لشاب يمشي وسط الحطام والدخان بينما يتدلى المقلاع من يده، ويقول المصور إنه التقط تلك الصورة قبل ثوانٍ من مصرع ذلك الشاب.
وبدأ العرض الافتتاحي للفيلم الوثائقي، الذي يحمل عنوان “ذكريات مذبحة”، على منصة "إيجيبت ووتش" في الثالث من أغسطس، في قاعة الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون “بافتا”، بمناسبة الذكرى العاشرة للمجزرة، التي راح ضحيتها أكثر من 1500 قتيل وأربعة آلاف جريح، حسب مصادر حقوقية متعددة.
وأنتجت الفيلم شركة إنتاج بريطانية، ونفذته وأخرجته المخرجة البريطانية المرموقة "نيكي بوليستر"، وهو ما أهله للحصول على جائزة “أفضل فيلم وثائقي” لعام 2023 من مهرجان السويد للأفلام.
منصة "إيجيبت ووتش"
تعد منصة "ايجيبت ووتش" مختصة بتوفير تحليلات وتغطية للأحداث في مصر والشرق الأوسط، عبر مقالات وتقارير بشأن حقوق الإنسان، والعدالة الاجتماعية، والتطورات السياسية، وتجارة الأسلحة.
إعلام السيسي يستشاط غضبا
رافق عرض فيلم “ذكريات رابعة”، وهو من إخراج نيكي بولستر، ندوة حوارية شارك فيها نشطاء وصحفيون وشهود عيان بما في ذلك خالد شلبي الصحفي في موقع ميدل إيست آي.
واستثار استعراض الفيلم بشكل حازم لعمليات القتل الجماعي التي راح ضحيتها ما لا يقل عن 1500 شخص ردود فعل غاضبة، وتوتر من أنصار السيسي، الذين لم يتجاوز عددهم الخمسة، بتوزيع المنشورات على الجمهور فاضطر المنظمون إلى إخراجهم من القاعة.
أما في مصر فخصص الإعلامي أحمد موسى حلقة كاملة في محاولة منه لتشويه أحداث رابعة وتبرير جرائم نظام السيسي ضد المعتصمين في الميدان.
بينما استقبل الإعلامي نشأت الديهي ثروت الخرباوي ليهاجم اعتصام رابعة وتشويهه والرد على الفيلم الوثائقي الذي يعرض في لندن.
ندوة لتوثيق المجزرة
وعلى هامش الفيلم تم تنظيم ندوة أعقبت عرض الفيلم، قالت فيها داليا فهمي، المحاضرة في العلوم السياسية في جامعة لونغ آيلاند: “استخدمت هذه اللغة في رواندا وفي سريبرينيشا، وفي المحرقة، وفي كمبوديا. كان ذلك بمثابة إبادة جماعية.”
تسلط المخرجة بولستر الضوء على الدور الذي لعبه عدم مبالاة الفاعلين الدوليين في تكريس سلطة السيسي، مما سمح للحصانة من المساءلة التي مارسها في رابعة بترسيخ حكمه، والذي شهد منذ ذلك الحين احتجاز ما يقرب من 65 ألف معتقل ما يزالون قابعين وراء القضبان.
قال عمرو مجدي، الباحث في هيومان رايتس ووتش، أثناء الندوة: “أظن أن الخطة لم تقتصر فقط على تفريق المتظاهرين، وإنما معاقبة الناس فعلياً وجعلهم عبرة لغيرهم.”
وأضاف: “وما حدث فيما بعد، خلال الأسابيع والشهور والسنين التالية، كان فعلياً أسوأ تجربة سلطوية.”
ولا أدل على ذلك مما ذكره روديس من أن السيسي علم بأن الولايات المتحدة لم تكن لتتدخل بعد وقوع الانقلاب.
قال في الفيلم الوثائقي: ” كانت تلك التجربة من أكثر ما يسبب الاكتئاب وخيبة الأمل ويثير السخط لأننا كحكومة اتخذنا قراراً بعدم عمل شيء للوقوف في وجه هذا الانقلاب وها نحن نرى أسوأ ما نجم عنه من تداعيات.”
وبحسب ما تقوله داليا فهمي، فإن “الاستقرار” في مصر بالنسبة للإدارة الأمريكية يعني ممارسة “المزيد من القمع” ضد شعبها.
وقالت: “ولكن هناك نقطة انكسار، ولعل من أكبر منح الثورة كسر حاجز الخوف.”
وأضافت: “كانت الولايات المتحدة سترضى بالسلطوية لأن ذلك يمثل بالنسبة لهم مصدراً للاستقرار. مصر مؤهلة للانفجار من جديد، وجل ما أخشاه هو أن دورة التغيير القادمة قد لا تكون سلمية.”