أبقى البنك المركزي في اجتماعه، اليوم الخميس‏ 18 مايو 2023، على سعر الفائدة دون تغيير ليتوافق مع توقعات عدد من الخبراء الاقتصاديين وبنوك الاستثمار.

وأبقت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي في اجتماعها الخميس – وهو الثالث خلال العام الجاري 2023 - على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسة للبنك المركزي عند 18.25%، و19.25% و18.75% على الترتيب، كما تم تثبيت سعر الائتمان والخصم عند 18.75%.

وكانت اللجنة قد قررت في اجتماعها في أول فبراير 2023، إبقاء سعر الفائدة على الودائع والإقراض لليلة واحدة دون تغيير عند 16.25% و17.25% على التوالي، بعد أن رفعت أسعار الفائدة بمقدار 800 نقطة أساس خلال عام 2022 وبمقدار 500 نقطة أساس في الربع الرابع فقط، وتلا ذلك زيادة بمعدل 2% في اجتماع اللجنة نهاية مارس الماضي.

 

تراجع معدل التضخم السنوي في مصر

وتراجع معدل السنوي للتضخم الأساسي للبنك المركزي عند 38.6% في إبريل 2023 مقابل 39.5% في مارس 2023، كما سجل المعدل السنوي للتضخم العام للمركزي للإحصاء 30.6% في إبريل 2023 مقابل 32.7% في مارس 2023.

وبحسب البنك المركزي فقد انخفضت حدة توقعات أسعار السلع العالمية مقارنة بالتوقعات التي تم عرضها على لجنة السياسة النقدية في اجتماعها السابق، وفقًا لـ"القاهرة 24".

وعلى الرغم من ذلك، استمرت حالة عدم اليقين المرتبطة بتوقعات تلك الأسعار، وتتمثل أهمها في اّفاق اختلالات سلاسل التوريد العالمية وتوقعات النشاط الاقتصادي العالمي، وبخاصة في ضوء العدول عن سياسة الإغلاق المصاحبة لجائحة كورونا في الصين بالإضافة الى التطورات الأخيرة في القطاع المالي في الاقتصادات المتقدمة.

واستمر المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر في الارتفاع ليسجل 25.8% و31.9% في يناير وفبراير2023، على الترتيب، كما سجل المعدل السنوي للتضخم الأساسي 31.2% في يناير 2023، ووصل إلى أعلى معدل تم تسجيله تاريخيًا في فبراير 2023 ليسجل 40.3%.

وتعكس تلك الارتفاعات العديد من العوامل، والتي تشمل اختلالات سلاسل الامداد محليًا، وتقلبات سعر صرف الجنيه المصري، بالإضافة إلى ضغوط من جانب الطلب، وهي ما تتضح في تطورات النشاط الاقتصادي الحقيقي مقارنة بطاقته الإنتاجية القصوى والارتفاع في معدل نمو السيولة المحلية. وبالإضافة إلى ذلك، انعكس الأثر الموسمي لشهر رمضان على أسعار رحلات العمرة، وأسعار السلع الغذائية.

 

أسباب تثبيت سعر الفائدة

ومن جهته، أوضح أبوبكر الديب، الباحث المصري في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، أن هناك عدة أسباب دفعت لجنة السياسات في البنك المركزي لتثبيت سعر الفائدة، من بينها التراجع الملموس في معدل التضخم.

وأضاف في تصريحات لوكالة "سبوتنيك": "من المعروف أن الهدف من رفع سعر الفائدة في أي اقتصاد هو كبح جماح التضخم، وسحب السيولة من السوق والسيطرة على القدرات الشرائية للمواطنين، وأنه لأول مرة منذ شهور متعددة، رأينا تراجعًا ملموسًا في معدلات التضخم في مصر، بالتالي الاتجاه يذهب إلى التثبيت بشكل كبير".

وتابع الباحث الاقتصادي، السبب الثاني هو أن إدارة البنك المركزي منذ فترة أو مع تولي الإدارة الجديدة للبنك، يتبع سياسة نقدية تتماشى مع الاتجاهات الجديدة في الاقتصاد العالمي، من خلال محاولة جذب العملات الأجنبية من مجموعة واسعة من المصادر والأسواق المتعددة في العالم، وتحفيز مناخ الاستثمار في مصر.

وأضاف الديب، أن هناك توافق أو تناغم بين السياسات النقدية في مصر "البنك المركزي والسياسات المالية عبر المجموعة الاقتصادية في الحكومة"، ما أدى إلى التزام البنك المركزي بسعر صرف مرن، مشيرًا إلى أن المستثمر المصري أو الأجنبي دائمًا لا ينظر إلى سعر الفائدة أكثر من سعر الصرف السائد، لأن سعر الصرف هو المؤثر الأكبر في اتخاذ القرار الاستثماري بدخول سوق ما من عدمه.

الخبير المصرفي محمد عبد العال، عزا تثبيت سعر الفائدة إلى أن زيادة أسعار الفائدة يتبعه ارتفاع تكلفة التمويل، وبالتالي ارتفاع أسعار السلع للمستهلك النهائي، ما يؤدي بدوره لارتفاع التضخم مجددًا ما يجعلنا نسير عكس الاتجاه.

ويشير مصطفى بدره، الخبير الاقتصادي، إلى أن التضخم سجل قيمته ويميل نحو الانخفاض، كما أن سعر الصرف بانخفاض في السوق السوداء جنبًا إلى جنب مع تراجع سعر الذهب وكلها عوامل تميل ناحية التثبيت.

 

تثبيت سعر الفائدة وافق التوقعات

وكانت 5 بنوك استثمار قد توقعت في استطلاع أجرته "اقتصاد الشرق" مؤخرًا، أن يُبقي "المركزي" أسعار الفائدة عند مستوياتها، فيما توقع بنك واحد رفع الفائدة 100 نقطة أساس.

كما توقع 8 من أصل 11 خبيرًا اقتصاديًا استطلعت "بلومبيرج" آراءهم، أن تُحجِم لجنة السياسة النقدية في مصر عن رفع أسعار الفائدة، فيما توقع 3 زيادة قدرها 100 نقطة أساس.

وأشار عمرو الألفي، رئيس البحوث في "برايم المالية"، إلى أن "تثبيت أسعار الفائدة جاء وفق توقعاتنا، فالبنك المركزي يحتاج إلى الانتظار بعض الشيء ليرى تأثير رفع الفائدة الأخير على الأسواق، خصوصًا أن أرقام التضخم الأخيرة جاءت أقلّ من التوقعات".

يبلغ سعر الفائدة الحقيقي في مصر (أي معدل الفائدة الاسمي مطروحًا منه معدل التضخم) سالب 12.35%، وفق أحدث بيانات اعتمدت معدل التضخم في مصر عند حدود 30%.

 

تردي الاقتصاد في مصر

في موازاة ذلك، أعلن البنك المركزي ارتفاع إجمالي الودائع في البنوك إلى نحو 9 تريليونات جنيه بنهاية يناير الماضي، مقارنة بنحو 8.6 تريليونات جنيه بنهاية ديسمبر السابق عليه، بزيادة تقدر بنحو 400 مليار جنيه.

وأشار البنك إلى استحواذ ودائع الحكومة على نسبة 22.6% من إجمالي الودائع في البنوك بنهاية يناير الماضي، لتتخطى نحو تريليوني جنيه مقارنة بنحو 1.950 تريليونًا في ديسمبر 2022. فيما استحوذت ودائع العملاء (الأفراد العاديين) على حصة 77.4% من إجمالي ودائع البنوك، لترتفع إلى نحو 7 تريليونات جنيه بنهاية يناير، مقارنة بنحو 6.6 تريليونات في ديسمبر، وفقًا لـ"العربي الجديد".

وسمح البنك المركزي، منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي أدى إلى خروج جماعي للاستثمارات الأجنبية، بأن يخسر الجنيه نصف قيمته مقابل الدولار، الأمر الذي ضغط بدوره على الحكومة لرفع الأسعار المدعومة للسلع الاستهلاكية المستوردة المهمة.

ويتوقع صندوق النقد الدولي وجود عجز في موارد مصر من العملة الصعبة يُقدر بنحو 18 مليار دولار سنويًا حتى عام 2026. ويطلب الصندوق تغطية العجز عبر بيع مزيد من الشركات العامة والحكومية، بقيمة 40 مليار دولار على الأقل خلال 4 سنوات، مقابل تعهد الحكومة بعدم اللجوء إلى مزيد من القروض، ليضمن سداد مستحقاته المتراكمة منذ بدء تعويم الجنيه عام 2016، والالتزام بسداد ودائع دول الخليج بالبنك المركزي بقيمة 28 مليار دولار بحلول 2026.

وارتفع الدين الخارجي لمصر بنسبة 5.5% خلال الربع الأخير من العام الماضي، ليصل إلى 162.9 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2022، مقابل 154.9 مليار دولار في سبتمبر الماضي. ومقارنة بنهاية عام 2021، ارتفع الدين الخارجي بنسبة 11.9% من مستوى 145.5 مليار دولار، وبزيادة نحو 17.4 مليار دولار.