قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إن إعادة القبول ببشار الأسد في جامعة الدول العربية يبعث برسالة مرعبة لضحايا النظام، موضحة أن الأسد (الابن) سيجد مقعدا مخصصا له بين القادة يوم الجمعة، لأول مرة منذ 12 عاما، رغم أنه هو نفسه "المستبد الذي عذب وسجن وقصف وضرب بالغاز وحاصر الشعب الذي من المفترض أن يخدمه".

وعايرت الصحيفة البريطانية العرب الذين طبعوا معه، وأكدت أن هذا سيكون يوما حزينا للدبلوماسية العربية ويرسل رسالة مفزعة لضحايا فظائع النظام، هي: يمكن للأسد أن يستمر في الإفلات من العقاب.

ولفتت الصحيفة إلى أنه في عام 2011 ، قرر أعضاء جامعة الدول العربية بحق معاقبة الأسد جراء قمعه العنيف لانتفاضة شعبية سلمية إلى حد كبير وفشله في الالتزام بمبادرة سلام عربية.

وأكدت أن محاولة النظام الوحشية لسحق الاحتجاجات أدى إلى اندلاع حرب أهلية، في 2011، ودعمت دول الخليج الثرية المعارضة التي قاتلت للإطاحة بالأسد.

ومع ذلك، بعد مضي عشر سنوات، ومقتل ما لا يقل عن 300 ألف شخص وإجبار 12 مليونا على ترك منازلهم، اختارت معظم الدول العربية الترحيب بعودة الأسد إلى الحظيرة، بحسب فايننشال تايمز.

هيئة بلا أنياب

واعتبرت "فايننشال تايمز" جامعة الدول العربية أنها "هيئة بلا أنياب إلى حد كبير". مضيفة أن "قرار إعادة القبول بوجود سوريا، الذي اتخذه وزراء الخارجية هذا الشهر، يمنح انتصارا دبلوماسيا غير ضروري وغير مبرر "لمجرم حرب وشركائه في الجريمة - إيران وروسيا".

وأبانت أن تسارع وتيرة إعادة التواصل مع الأسد بعد موجة من الدبلوماسية بقيادة السعودية. جاء ذلك بعد أن توسطت الصين في صفقة أدت إلى موافقة المملكة على إعادة العلاقات الدبلوماسية مع خصمها اللدود إيران.


ونبهت إلى أن من يدفعون باتجاه إعادة الارتباط مع نظام الأسد بأنه نهج سياسي واقعي، يعترفون بأن الأسد لن يذهب إلى أي مكان بعد استعادته السيطرة على معظم البلاد بدعم عسكري من موسكو وطهران - وأن الدول العربية بحاجة إلى معالجة المشاكل التي تنتشر عبر الحدود.

وأكد تقرير الصحيفة أن "من هذه المشكلات أزمة اللاجئين والاتجار غير المشروع بمخدر الكبتاجون، وهو عقار يسبب الإدمان ويمثل شريان الحياة الاقتصادي لدمشق وصداعا متزايدًا لبلدان مثل الأردن والمملكة العربية السعودية. ولكن بإعادة قبول سوريا في جامعة الدول العربية، تمت مكافأة الأسد دون تقديم تنازلات أولاً لتخفيف معاناة السوريين".

وأعتبرت أن الفكرة القائلة بأن 6 ملايين لاجئ سوري في الخارج سوف يندفعون إلى الوطن إذا ضخت دول الخليج أو غيرها أموالاً لإعادة بناء المدن التي دمرتها قوات الأسد هي فكرة خيالية. ويخشى الكثير على حياتهم، إذ لا يزال عشرات الآلاف من السوريين محتجزين بشكل تعسفي أو "مختفين".

 

دعوة متجددة
وكانت قمة سرت بليبيا في 2010 آخر قمة حضرها الأسد قبل اندلاع النزاع عام 2011، ومن ثمّ تجميد عضوية بلاده في جامعة الدول العربية بالعام ذاته.

وجاءت الدعوة للأسد بعد يوم من إعلان وزارة الخارجية السعودية استئناف عمل بعثتها الدبلوماسية في سوريا، وهو ما ردت عليه خارجية النظام السوري بإعلان استئناف دمشق عمل بعثتها في المملكة.

وقبل أيام، أصدر وزراء الخارجية العرب، عقب اجتماعهم بالقاهرة، القرار رقم 8914، أعلنوا فيه استئناف مشاركة وفود النظام السوري باجتماعات مجلس الجامعة وكل الأجهزة التابعة لها اعتبارا من 7 مايو 2023.

وبموجب الدعوة السعودية للأسد لحضور القمة العربية، تنتهي عزلة دبلوماسية فرضتها دول عربية عدة منذ بداية النزاع في سوريا التي تتطلع اليوم إلى أموال إعادة الإعمار، رغم استمرار تراجع فرص إيجاد حل سياسي للأزمة في البلاد.

يذكر أن دولا عربية أعلنت سابقا استمرار رفضها لعودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، أبرزها قطر والكويت والمغرب وليبيا.
المعارض السوري، الكاتب بسام جعارة، رأى أن عودة سوريا إلى الجامعة العربية هي بمثابة إعلان حرب على الشعب السوري.

وقال جعارة في تصريحات لنقطة حوار على "بي بي سي" إن القرار هو بمثابة "مكافأة جزار على كل جرائمه التي ارتكبها"، وتساءل "ما الذي يمكن أن يقدمه نظام مثل نظام بشار الأسد للجامعة العربية؟".

وأضاف أن "الأسد لن يطلق سراح معتقليه وهو غير قادر على إخراج القوات الأمريكية الموجودة في سوريا، فما الذي يمكن الرهان عليه"؟