سجلت أسعار الذهب في نهاية الأسبوع الماضي، ارتفاعًا تاريخيًا غير مسبوق في مصر.

ولأول مرة في التاريخ، تجاوز سعر جرام الذهب حاجز 3 آلاف جنيه، أي نحو 100 دولار.

فقد بلغ جرام الذهب من عيار 24 سعر 3028 جنيهًا، في حين وصل سعر الجرام من عيار 18 إلى ما يقرب 2270 جنيهًا، وفقًا لـ"BBC".

وبحسب مواقع مصرية، فقد سجل سعر جرام الذهب من عيار 21، الذي يعد الأكثر مبيعًا، 2650 جنيهًا، بدلًا من 2600 جنيه، في تعاملات الأحد الماضي.

ورغم انخفاض أسعار الذهب في تعاملات الاثنين المبكرة متأثرة بارتفاع الدولار، لا يزال البعض يشكو من سعره الجنوني ويدعو إلى التأني قبل الإقبال على شرائه.

ويأتي ذلك بالتزامن مع انتشار كثيف لتقرير لموقع investing الاقتصادي الذي أشار إلى أن الذهب في مصر يباع أعلى من سعره العالمي بـ 53%.

وأوضح تقرير الموقع البريطاني إلى أن الأسعار الحالية تشير إلى "وضع قيمة للذهب بنحو 47 جنيهًا للدولار الواحد في حين يسجل الدولار في البنوك المصرية 30.9 جنيهًا للدولار".

 

أسباب الإقبال على شراء الذهب

يرجع إقبال المصريين واهتمامهم المتزايد بالمعدن الأصفر، إلى اهتمامهم المتواصل بالأزمة الاقتصادية العالمية وما ترتب عليها من تداعيات عمقت الأزمة المالية التي تمر بها بلادهم.

ومع التراجع القياسي في قيمة الجنيه، لجأ مواطنون إلى شراء الذهب للحفاظ على قيمة مدخراتهم.

وزاد ذلك من الطلب على المعدن الأصفر رغم نقص المعروض واختلاف السعر من محل إلى آخر، بحسب ما ذكره مواطنون عبر مواقع التواصل.

ويصف البعض ما حدث في أسواق الذهب ومحلات الصاغة في الفترة الأخيرة، بـ "الفوضى".

ومن المعلقين من يربط توجه المواطنين لشراء الذهب بعدم ثقتهم في المستقبل.

 

سابقة تاريخية

ويكشف المدير التنفيذي لشركة ذهب مصر، فادي كامل، أن أسعار الذهب قفزت بالأسواق المصرية بنسبة 21.4% خلال تعاملات شهر إبريل 2023، في وقت ارتفعت الأوقية بنسبة تقارب 1% بالبورصة العالمية.

ويوضح كامل أن أسعار الذهب ارتفعت بقيمة 470 جنيهًا بالأسواق خلال تعاملات شهر إبريل، في سابقة هي الأولى في تاريخ مصر.

وحسب كامل فقد افتتح غرام الذهب عيار 21 التعاملات الشهرية عند مستوى 2200 جنيه، ولامس مستوى 2900 جنيه، واختتم تعاملات الشهر عند مستوى 2670 جنيهًا.

بينما ارتفعت الأوقية بقيمة 20 دولارًا بالبورصة العالمية، حيث افتتحت التعاملات عند مستوى 1970 دولارًا، ولامست مستوى 2010 دولارات، اختتمت التعاملات عند مستوى 1990 دولارًا، وفقًا لـ"الحرة".

والجمعة، انخفض الذهب في المعاملات الفورية 0.3 بالمئة إلى 1982.65 دولار للأونصة لكنه ظل مرتفعا 0.8 بالمئة لشهر إبريل، وفقا لـ"رويترز".

وارتفع الذهب إلى أعلى مستوى في عام، حين بلغ سعر الأونصة 2048.71 دولار في منتصف إبريل.

 

أسباب ارتفاع أسعار الذهب

وعدد الخبير الاقتصادي المختص بأسواق الذهب، وليد فاروق، أسباب الارتفاع التاريخي لسعر المعدن النفيس.

ويقول إن أسعار الذهب ترتبط بثلاثة عوامل هي "البورصة العالمية، وسعر صرف الدولار في السوق الرسمية، والعرض والطلب بالسوق المحلية".

ويوضح أن حكومة الانقلاب أوقفت استيراد الذهب نتيجة نقص العملة الصعبة في السوق المحلية، وتسبب ذلك في تحول السوق من "مفتوحة إلى مغلقة".

وبعدما تحولت السوق المصرية إلى "مغلقة"، بات المتنفس الوحيد هو "التهريب من السوق السودانية"، وكان يدخل مصر ما بين 50 إلى 100 كيلو جرام من الذهب يوميًا من السودان، وفقا لحديث فاروق.

ويؤكد أنه بعد اندلاع الاشتباك والاقتتال في السودان "توقف ذلك المتنفس تمامًا"، مما زاد "الانغلاق داخل السوق المصري"، فأصبح من يمتلك الذهب هو القادر على تسعيره، وفقًا لـ"الحرة".

ومع تراجع سعر صرف الجنيه، بات الذهب "الملاذ الآمن" لغالبية المواطنين، مما زاد من حالة الطلب على المعدن النفيس، وسط قله ونقص المعروض، حسبما يوضح فاروق.

وتعاني مصر، من أزمة خانقة في العملة الصعبة أدت إلى انخفاض الجنيه بنسبة تقارب 50 بالمئة مقابل الدولار.

ومنذ 9 مارس 2023، يتم تداول العملة المصرية، عند حوالي 30.90 للدولار، بينما يبلغ سعرها في السوق الموازية "السوداء" نحو 36 جنيهًا مقابل الدولار، وفقا لـ"رويترز".

 

تلاعب وسوق موازية؟

يرى كامل أن أسعار الذهب بالسوق المصرية تسير وفقا لـ"فوضى منظمة"، متحدثًا عن "شبهة تلاعب في الأسعار".

ويقول إن الذهب خرج من كونه سلعة مسعرة وفقًا لعوامل محددة، مثل السعر العالمي وسعر صرف الدولار بالسوق المحلي، إلى سلعة تخضع لأهواء العرض والطلب.

ويشير إلى "عدم توافر بيانات وإحصائيات حقيقية، ترصد عدد محلات الذهب، وحجم عمليات البيع والتداول في الأسواق".

وتسبب ذلك في ظهور سوق موازية غير رسمية لتجارة الذهب "لا يمكن حصر حجم إنتاجها"، وفقًا لحديثه.

ويتفق معه فاروق الذي يشير لوجود "سوق موازية لتجارة الذهب".

ويقول "الحكومة تستفيد من الوضع الحالي، بمضاربة البعض في الذهب بعيدًا عن الدولار في ظل نقص العملة الصعبة".

ويتحدث فاروق عن "احتكار بعض التجار للسوق وتلاعبهم بأسعار المعدن النفيس".

ويلجأ بعض كبار التجار إلى "تخفيض أسعار الذهب لدفع المواطنين لبيع ما بحوزتهم من المعدن النفيس، قبل أن يقوموا بإعادة بيعه بسعر أكبر، مما حول السوق الوطني إلى مزاد"، وفقًا لحديثه.

ويشير فاروق إلى أن تلك الأسباب مجتمعة جعلت "عيار الذهب يفلت في مصر".

 

بيع أم شراء الذهب؟

وينصح كامل المواطنين بـ"عدم بيع ما بحوزتهم من ذهب، إلا للضرورة، نظرًا لارتفاع متوقع جديد لأسعار المعدن النفيس باعتباره الملاذ الآمن في الوقت الحالي".

ويتفق معه فاروق، الذي ينصح المواطنين بـ"شراء الذهب" لكن دون التعجل عند الإقدام على ذلك.

ويقول "أسعار الذهب غير مستقرة، ويمكن للمواطن الإقدام على الشراء عند انخفاض السعر".

ويمكن للمواطنين شراء "مشغولات ذهبية أو سبائك، حسب حاجة واستعمال كل شخص، نظرا لعدم وجود فروق كبيرة في سعر المصنعية"، حسب فاروق.

يُرجح كامل تزايد معدلات الطلب على المعدن النفيس الفترة المقبلة، مما سوف يتسبب في ارتفاع جديد لسعر الذهب.

ويتفق معه فاروق الذي يتوقع ارتفاع جديد لأسعار الذهب في السوق المصرية.