أكدت الشركة المتحدة للإلكترونيات (اكسترا) السعودية الاثنين 1 مايو وقف خططها التوسعية في مصر بعد دراسة جدوى، مشيرة إلى أن الأثر المالي السلبي المتوقع لإلغاء خططها التوسعية في مصر يبلغ حوالي 38 مليون ريال (10.13 مليون دولار، ضمن إفصاح الشركة عن دراسة جدوى استمرارية الشركة في المضي قدما في التوسع الخارجي في مصر قدمته للبورصة السعودية (تداول).


وأعلنت "اكسترا" موافقة مجلس الإدارة في 16 ديسمبر 2021 على تأسيس شركة تابعة لها في مصر مملوكة بالكامل لشركة اكسترا لتكون مصر أولى المحطات التوسعية للشركة خارج منطقة الخليج، وذلك باستثمارات أولية قدرها مليار جنيه مصري (32.41 مليون دولار)، والتي كانت قيمتها تبلغ 63.6 مليون دولار بسعر الصرف في ذلك الوقت.


وتعمل الشركة السعودية في الإنتاج للإلكترونيات الاستهلاكية وقررت التوقف مع الخسارة رغم تطلع شركات خليجية إلى فرص توسعية في مصر التي توفر سوقا كبيرة للسلع والخدمات.

باحثين وخبراء

وقال المحلل الاقتصادي والمستشار السابق بوزارة التجارة الخارجية عبدالنبي عبدالمطلب Abdelnabi Abdelmuttalb "بسبب غياب الرؤية ..  الشركة المتحدة للالكترونيات "إكسترا" السعودية توقف خططها باستثمار مليار جنيه في مصر.".

وأوضح أن الشركة ذكرت أن "السبب يعود إلى عدم وضوح التوقعات المستقبلية فى المناخ الاقتصادي العام في مصر".


وهو ما اتفق معه الباحث الاقتصادي أحمد يوسف Ahmad Yussuf فقال "المستثمرين كانوا متأخرين فى ضخ الاموال وشراء الشركات المطروحة بالبورصة من قبل الجيش والحكومة نتيجة تباطؤ قرار البنك المركزى فى تحرير سعر الصرف بشكل كامل "، مضيفا "الان اختلفت المعادلة ، فبعد تصريح وكالات التصنيف الائتماني العالمية بجعل نظرتها المتستقبلية للاقتصاد المصرى سلبي بدلا من مستقر ، وتخفيض تصنيف مصر الائتمانى ".


وأوضح أن "المستثمرين الان الغوا فكرة ضخ الاموال فى الاقتصاد المصري ومنهم شركة اكسترا السعودية اليوم نتيجة رأى الوكالات الاقتصادية"، مشيرا إلى أن "سرعة اتخاذ القرار من البنك المركزى للتخفيض سيقلص الخسارة ويسرع دخول الدولار والعملات الاخرى للاقتصاد المصرى لشركاء الاصول والتأخير يدخل مصر فى دائرة الافلاس ".


فايننشال تايمز


وقالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية السبت، 29 أبريل إن شركة أبوظبي القابضة للتنمية ADQ أوقفت مشاريعها مؤقتاً في مصر.


ونقلت الصحيفة عن مصرفي مقيم في دبي مطلع على المناقشات قوله إن الشركة التي تعد الصندوق السيادي بأبوظبي، والأداة الإماراتية الرئيسية التي تستثمر في مصر، أوقفت مشاريعها مؤقتًا في البلاد.


وأضاف: “لا شهية لأي شيء جوهري في الوقت الحالي”.


وقالت الصحيفة إن مصر تكافح لبيع أصولها في إطار جهودها لتخفيف أزمة العملة الأجنبية والتمويل، حيث يشدد حلفاء القاهرة التقليديون في الخليج نهجهم لدعم البلاد.


وظهر رئيس حكومة السيسي مصطفى مدبولي في 29 أبريل ليعلن أن مصر لن تتراجع عن برنامجها لبيع أصول حكومية، مضيفاً أنها ستفي بالتزاماتها المالية.


الصحيفة البريطانية قال إن الأوضاع قد تتغير عقب زيارة رئيس الإمارات، محمد بن زايد آل نهيان، للقاهرة خلال الأيام المقبلة في حين زار مصر قبل أسابيع في اليوم السابق مباشرة للقتال الدائر في السودان.


وأعلن مصطفى مدبولي في المؤتمر الصحفي المشار إليه، عن موافقة الجيش المصري على زيادة عدد الشركات المملوكة له التي سيتم طرحها في البورصة، من شركتين إلى أكثر من 10 شركات، ما يعني إتاحة معلومات عن هذه الشركات لم تكن متاحة من قبل.


وأشار إلى أن مصر تهدف إلى جمع مليارَي دولار من خلال طرح الشركات قبل نهاية يونيو 2023، مؤكدا حكومته لن تتراجع عن برنامج الخصخصة، وأنه سيتم طرح شركات حكومية أكبر للبيع.


وعن التأخير في تنفيذ الطروحات حتى الآن أرجع مدبولي ذلك "لحرص الحكومة على تأمين أفضل عائد من البيع".


وأعلن مدبولي عن "وحدة داخل مجلس الوزراء، مختصة بتيسير إجراءات عملية الطروحات للشركات"، و"مستشاراً دولياً لتذليل كافة العقبات أمام الطروحات"،و"خطة واحدة يتم التحرك من خلالها"!!


وقال أحد المصرفيين الدوليين لفايننشال تايمز: "يتمثل موقف مصر في بيع الأصول بفرق سعر أضخم من أسعار السوق، لأن المصريين يجادلون بأن الأسواق في حالة انخفاض وأن أسعارها الحالية لا تمثل القيمة طويلة الأجل".


وأضاف: "هناك تباعد كبير في وجهات النظر بين الجانبين".


وجزم محللون ل"فيننشال تايمز" أن القاهرة ليس أمامها كثير من الحلول الأخرى، بخلاف بيع الأصول، لجمع رأس المال، في ظل قلق المستثمرين الأجانب وعرقلة القطاع الخاص نتيجة المحنة الاقتصادية وهيمنة الجيش.


وقال فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في شؤون الشرق الأوسط بمصرف  "جولدمان ساكس": "إذا لم ترغب في مواصلة خفض قيمة عملتك وإبطاء النمو من أجل تقليل الطلب على الدولار، فليس هناك خيار سوى زيادة المعروض. والمسار الوحيد المتاح أمام مصر على المدى القصير الآن هو جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة عبر بيع الأصول".

ونقلت فايننشال تايمز عن مطلعين أن الإمارات حافظت على التزامها بمساعدة القاهرة، لكن أبو ظبي صارت أكثر ميلاً لتقديم الدعم عبر برامج صندوق النقد الدولي.
 

وأنفق صندوق أبوظبي السيادي  نحو 4 مليارات دولار العام الماضي للاستحواذ على حصص أقلية في الشركات المصرية، بما في ذلك أحد المصارف وشركات كيماويات وأسمدة وخدمات لوجستية وتقنية.


وسبق أن صرح مدير إدارة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، لموقع فاينانشيال تايمز البريطاني فبراير 2023 بأن الصندوق زاد من تعاونه مع الدول الخليجية على مختلف الأصعدة، ومنها تصميم برامج الإنقاذ مما يُعد دلالة على تغير نهج تقديم المساعدات.


مواقف خليجية موازية

الصحيفة البريطانية أشارت أيضا إلى قلق خليجي من الاستثمار في مصر حيث كان صندوق الاستثمارات العامة السعودي قد التزم مؤخراً باستثمار 10 مليارات دولار في مصر، لكنه انسحب من محادثات شراء "المصرف المتحد" المملوك للدولة، بعد أن أدى الانخفاض في قيمة الجنيه المصري إلى محو مئات الملايين من القيمة الدولارية للمصرف، وذلك وفقاً لمصرفي دولي وشخص آخر مطلع على المفاوضات.


في الوقت ذاته، رفض جهاز قطر للاستثمار عرضاً للحصول على حصةٍ في شركة تصنيع بسكويت مملوكة للجيش.

 

وقال شخص مطلع على المفاوضات للصحيفة: "القطريون لديهم استعداد لضخ المال، لكنهم يريدون استثماراً ذكياً يُدرّ المال أيضاً، أو يبلغ نقطة التعادل في حالات نادرةٍ على الأقل. ولن يرموا أموالهم ببساطة.. بل يحاولون العثور على الفرصة المناسبة".


ونقلت "فايننشال تايمز" عن مصرفي ثان قوله: "هناك حالة من الانزعاج والإحباط التام في السعودية، حيث يقولون: هل يظن المصريون أنه من السهل خداعنا لهذه الدرجة؟.. هم يريدون رؤية إصلاحات حقيقية ووضع خطة إصلاح هيكلية".


وكان وزير المالية السعودي محمد الجدعان قد أوضح نهج الرياض في تقديم المساعدات من قبل، عندما قال خلال المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس في شهر يناير الماضي: "اعتدنا تقديم منح ومساعدات مباشرة دون شروط. لكننا نغيّر ذلك الآن. نحتاج لرؤية إصلاحات، ونحن نفرض الضرائب على شعبنا. لهذا نتوقع من الدول الأخرى فعل الأمر نفسه".


ودخلت مصر في أزمة، العام الماضي، بعد أن سحب مستثمرو السندات الأجانب نحو 20 مليار دولار من الديون المصرية في وقت قريب من الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي، وسط مخاوف بشأن تأثير الحرب على الأسواق الناشئة.


وخسرت العملة المصرية نحو 35% من قيمتها مقابل الدولار منذ موافقة مصر على الانتقال لسعر صرفٍ أكثر مرونة، وذلك بموجب صفقة صندوق النقد الدولي الموقعة في أكتوبر.


وحددت مصر 32 شركة من شركات القطاع العام التي تخطط لفتحها أمام مساهمة القطاع الخاص، لكنها لم تُعلن عن تحقيق أي مبيعات كبيرة منذ توقيع صفقة صندوق النقد الدولي.

وتدخلت دول خليجية لدعم مصر، إذ ضخت عشرات المليارات عبر قنوات مختلفة، لكن في الأشهر الأخيرة تحول الاتجاه نحو سياسة ربط الاستثمارات المالية بإصلاحات هادفة وجهود لتحقيق الاستقرار للعملة المصرية.