أكدت صحيفة واشنطن بوست، إنّ الفوضى التي تعمّ السودان (المعارك التي اندلعت لليوم السادس على التوالي) حالياً يقف وراءها صراعٌ عالميّ أوسع على السلطة.
وقال التقرير إن الفوضى في السودان يغذّيها جزئيًا لاعبونَ خارجيون. تمّ دعم النظام المؤقت الذي يهيمن عليه البرهان وحميدتي بمليارات الدولارات من التمويل الإماراتي والسعودي. وعزّزت مصر دعمَها لقوات البرهان، بينما طوّرت روسيا عبر مرتزقة فاغنر، علاقات واتصالات واضحة مع قوات حميدتي.
وأشارت الصحيفة الامريكية إلى أن قوى إقليمية مختلفة تتطلع إلى ساحل البحر الأحمر السوداني بما في ذلك روسيا، التي لديها اتفاق محتمَل قائم لإنشاء قاعدة بحرية في السودان من شأنها أن تمنحَ موسكو طريقًا إلى المحيط الهندي.

وأضافت أن "الإمارات العربية المتحدة التي تأمل في حماية مصالحها الإستراتيجية طويلة الأمد في السودان، بما في ذلك القدرة على إبراز قوتها العسكرية والاقتصادية في اليمن والقرن الأفريقي من المواني والمنشآت الأخرى هناك.

ونقلت عن خبراء، إمكانية أن يتحول القتال الآن إلى صراع طويل الأمد، حيث يخشى كثيرون من أنّ الحرب قد تجرّ الرعاة الإقليميين والجيران مثل تشاد ومصر وإريتريا وإثيوبيا. في النهاية، لا أحد يعرف ما إذا كانت قوات الدعم السريع أو الجيش سيهزمان الآخر، لكن سعيهما قد يقلب المنطقة رأساً على عقب.

روسيا والإمارات
وفي ديسمبر 2022، وبالتزامن مع الاتفاقية الإطارية للسودان، وقعت الإمارات والسودان اتفاقية بقيمة 6 مليارات دولار لشركتين إماراتيتين لبناء ميناء جديد على ساحل البحر الأحمر السوداني.

وقال تقرير الصحيفة إن قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي تسيطر على الجزء الأكبر من مناجم الذهب المربحة في السودان، والتي منحته خطاً مستقلاً واضحاً للتمويلِ تغذّيه تجارةٌ غير مشروعة للخام المهرَّب التي يقول محللون إنها تشقّ طريقها عبر الإمارات إلى أيدي روسيا.

وأضافت أن محللين غربيين يخشون توسّع نفوذ فاجنر، التي أقامت علاقات مع أنظمة التخطيط للانقلاب في مالي وبوركينا فاسو، ونفّذت عمليات لمكافحة التمرد في جمهورية إفريقيا الوسطى. وحذّر المسؤولون الفرنسيون، على وجه الخصوص، من نفوذ الكرملين المتزايد في منطقة الساحل المضطربة.

ونقلت عن خلود خير، المحللة المقيمة في الخرطوم: "عالم ما بعد الغزو الأوكراني وضعت علاقة حميدتي الأكثر وضوحًا مع مجموعة المرتزقة الروسية فاجنر في مرمى نيران المكائد الدولية عبر منطقة الساحل".

 

وضع القاهرة

وكشفت الصحيفة أن احتمالية القضاء على حميدتي فرصة جيدة للغاية للقاهرة لا يمكن تفويتها، والتوقيت مناسب مع اندماج الاهتمام الغربي حول وقف تأثير الدومينو الناجم عن إدارة المستعمرات الفرنسية السابقة ظهورها لباريس لصالح موسكو.

وأضافت أن مصر، التي دعمت في السنوات الأخيرة المبادرات الإقليمية السعودية والإماراتية، هي من المؤيدين الأكثر وضوحًا للبرهان، الذي تعتبره القاهرة حصنًا للاستقرار وحليفًا محتملاً في الخلافات الجيوسياسية مع إثيوبيا حول بناء سدٍّ كبير على النيل.

ومنذ الإثنين أعلنت قوات حميدتي احتجاز مجموعة من الجنود المصريين المنتشرين في السودان، وهي خطوة تخاطر بتوسيع دائرة الصراع.

وحثّت مجموعة من الحكومات الأجنبية، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، على وقف الأعمال العدائية. لكنّ كلا الجنرالين تعهّدا بسحق الآخر وإظهار القليل من علامات التراجع.

وعن نفوذ الدول الغربية قالت إنه نفوذ ضئيل الآن، والسودان في عزلة كبيرة منذ استيلاء حميدتي والبرهان على السلطة في انقلاب عام 2021 أنهى حكومة مدنية لم تدم طويلاً، وأن ديون الدولة السودانية يجعلها بحاجة ماسّة إلى عشرات المليارات من الدولارات لدعم اقتصادها المحتضر، لكنّ الصفقات غير مرجّحة طالما ظلّ الرجلان في السلطة ويتقاتلان بعضهما.

وانهار اقتصاد السودان بعد حصول الجنوب الغني بالنفط على الاستقلال في عام 2011، وغذى التضخم المفرط احتجاجات الشوارع المتكررة.